عادي
أحداث «أرض» تدور عام 2156

ستيفانو بيني.. روائي إيطالي يسكن المستقبل

23:47 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

كتاب كثيرون مشغولون بما سيحدث غداً في العالم، ومن هؤلاء الكاتب الإيطالي ستيفانو بيني الذي أصدر عدة روايات منها روايته «أرض» التي ترجمت إلى عدد كبير من اللغات فور صدورها، وتدور أحداثها في عام 2156 حيث كانت الأرض مملوءة بالحروب النووية، التي زادت ضراوتها بسبب أزمة الطاقة، فأصبح الكوكب منهكاً على حافة عصر جليدي جديد، تتنازع الهيمنة عليه عدة أنظمة.

في الوقت نفسه على الأرض القديمة يتم اكتشاف انبعاث للطاقة في منتهى الغموض في مكان أثري مضت عليه آلاف الأعوام، ويتحول السفر في الفضاء إلى رحلة في الماضي، وحيث سادة الحرب وتكنولوجيا الكمبيوتر يمضيان جنباً إلى جنب الساحرات والنقوش الهيروغليفية التي مضى عليها عشرة آلاف سنة، وتتزاوج فيها البسمة مع التشويق باقتدار وأسلوب سلس.

ذاكرة الناس

أما رواية «باول» لبيني فلها عنوان فرعي هو «ليلة هادئة للنظام» وتعتبر إعادة صياغة لرواية 1984 لكن في شكل فكاهي ساخر، ونبرة إيطالية ظاهرة وفيها نجد نظاماً ديكتاتورياً يحكم إيطاليا في المستقبل، ويتحكم رئيس هذا النظام في عقول الشعب ويتلاعب بها من خلال معلومات تخضع لسيطرته تماماً، فيشكل على مزاجه الخاص هذه العقول بل ذاكرة الناس أيضاً.

إلى جوار الرواية كتب بيني القصة القصيرة، ويأتي على رأسها مجموعات القصص القصيرة التي تحمل عنوان «الدمعة الأخيرة» وترجمها إلى العربية الدكتور حسين محمود، وهي مجموعة صور لعالم في المستقبل، لكنه يتمتع بمصداقية غير عادية، أي أنه عالم خيالي قابل للتصديق، فنجد فيه مثلاً قصة عن حكم بالإعدام تنقل أحداث تنفيذه على الهواء مباشرة بواسطة قنوات التليفزيون الموحدة، يتابعها أفراد أسرة المحكوم عليه، بتعليقاتهم التي تهتم بالشهرة التي يجنيها المحكوم عليه بظهوره في التليفزيون أكثر من اهتمامها بمصيره. تستعرض المجموعة التي تضم 27 قصة بأسلوب يجمع بين الخيال العلمي والسخرية شخصيات متعددة الأطياف وتكشف بعنف عن مدى بشاعة المستقبل إذا استمسك العالم بزيف الواقع الحالي، ويحكي بيني في هذه المجموعة عن المنتصرين الظالمين والمتسلقين والمتطفلين والفاسدين ونزواتهم، حتى ماكينات الصرف الآلي تحولت إلى شخصيات تستطيع أن تتعرف إلى شخصيتك وتورطك في مؤامرات فساد.

يستلهم الكاتب الواقع الإيطالي، ويعالج على نحو خاص ظواهر اليمين الجديد والهوس الإعلامي الذي يفسد الحس الثقافي الحقيقي وهو في أسلوبه القصصي لا يتورع عن شيء لكي يقدم لنا ضحكة صادمة أو دمعة ساخرة، دمعة أخيرة تؤمن بقدرة القلم والخيال على المقاومة والتغيير.

تجديد
يتميز بيني بأنه محلل اجتماعي من الدرجة الأولى، وتبرز الديكتاتورية في أعماله كموضوع أول يهوى معالجته، والديكتاتورية عنده هي السلطة المطلقة حتى لو كانت هذه السلطة هي التليفزيون أو وسائل الإعلام بشتى أنواعها، وقبل هذا ينبغي الإشارة إلى أن بيني ينتمي إلى طائفة الكتاب الذين لا يركنون إلى السائد والتقليدي، وإنما ينزعون إلى الجديد والمبتكر، ولديهم الشجاعة الكافية لمواجهة الظواهر المستحدثة في المجتمع، خاصة الظواهر غير المتوقعة، ولديه القدرة على الترفع عن الواقع والنظر إليه من منطقة أعلى وأكثر حياداً وأوسع أفقاً.

يختار الكاتب أبطاله دائماً من الشباب، دون العشرين، بل حتى الأطفال، ورغم هذا فإن رواياته مليئة بالمواقف الدرامية التي قد لا تتوقعها، من أبطال دون العشرين، والتيمة الأخرى المفضلة لديه هي السياسة، وهو ليس مهتماً بالسياسة لذاتها، وإنما كوسيلة يقوم من خلالها بالتحليل الاجتماعي على الساحة الإنسانية.

ينتمي بيني إلى اليسار الإيطالي، لكنه لا ينتمي إلى حزب بعينه، وإنما إلى أكثر طوائف اليسار قدرة على ممارسة النقد الذاتي والسخرية من أنفسهم قبل أن يسخروا من خصومهم، والذين يهتمون بالقضايا والمشاكل أكثر من اهتمامهم بالهياكل والكتب الجامدة التي تصل إلى حد التقديس. ولد ستيفانو بيني عام 1947 وصدر كتابه الأول «مقهى الرياضة» عام 1976 ومنذ ذلك الحين تتراوح أعماله بين الرواية والقصة والشعر والمسرح والسينما، وهو من الكتاب غزيري الإنتاج.

تمثل الأمل الوحيد للإنسانية المعذبة في الإعلان عن كوكب جديد يمكن السكن فيه، وقد اكتشفه مستكشف فضائي اختفى في ظروف غامضة، وفي مناخ التآمر الدولي انطلقت سفن الفضاء لغزو الكوكب الجديد، الذي لا يزال بكراً، وقد تصارعت في ما بينها في رحلة تستهدف التحكم في مستقبل الجنس البشري، والسفن الثلاث التي سافرت سوف تفوز إحداها وتصل إلى الهدف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycynrc3n

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"