عادي

سلمى الجيوسي.. عميدة الأدب العربي

20:20 مساء
قراءة 3 دقائق
سلمى الجيوسي

الشارقة: عثمان حسن

تعد الأديبة والمترجمة الفلسطينية التي رحلت منذ أيام قليلة سلمى الخضراء الجيوسي من أبرز الشخصيات الثقافية في العصر الحديث، فهي من أوائل المشتغلين في الحقل الأدبي والفكري، وتعد رائدة من رواد ترجمة الأدب العربي في الشعر والرواية والنقد، ومن أوائل من نقلوا منتخبات من الأدب العالمي إلى القارئ العربي.

لقبت الجيوسي بأوصاف كثيرة، فقد أطلق عليها لقب «عميدة الأدب العربي» ولقب «مؤسسة ثقافية»، وقد كتب عنها المستعرب الألماني ستيفان سبيرل، أستاذ الأدب العربي في جامعة لندن: «لقد تأثرت كثيراً بقدرة الجيوسي على رؤية ما وراء الأسباب والانقسامات والادعاءات وتمييز الصوت الداخلي الحقيقي في نص أدبي، هذه القدرة الاستثنائية هي بمنزلة حساسية متعددة الأوجه في صميم جميع مساهماتها الثقافية، ما يجعلها واحدة من دعاة الإنسانية في عصرنا».

وحين تذكر الجيوسي، فإننا نقف أمام شخصية ثقافية مبدعة كان لها فضل كبير في إبراز الصورة المشرقة للأدب العربي من خلال ما بذلته من جهد كبير في مواجهة المركزية الغربية، وفي هذا السياق، فقد كانت على اطلاع بالثقافة العربية التي كان لها دور كبير في نهضة الغرب، وانطلقت من إيمانها بقوة الثقافة في التعبير عن الهوية الوطنية، فقد كانت عارفة ببواطن الثقافة الغربية المغرضة التي كانت تسعى إلى تشويه صورة الآخر تحت مسمى «المركزية الغربية».

شعرت الجيوسي بالفزع لأن القليل من الأعمال الأدبية العربية المترجمة إلى الإنجليزية قدمت بمنهجية ضعيفة، وقد أغضبها أن جيلها الذي نشأ خلال الانتداب البريطاني الفلسطيني، ليس لديه أي وعي على الإطلاق بالثقافة والفولكلور العربي الغني، فقامت منذ مطلع الستينات بترجمة أعمال أدبية رصينة إلى الإنجليزية، وفي ذات السياق نقلت الكثير من الأعمال الشعرية والأدبية من الإنجليزية إلى العربية، بينها: كتاب لويز بوغان الإنجاز في الشعر الأمريكي، 1900-1950، رالف بارتون بيري إنسانية الإنسان (1961)، شعر وتجربة أرشيبالد ماكليش (1962)، ورباعية الإسكندرية للورنس دوريل.

في عام 1980، أسست الجيوسي مشروع الترجمة من العربية (بروتا) بهدف نقل الثقافة العربية إلى العالم الأوسع، بدأ المشروع في 1979 بعد أن تلقت دعوة من كلية بارنارد بجامعة كولومبيا لإلقاء المحاضرة العامة السنوية، وطلب منها مدير مطبعة جامعة كولومبيا العمل مع طاقم العمل لنشر مختارات باللغة الإنجليزية عن الأدب العربي الحديث. ألهمها هذا التعاون في عام 1980 لإطلاق مشروعها الخاص للترجمة الذي يهدف إلى تقديم الثقافة العربية للعالم الناطق باللغة الإنجليزية.

وتابعت الجيوسي عن كثب تقدم «بروتا» مع عشرات المترجمين والمحررين والباحثين في العالمين الغربي والعربي، فأنتجت موسوعات عن الحضارة العربية والإسلامية ومختارات من الروايات والمسرحيات والحكايات الشعبية والروايات. كما نشرت ترجمات شعرية مهمة لشعراء عرب مؤثرين مثل: نزار قباني ومحمد الماغوط وأبو القاسم الشابي.

في عام 1984 تمت دعوة الجيوسي لحضور مؤتمر بالسويد، فألقت محاضرة بعنوان «الشعر العربي والسويدي.. نقاط التشابه والاختلاف»، وهناك التقت بالشاعر السويدي أوستن سيوستراند رئيس اللجنة الفنية في أكاديمية ألفريد نوبل. في ربيع عام 1985، دعتها الأكاديمية السويدية لإعداد دراسة حول الأدب العربي وإمكانية حصول الكتاب العرب على جائزة نوبل، وعندما فاز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للأدب عام 1988، دعتها الأكاديمية إلى استوكهولم لحضور حفل توزيع الجوائز تقديراً لدورها.

*مختارات أدبية في 1989، أنجزت الجيوسي مختارات من الأدب العربي الحديث، في 600 صفحة، لنحو 95 كاتباً من السعودية واليمن والجزيرة العربية وتضمن 150 قصيدة وأكثر من 40 قصة قصيرة ومسرحية ومقتطفات من رواية، وصدر الكتاب في لندن.

في عام 1990، أسست الجيوسي مشروعها الثاني، الرابط بين الشرق والغرب، وركز على الثقافة العربية والإسلامية وقدم باللغة الإنجليزية ليكون متاحاً أمام الأكاديميات والمراكز والفعاليات الأدبية في الغرب، ومن أجل محاربة ودحض الأطروحات الخطأ أو النمطية عن الثقافة العربية. بدأ ذلك بكتاب واسع النطاق عن الثقافة العربية الإسلامية في الأندلس أو إسبانيا المسلمة، بعنوان «تراث إسبانيا المسلمة» 1992، والذي حررته وحظي بترحيب حار في الأوساط الأكاديمية، وقد استقبل عمل آخر لها تحت عنوان (حقوق الإنسان في الفكر العربي: 2009)، بذات الترحيب، والكتاب كشف مدى الاهتمام بالتراث العربي في القضايا التي لها علاقة بحقوق الإنسان قبل فترة طويلة من اهتمام الغرب بالموضوع.

*جوائز حصلت الجيوسي على جوائز ثقافية عديدة بينها: جائزة شخصية العام الثقافية للدورة 14 من «جائزة الشيخ زايد للكتاب» 2020، جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي عن مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية 2007، جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة 2008، وسام الثقافة والعلوم والفنون الفلسطيني 2019، وسام القدس للثقافة والفنون والآداب 1990 وغيرها.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/wxrx4ud2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"