عادي
قراءات

شعراء غربيون على سجادة القصيدة

23:08 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

يضم كتاب «سجادة القصيدة... منتخبات شعرية» ترجمة وتقديم الناقد صبحي حديدي، منتخبات شعرية لكل من إزرا باوند، وأنا أخماتوفا، وجورج سيفيريس، وياروسلاف سيفيرت، وصمويل بيكيت، ودريك ولكوت، ولويز غلوك، وريتا دوف، وأغلبهم فاز بجائزة نوبل في الأدب. وقد استعار حديدي عنوان كتابه من الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف الذي كان يرى أن ترجمة الشعر أشبه بقلب سجادة نفيسة على قفاها.

يبدأ الكتاب بترجمة نصوص للشاعر الأمريكي إزرا باوند، لكننا نبدأ الحديث عن ريتا دوف التي حصلت في عام 1987 على جائزة بوليتزر للشعر، فكانت بذلك ثاني من يحصل عليها من الأديبات والأدباء الأفرو أمريكيين منذ عام 1950 حين نالت الجائزة شاعرة سوداء هي غويندولين بروكس، وفي عام 1993 سميت دوف «أميرة شعراء أمريكا» فكانت هذه المرة أول من يحظى باللقب من الأديبات والأدباء السود على امتداد تاريخ الولايات المتحدة.

«أليس الأمر أوضح دليل على طبيعة السياسة الثقافية في هذا البلد؟» تساءلت ريتا دوف آنذاك كأنها تشدد على خط قديم جديد في نسيج موضوعاتها الشعرية: علاقات الأسود والأبيض، غير أنه لم يكن في وسع الولايات المتحدة أن تدفع اللقب بعيداً عن ريتا دوف بعد أن حصل عليه أمثال جوزيف برودسكي ومارك ستراند.

يرى حديدي أن دوف كانت تستحق الإمارة بامتياز وجدارة خصوصاً أن شعرها متورط في وعي وطأة التاريخ على الوجدان الأمريكي حين ينفصل إلى أبيض وأسود، وأن مقاربتها في استعادة جذور الذاكرة الجمعية السوداء بدأت من إدراك المحلي، وانتقلت إلى الإنساني، وتتسع اليوم لتشمل الكوني.

وفي الجزء المخصص لترجمة قصائد إزرا باوند يشير حديدي إلى نقطة إشكالية وهي: هل يمكن للشعر أن يعبر عن آراء شريرة مثل تأييد الفاشية؟ السؤال نتاج حياة باوند الذي فاز في عام 1949 بجائزة أمريكية مرموقة، وكان آنذاك شخصية إشكالية ومثيرة للجدل والخلاف على الأصعدة الجمالية، والنقدية، والأخلاقية.

وزاد في جسارة القرار وحساسيته أن الجائزة مُنحها الشاعر عن مجموعة القصائد التي عرفت باسم «أناشيد بيزا» التي كتبها أثناء فترة احتجازه في برج بيزا على أيدي القوات الأمريكية في إيطاليا، التي اعتقلته بتهمة الخيانة العظمى.

كان باوند شاعراً من طراز فريد، فيما يخص مهارات كتابة الشعر، ومهارات التجريب والتنظير له، فضلاً عن مكانته كناقد مثقف متمرس، لم يكن واحداً من أعظم شعراء الإنجليزية في مطالع القرن الماضي (الأيرلندي ييتس) يترد في تسليمه قصيدته ليعمل فيها ما شاء من تصحيح وحذف وتبديل، وهو حال شاعر كبير آخر هو إليوت الذي عهد إلى باوند بقصيدته الأكثر شهرة «الأرض اليباب» وكيف انتهى إلى ما نعرف.

طوّر باوند مجموعة كبيرة من الأشكال الشعرية، وفي الكثير من الأعمال النقدية التي كتبها تعليقاً على الشعر والشعرية، ورغم ما يعاب عليه من تعاطف مع الأنظمة الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية فإن غالبية دارسيه وقرّائه يُقرون بامتلاكه روح المفكر الراديكالي اللامع الذي أسبغ حيوية كبيرة على الأدب المعاصر من خلال جملة التحديات التي طرحتها أشعاره، وكتاباته، وآراؤه النقدية.

كانت أنا أخماتوفا شاعرة صبية اقتحمت أوساط الأدب الروسي المتصارعة وهي لا تتجاوز 23 سنة بمجموعة أولى حملت عنوان «مساء» بطبعة لا تتجاوز 300 نسخة، سوف تتبعها بعد سنتين فقط بمجموعة ثانية تحمل عنوان «مسبحة» واعتبرها أحد النقاد: «شاعرة اليتامى والأرامل، سيدة القصيدة التي تتغذى على أحاسيس الفقد، والفراق، والضياع». وقد أصاب هذا النوع من القصائد مسؤولي الثقافة بالدهشة ثم الحيرة في التفسير، الأمر للذي أفضى إلى الحل السهل، وهو مصادرة القصيدة.

بلغ الأمر باللجنة المركزية للحزب الشيوعي أن أصدرت قراراً بمنع صحيفة البرافدا من نشر قصائد أخماتوفا، وكانت النتيجة استبعاد الشاعرة والتزامها الصمت بين عامي 1925 و1940 وصولاً إلى سنة 1950 حين نشرت قصيدتها الطويلة الشهيرة «قداس جنائزي» بتأثير أجواء الانفتاح التي أشاعها خروتشوف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2vcbnybe

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"