عادي

إليزابيث لو برون تخطف القلوب بأمومة «ماري أنطوانيت»

17:56 مساء
قراءة 4 دقائق
لوحة «ماري أنطوانيت وأطفالها»
إليزابيث لو برون
الشارقة: عثمان حسن
الفنانة الفرنسية إليزابيث لو برون (1755 – 1842) من أشهر فنانات القرن الثامن عشر على الإطلاق، تميز أسلوبها بانتمائه إلى الروكوكو بعناصر من الطراز الفني الكلاسيكي، لمع اسمها في أوساط مشاهير الفن والأدب الأرستقراطيين في أوروبا كلها، كواحدة من الفنانات الشهيرات، وقد عرفت على نحو خاص بتقديمها عدة بورتريهات لماري أنطوانيت ملكة فرنسا وزوجة الملك لويس السادس عشر، ووالدة الأمير الصغير لويس السابع عشر، والأميرة ماريا تيريزا.
في الوقت الذي كانت فيه إليزابيث لو برون في سن المراهقة المبكرة، كانت ترسم وباحتراف لافت العديد من الرسومات، وبعد الاستيلاء على الاستوديو الخاص بها لممارستها الرسم بدون ترخيص، تقدمت بطلب إلى أكاديمية سانت لوك، التي عرضت أعمالها في صالون الأكاديمية، في عام 1774، أصبحت عضوة في الأكاديمية، وبعد سنتين تزوجت من جان بابتيست بيير لو برون، رسام وتاجر فنون. بدأت في عرض أعمالها في منزلها في باريس، وفندق لوبيرت، ومنحتها تلك الصالونات فرصة التواصل والاحتكاك مع الجمهور والنخب الفنية.
في عام 1781، قامت هي وزوجها بجولة في هولندا، حيث ألهمتها مشاهدة أعمال الأساتذة الفلمنكيين لتجربة تقنيات جديدة في الرسم. كانت صورتها الذاتية مع قبعة القش (1782) تقليداً للرسم الحر بأسلوب بيتر بول روبنز، كما ظهرت التأثيرات الهولندية والفلمنكية في عدد آخر من لوحاتها.
في عام 1787، تسببت واحدة من رسوماتها في فضيحة عامة، وذلك عندما عرض أحد الصالونات الفنية صورتها الذاتية مع ابنتها جولي وهي تبتسم بفم مفتوح، وهو ما كان مخالفاً لتقاليد الرسم في حينه، وهو الذي شكل سابقة كانت محل نقد من قبل الوسط الفني.
غادرت فرنسا في جولة أوروبية، إلى إيطاليا والنمسا وبروسيا وجنيف، وفي طريق العودة إلى موطنها، قوبلت بترحاب كبير من قبل الوسط الفني، كما حرصت العديد من الصالونات والأكاديميات على التقرب منها واستضافتها في عدة مناسبات، وفي هذه الفترة حوالي 1807 سافرت إلى سويسرا ومرة أخرى في 1808، وفي جنيف، تم تعيينها عضوة فخرية في أكاديمية الفنون.
انتخبت لو برون في أكاديميات الفنون في عشر مدن أوروبية، واعتبرها بعض الفنانين المعاصرين المشهورين، مثل جوشوا رينولدز، واحدة من أعظم رسامي البورتريه في عصرها، وتمت مقارنتها بالأساتذة الهولنديين القدامى.
*نشاط
رسمت لوي لوبرون 660 بورتريه و200 منظر طبيعي ومجموعات فنية خاصة، ولوحاتها مملوكة للمتاحف الكبرى، مثل متحف اللوفر في باريس، ومتحف هيرميتاج في سانت بطرسبرغ، والمعرض الوطني في لندن، ومتحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، والعديد من المجموعات الأخرى في أوروبا والولايات المتحدة.
بين عامي 1835 و1837، نشرت مذكراتها في ثلاثة مجلدات، واحتوت على العديد من الصور والنصائح لرسامي البورتريه الشباب.
«ماري أنطوانيت وأطفالها».. واحدة من أشهر رسومات إليزابيث لو برون، التي أنجزتها في 1787، وأنطوانيت كانت في حينه ملكة فرنسا، واللوحة معروضة اليوم في قصر فرساي.
تظهر اللوحة ماري أنطوانيت وهي ترتدي ثوباً مخملياً باللون الأحمر مع بطانة من السمور، يجلس ابنها الأصغر، الذي عرف لاحقاً باسم لويس السابع عشر على حجرها، وتتكئ ابنتها ماري تيريز على ذراعها، أما ابنها الأكبر لويس جوزيف، فظهر قريباً من المهد الفارغ، المخصص لابنتها الصغرى، صوفي بياتريس، التي توفيت قبل اكتمال اللوحة.
اللوحة مليئة بالرمزية، أما تكوينها العام فمستوحى من صور عصر النهضة، خلف ماري أنطوانيت تظهر قاعة مرايا فرساي، والفستان الذي ترتديه ماري أنطوانيت يذكر بالبولندية مارينا ليسزينيسكا (1703 - 1768)، والتي لقبت بملكة فرنسا بعد زواجها من الملك لويس الخامس عشر في 4 سبتمبر 1725.
تظهر في اللوحة خزانة مجوهرات على اليمين، وفي هذه الإشارة الرمزية تأكيد على صورة ماري أنطوانيت كأم، حيث تظهر في الرسم وهي تحتضن أولادها برفق فوق الاهتمامات المادية كالمجوهرات، وعناصر الموضة.
تستحضر اللوحة بحسب خبراء الفن قصة الرومانية كورنيليا، والتي اشتهرت بقولها مرة (أطفالي هم مجوهراتي).
*مجموعة فرساي
كانت اللوحة هي الأبرز في سيرة الفنانة إليزابيث لو برون، وهي واحدة من أكثر الأعمال رمزية في مجموعة فرساي، وهي معروفة لمعظم الناس في فرنسا، وقد تم استنساخها عشرات المرات، بسبب إلحاح الجمهور على مشاهدة اللوحة، حيث تهافتت المعارض الخاصة والجاليريات في حينه على عرضها في مناسبات عديدة، وأكثر من ذلك، فقد استنسخت اللوحة لتظهر في كتب التاريخ المدرسية، وصارت مألوفة لكل طفل فرنسي، وكانت بحق بمثابة تحفة فنية في فن البورتريه، وتعتبر اليوم واحدة من أهم الكنوز الوطنية في فرنسا. وصفتها أمينة المتحف الوطني لقصر فرساي بقولها: «هذه لوحة أيقونية، وهي إحدى أشهر أعمال فرساي وأكثرها رمزية».
في يوليو 1785، تلطخت سمعة ماري أنطوانيت بسبب قضية العقد الماسي، وأن الملكة ترغب بشراء عقد ماسي بالتقسيط بمبلغ 1600000 ليرة في حينه، وعلى الرغم من التزوير وعدم مشاركة الملكة الشخصية في القضية، انقلب الرأي العام ضدها. وهذه القضية لفقتها الكونتيسة دو لاموت بالاتفاق مع امرأة انتحلت شخصية ماري أنطوانيت وأيضاً بالاتفاق مع الكاردينال دو روان، هذا الأخير كان يرغب بالحظوة عند الملكة، وكانت قضية «العقد الماسي» قد أنزلت أكبر الضرر في بلاط الملك لويس السادس عشر، وشوهت صورته وصورة زوجته ماري أنطوانيت قبيل اندلاع الثورة الفرنسية، وكانت في رأي نابليون بونابرت أحد أسباب الثورة الفرنسية.
ترافقت هذه الفضيحة -بحسب النقاد- مع ظهور الملكة في رسم لإليزابيث لو برون في 1783 يظهر ماري أنطوانيت بثوب قطني أبيض بسيط غير رسمي، وهذا أدى إلى صخب العامة، فكيف تظهر الملكة بثياب غير رسمية؟ بل كيف تقرر الملكة أن تظهر على هذا النحو؟
جاءت اللوحة الجديدة، لامتصاص غضب العامة، وتظهر ماري أنطوانيت مع أطفالها في محاولة منها لتحسين صورة الملكة وجعلها أكثر ارتباطاً بالعائلة والشعب، وعلى أمل مواجهة الصحافة الغاضبة والأحكام السلبية التي تلقتها الملكة مؤخراً.

.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yvbr7t5j

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"