تطرف وعنصرية مدمّرة

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تتمادى الأصوات المتطرفة داخل الحكومة الإسرائيلية في تجاهل كل النداءات الدولية للتعقل وخفض التصعيد وعدم جر المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف. فوتيرة الاعتداءات على منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم في قرى الضفة الغربية المحتلة مستمرة وتزداد حدة، وبعد استهداف قرية ترمسعيا، ومن قبلها بلدة حوارة، جاء الدور على قرية أم صفا شمال رام الله، بالتوازي مع إعلانات رسمية عن مصادرة مزيد من الأراضي لتوسيع الاستيطان.

وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بلغ أوج السعار العنصري عندما دعا صراحة إلى قتل مئات آلاف الفلسطينيين، وتدمير بيوت الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهذا الرجل مثل رديفه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي أوكلت إليه حكومة بنيامين نتنياهو مهمة اتخاذ القرارات بشأن التمدد الاستيطاني. وقد تمّ اتخاذ هذه الخطوة دون أي اعتبار لتداعياتها على العلاقة مع الفلسطينيين؛ كونها ستدمّر أسس السلام المفترض بين الجانبين، فضلاً عن أنها ستدفع إسرائيل إلى «عزلة دولية غير مسبوقة»، بحسب ما يعترف به بعض الإسرائيليين أنفسهم، ووفق ما تترجمه انتقادات دولية لهذا المسار.

 وحتى الأمريكيون الذين يقفون دائماً في صف تل أبيب لم يتوانوا عن توبيخ حكومة نتنياهو، بل هناك قطيعة شبه رسمية لمسؤوليها؛ بسبب تصرفاتهم المهددة للمسارات السلمية المفترضة لحل الصراع مع الفلسطينيين، بينما أعربت الأمم المتحدة عن خشيتها من خروج الأوضاع عن السيطرة في الضفة الغربية، فما يقوم به المستوطنون المتطرفون من استفزازات، آخرها تدنيس القرآن الكريم في مسجد عوريف جنوبي نابلس، كلها وقود لتصعيد قد ينفجر في أية لحظة، ولا يمكن احتساب مداه وتداعياته.

الوضع في الأراضي الفلسطينية يقف على حافة الهاوية، وربما لم تعرف هذا التدهور منذ اتفاقيات أوسلو ونشوء السلطة الوطنية وما رافق ذلك من وعود وتعهدات بإقامة الدولة المستقلة، لكن الزمرة المتطرفة في إسرائيل تعمل على نسف كل تلك الأسس ولا تؤمن بحل الدولتين، بل إن الخطاب العنصري عاد إلى أيام النكبة الفلسطينية من خلال التحريض على إحراق القرى والمزارع وقتل المدنيين وتهجيرهم. وهذا السلوك ليس مجرد خطاب، وإنما أصبح سياسة عملية يجري تنفيذها بتسريع بناء الوحدات الاستيطانية، والتخطيط لبؤر أخرى في كل الأراضي والمناطق الحيوية لمستقبل الدولة الفلسطينية إذا قدر لها أن تقوم في يوم من الأيام.

بقاء إسرائيل رهينة هذا النهج العنصري المدمر لن يجلب لها الأمن والاستقرار الذي تتوهم أنها ستحققه بالغطرسة والقوة. وإذا أرادت أن تعيش بأمن وسلام فعليها أن تعترف بحق الفلسطينيين في الوجود وأن يكون لهم دولة ومستقبل على أرضهم التاريخية. أما محاولات شطب الحقائق والسطو على التاريخ فطريقها قصير. ومن ينهج هذه السياسة سترتد عليه في مرحلة ما، وعندها لن يفيده شيء. وهذا ما سيكون مصير إسرائيل إذا لم تتدارك مسارها الحالي، وتكبح النعرة العنصرية، وتعود إلى الالتزام بالثوابت والأخلاق ومبادئ القانون الدولي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/knpeaycz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"