نتنياهو وشطب الدولة الفلسطينية

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

ليس جديداً أن يدعو رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى شطب الدولة الفلسطينية، فهو وحكومته اليمينية المتطرفة لا يعترفان بوجود شعب فلسطيني في الأساس، فكيف بقيام دولة فلسطينية.

 كان لنتنياهو موقف مماثل عام 2016 في خطاب ألقاه في مستوطنة هار حوما التي أُقيمت على جبل أبوغنيم في القدس المحتلة، أكد فيه أنه «لن تقوم دولة فلسطينية تحت إشرافه»، وتعهد بتعزيز بناء المستوطنات، لأنها «وسيلة لمنع بيت لحم من الوصول إلى القدس»، كما أن وزير المالية الحالي، المسؤول عن إدارة الضفة الغربية بتسليئيل سموتريتش ادعى في إبريل/ نيسان الماضي، أنه «لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني».

 إن هذا النكران للشعب الفلسطيني، ولحقه في قيام دولته المستقلة على أرضه، هو جزء من أيديولوجيا الحكومة الإسرائيلية الحالية، المغرقة في تطرفها وعنصريتها، والرافضة لأي حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومن بينها قرلري مجلس، رقم (1515) للعام 2003 الذي يدعو إلى «إقامة دولتين جنباً إلى جنب، في حدود آمنة ومعترف بها»، والقرار رقم (1850) للعام 2008 الذي يؤكد أيضاً، قيام دولتين ضمن حدود آمنة ومعترف بها، ويشير إلى أهمية «مبادرة السلام العربية للعام 2002». وفي عام 2012 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على منح فلسطين صفة دولة غير عضو مراقب في الأمم المتحدة، وسمح هذا القرار برفع علم فلسطين في مقر الأمم المتحدة.

 ولأن إسرائيل لا تلتزم بالشرعية الدولية من جرّاء دعم الدول الغربية لها، فقد بقيت القرارات الدولية حبراً على ورق؛ بل تجاهلتها، ومضت قُدماً في تنفيذ سياساتها، القائمة على مزيد من الاستيطان، باعتباره السبيل الوحيد، لتقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية؛ وذلك من خلال مصادرة الأرض، وطرد السكان والتهويد.

 اللافت أن دعوة نتنياهو الجديدة إلى شطب الدولة الفلسطينية، تزامنت مع قرارات جديدة لحكومته، بتوسيع الاستيطان وتسهيله، وآخرها قرار بناء 5623 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، استكمالاً لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية التي أقرتها الحكومة سابقاً، وتحويل المستوطنات العشوائية إلى مستوطنات دائمة.

 إن دعوة نتنياهو إلى «قطع الطريق على تطلعات الفلسطينيين بدولة مستقلة لهم»، لا تتحقق إلا بتسريع وتيرة الاستيطان، ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، والتطهير العرقي، واستيراد آلاف المستوطنين الجدد إليها، بهدف خلق واقع ديموغرافي جديد من خلال تغيير التركيبة السكانية التاريخية للضفة الغربية.

 وإذا كان نتنياهو يعمل لمنع قيام دولة فلسطينية، لكنه من جهة أخرى يؤكد دعمه للسلطة الفلسطينية، لأنه «لا مصلحة لإسرائيل في انهيارها»، على أن تواصل عملها، لأنها «تحقق مصلحة إسرائيلية»، وهو مستعد أيضاً «لدعمها مالياً». أي إنه يريد سلطة فلسطينية تكون في خدمة إسرائيل، ووكيلاً أمنياً لها، وتعمل بالنيابة عنها ضد الشعب الفلسطيني.

 نتنياهو يكشف حقيقة نوايا حكومته الرافضة للشرعية الدولية والقانون الدولي، والتي لا تؤمن بالسلام، وتقوض كل الجهود الدولية للتوصل إلى حل سياسي عادل. وهذا الموقف يفرض على المجتمع الدولي، الالتزام بقراراته، وتجاوز مواقف الشجب والإدانة بمواقف جدية، تحمي فرص حل الدولتين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mpcyb9ds

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"