عادي
صيفنا ثقافة

إبراهيم مبارك: لم أكتب يوماً في المنزل

23:45 مساء
قراءة دقيقتين
ابراهيم مبارك

الشارقة: أشرف إبراهيم

قليلون من يطرقون باب الكلمة وهم يبحثون عن شكل مغاير في صياغتها، والقاص إبراهيم مبارك يفتح باب قلبه للسرد القصصي، فتكبر زاوية إبداعه بما يكفي لأن يحكي عما يريد بصورة مختلفة، وهو يغوص في دهاليز اللغة، وينتقي منها ما يشاء ليضفر أعماله في هدوء وتأن، ويفتح مجالاً لكتاباته بما تطمئن له روحه، إذ يعرف كيف يمسك باللحظة المناسبة التي تتشكل على ضفافها الفكرة، فيهجر كل ما حوله ليخلو إلى أوراقه، فينصب خيمته ويستدعى ذاكرته وساعتها يكتب بما يليق بمواعيد البوح، وينشد للحلم من دون مرواغة، فتنمو بين أوراقه رائحة الأرض التي ينتمي إليها بكل تاريخها الممتد في الزمان والمكان، هكذا يمارس الكتابة وهو متسلح بجذوره التراثية، وبوهج البحر الذي ولد بالقرب من شواطئه ورماله الدافئة، وهو في كل الأحوال متواصل مع القصة القصيرة التي ينتمي إليها لكونه من جيل الرواد في الإمارات الذين أسسوا لذاكرة عامرة بالتنوع القصصي وجماليات السرد.

في هذه الأيام يكتب كعادته القصص من دون التقيد بزمن أو إجهاد نفسه في البحث عن فكرة، فهو ممن يؤمنون بأنه لكي يبتكر الكاتب فعليه أن يترك لنفسه مساحة تتولد على أعتابها الفكرة، وهي تلح وتتشكل في العقل الباطن حتى يكون للكتابة طعم آخر من دون التقيد بإلزام النفس بضرورة نسج أعمال لم تكتمل أشكالها بعد في الذهن، إذ إنه يحب أن تتلبسه حالة الجنوح إلى الورقة والقلم في الوقت الذي تكتمل فيه المشاهد وتتراءى من دون استدعاء الأحداث، لذا فإن الكتابات القصصية التي يمنحها وقته حالياً تشكل له رصيداً من الأعمال التي يفكر حين يكتمل نصابها أن يضعها في كتاب.

وعن اللغة التي يكتب بها فهو يحب أن تكون مكثفة في كل أبعادها، خصوصاً أنه يؤمن بأن الكاتب لكي يصل إلى مستوى التكثيف في بناء جملته الأدبية فلا بد من أن يطور من نفسه، وأن يحشد خبرته اللغوية في التكيف مع واقع إبداعي متغير، وهو من الكتاب الذين يعنون في كتاباتهم بالجماليات الفارقة التي تتأسس في ضوئها ألوان من السرد الفارق في شكله وموضوعه.

وعن أثر البيئة في كتاباته فإنه على يقين بأن الكاتب ابن المكان الذي ولد فيه، لذا فإن للبحر أثره العميق في نفسه، إذ يستلهم منه الكثير في كتاباته، فضلاً عن عن تلك الظلال التراثية التي عاش في بهائها في منطقة أم سقيم، وأمدته بطاقة واسعة من الخيال، فهو يحب النخيل ويتناجى مع عناصر الحياة الطبيعية التي رسخت في نفسه جماليات المكان، وأتاحت له أن ينظر إلى فضاء الأمكنة بروح أدبية خالصة.

من جهة أخرى لم يعتد القاص إبراهيم مبارك على الكتابة قط في المنزل، رغم توافر الظروف والعناصر لهذا الأمر، فيذهب إلى المقهى وهو يحمل كتبه وأوراقه، فيطالع ما وسعه الوقت في أحد أركانه، إذ يقرأ نحو ساعتين كل يوم في مناحي ثقافية وإبداعية مختلفة، ومن ثم يكتب هناك أيضاً أعماله التي لا يفصح عنها إلا عندما تكون جاهزة للنشر، وفي سبيلها للقارئ.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4v8xtfnk

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"