عادي

«مقتل بريغوجين»..«طباخ الرئيس» يشغل العالم من جديد

23:09 مساء
قراءة 6 دقائق
ييي

الخليج - متابعات
تضاربت الأنباء بشأن مصير قائد مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة، ليفغيني بريغوجين، بعد تحطم طائرة، تابعة للمجموعة في منطقة تفير الروسية.
حيث أعلنت السلطات الروسية، أنّ طائرة ركّاب خاصّة على متنها 10 أشخاص تحطّمت، الأربعاء، في منطقة تفير، خلال رحلة داخلية بين موسكو وسان بطرسبورغ، مؤكّدة مقتل كلّ من كان على متنها.
وذكرت وكالة «تاس» الروسية، أن هيئة الطيران المدني الروسية تقول إن بريغوجين ضمن قائمة ركاب الطائرة.
وقالت وزارة الطوارئ الروسية في منشور على تطبيق تليغرام «كان هناك 10 أشخاص على متن الطائرة، من بينهم طاقم من ثلاثة أشخاص. ووفقاً للمعلومات الأولية، قضى كلّ الأشخاص الذين كانوا على متن الطائرة».
لكن وسائل إعلام أخرى أشارت إلى أن قائد فاغنر لم يكن على متن الطائرة التي قيل إنه تم إسقاطها عمدا، وإنما هو على متن طائرة أخرى تابعة للمجموعة تحلق في أجواء موسكو ومتجهة إلى المطار.
حادث غامض لم تتضح بعد أسباب الحادث الذي يأتي بعد تمرد بريغوجين في يونيو الماضي، وهل اسقطت الطائرة عمدا كما ذكرت بعض وسائل الإعلام، ومن أسقطها.. هل هو الجيش الروسي كرد فعل وعقاب شديد لقائد فاغنر على تمرده، أم أنها سقطت في حادث طيران عادي؟. والسؤال الأكثر إثارة للجدل هنا.. هل قتل «طباخ الرئيس بوتين» في حادث الطائرة.. أم أنه مازال حي يرزق يحلق في السماء في طائرة أخرى؟.
تمرد خطير

في 25 يونيو الماضي، انتهت أخطر 48 ساعة في تاريخ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بانتهاء التمرد المسلح الذي قاده رئيس مجموعة «فاغنر» العسكرية الخاصة يفغيني بريغوجين، باتفاق وساطة من الرئيس البيلاروسي ألكساندر لوكاشينكو، نص على أنه «بضمان شخصي من بوتين»، يتم نفي بريغوجين، المعروف بلقب «طباخ بوتين» إلى بيلاروسيا، بعد محاولته الفاشلة إطاحة القيادة العسكرية الروسية، وتحديداً وزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف، وبعد إعلانه التمرد على بوتين وعلى نظامه وسيطرته على مدينتي روستوف وفورونيج والتهديد بأن هناك رئيساً جديداً لروسيا، فضلاً عن الزحف بصحبة 5 آلاف مقاتل نحو موسكو في محاولة للسيطرة عليها.
فهل غفر بوتين لطباخه كل هذا، وكانت كلمته هي الضمان لأمن وسلامة بريغوجين أم أن رجل «الكي جي بي» المحنك لم ينس الإساءة ولم يغفر لمن يخونه، لأن الطباخ تجاوز الخطوط الحمراء لدى سيده، وتسبب في اهتزاز للدولة وأركان نظامها ولو كان على مدى ساعات؟.
خيانة داخلية

في أوج الأزمة وبعد سيطرة «فاغنر» على مدينة روستوف الاستراتيجية، خرج الرئيس بوتين مخاطباً الشعب الروسي في كلمة وجه فيها كلمات الخيانة لبريغوجين، وتوعده برد حاسم وقاسٍ وسحق هذا التمرد. وقال: إن «تمرد مجموعة فاغنر المسلحة طعنة في الظهر، والمصالح الشخصية أدت إلى هذه الخيانة، ما نواجهه اليوم هو خيانة داخلية، وتمّ جر قوات «فاغنر» لمغامرة إجرامية».
وأضاف فيها: «كل من يقف إلى جانب الخونة سيحاسب، ويجب إنهاء جميع التصرفات التي تزعزع وحدتنا، وسندافع عن دولتنا أمام أي تهديدات». مؤكداً أن «روسيا تخوض قتالاً صعباً من أجل مستقبلها، والقوى الأجنبية كانت تستفيد من الطعنات التي نتعرض لها، ولكن لن نسمح بتكرار ذلك».
ولكن بعد الخطاب زاد بريغوجين من تحديه لبوتين، قائلاً: إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «أخطأ بشدة» باتهامه مقاتليه «بالخيانة»، مضيفاً أن قواته «لن تستسلم».
وذكر في تسجيل صوتي: «في ما يتعلق بخيانة الوطن أخطأ الرئيس بشدة.. نحن وطنيون..لن يستسلم أحد بناء على طلب الرئيس أو الأجهزة الأمنية أو أي كان».وأمر قواته بالزحف نحو موسكو بعد أن سيطر على مدينتي روستوف وفورونيج.
تهدئة مفاجئة»
ولكن في مشهد دراماتيكي غير مفهوم، وبعد ساعات من زحف قرابة 5 آلاف رجل من قوات «فاغنر» باتجاه موسكو، وتوتر الأجواء الروسية في مقابل ارتياح أوكراني وغربي كبيرين بما يحدث من فوضى وتصعيد لا تعرف عواقبه داخل روسيا، فوجئنا بنهاية غير متوقعة للتمرد المسلح، بعدما أعلن رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين وقف تحرّك قواته تجاه موسكو، مؤكداً أنها استدارت وغادرت في الاتجاه المعاكس؛ وذلك عقب مفاوضات قادها الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، انتهت بقبول فاغنر التراجع، والالتزام بخفض التصعيد مع أخذ ضمانات أمنية للمقاتلين.
وجاء في رسالة صوتية نشرها بريغوجين عبر «تليغرام»: «أرادوا حل شركة فاغنر العسكرية الخاصة. تقدمنا خلال 24 ساعة، وبقي أقل من 200 كيلومتر إلى موسكو. خلال هذا الوقت، لم تنزف قطرة واحدة من دماء مقاتلينا».
وأضاف: «الآن حل الوقت الذي يمكن فيه للدماء أن تُراق؛ لذلك، وإدراكاً منّا للمسؤولية الكاملة عن حقيقة أن الدماء الروسية ستُراق على أحد الجانبين، كتائبنا تستدير ونغادر في الاتجاه المعاكس للمعسكرات الميدانية وفقاً للخطة».
وفي إطار التهدئة، أعلن الكرملين إسقاط الدعوى الجنائية بحق قائد مجموعة فاغنر، وعدم ملاحقة من شاركوا في التمرد المسلح، بعدما أعلنت المجموعة العودة أدراجها، ووقف التصعيد بعد وساطة بيلاروسية.
وجاء في بيان رسمي للكرملين، أنه تقرر إسقاط الدعاوى الجنائية بحق رئيس مجموعة فاغنر، مضيفاً: «حقن الدماء كان أهم بالنسبة لنا من معاقبة المتمردين». وأكد البيان أن السلطات الروسية لا تعلم مكان وجود قائد مجموعة فاغنر حالياً، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن: «مقاتلي فاغنر الذين رفضوا الانصياع إلى بريغوجين سيوقعون عقوداً مع الجيش»، وأن المشاركين في التمرد لن تتم مقاضاتهم.
وأكد بيان الكرملين، أن محاولة التمرد الأخيرة لن تؤثر في العملية الخاصة في أوكرانيا.
«لا يغفر الخيانة»
الرئيس الروسي وصف زعيم جماعة فاغنر بـ«الخائن»، واتهمه بـ«خيانة» روسيا و«طعنها في الظهر» بدافع «طموحات شخصية»، مؤكداً أن الرد على ذلك سيكون «صارماً وقاسياً» وسيبذل كل ما في وسعه للدفاع عن روسيا.
لكن هدأت الأمور وحصل «الطباخ بريغوجين» على «ضمان شخصي من بوتين»، فهل سيكون كافياً لعدم تعرضه للانتقام في المستقبل؟ مقابلة تلفزيونية قبل سنوات، أعيد نشرها على مواقع التواصل، قال فيها الرئيس بوتين إنه يمكن «أن يغفر لمن أساء إليه»، لكنه استدرك قائلاً: «ليس على كل شيء». وعندما سأله المحاور: «ما هو الشيء الذي من المستحيل عليك التسامح فيه؟»، فرد بوتين قائلاً: «الخيانة».
«طباخ الرئيس»
يفغيني بريغوجين، هو مؤسس شركة «فاغنر» العسكرية الخاصة، شخصية معلومة، إلا أن سيرة هذا الرجل مثيرة ومتعددة المراحل، انتهت به إلى وصمه عار حيت تم اتهامه بالتمرد والخيانة، وربما تكون الليلة هي نهايته إذا ثبت مقتله في حادث الطائرة الغامضة.
ولد بريغوجين في لينينغراد، في يونيو/حزيران 1961، تخرج في مدرسة داخلية لألعاب القوى في عام 1977، وشارك في التزلج الريفي على الثلج، والده وزوج أمه من أصل روسي يهودي، في حين أن والدته من أصل روسي عرقي.
وفي 1981 حُكم عليه بالسجن 12 سنة بتهم السرقة والاحتيال، وتوريط المراهقين في الجريمة، وأمضى منها تسع سنوات في السجن قبل إطلاق سراحه. وفي عام 1990، قام هو ورفيقه بإنشاء شبكة لبيع النقانق.
بخروجه من السجن، وجد بريغوجين نفسه في روسيا مختلفة جداً، فدخل عالم الأعمال عبر كشك صغير لبيع الشطائر، تطور إلى إمبراطورية من محلات السوبرماركت والمطاعم. ومع الأيام ذاع صيت أحد مطاعمه الفاخرة يدعى «نيو آيلاند»، ويقع على الواجهة البحرية في سان بطرسبرغ، ليصبح مقصداً مفضلاً للرئيس فلاديمير بوتين؛ للترويح عن ضيوفه من الشخصيات البارزة.
وأعجب الرئيس الروسي بالشاب الطموح، فمنح شركة تموين تعود ملكيتها له عقوداً حكومية مربحة لإطعام أطفال المدارس الروسية والسجناء والجنود، وقدّر العقد العسكري الواحد بما يربو على مليار دولار.. ثم تولّى عقود تقديم الطعام للكرملين والجيش، ليُعرف بعدها باسم «طباخ بوتين».


بدأت سمعته العسكرية للمرة الأولى خلال التوتر في شرق أوكرانيا، في صيف 2014، حين اجتمعت مجموعة من كبار المسؤولين الروس في مقر وزارة الدفاع، على ضفاف نهر موسكفا. لمقابلة بريغوجين، وهو رجل في منتصف العمر برأس حليق وصوت أجش، باعتباره الشخص المسؤول عن عقود تموين الجيش. وحينها تقدم بطلب غريب من وزارة الدفاع، ألا وهو منحه أرضاً يستخدمها لتدريب «متطوعين» لا تربطهم صلات رسمية بالجيش الروسي، وإنما يمكن استخدامهم لخوض حروب روسيا. ومنذ ذلك الاجتماع، اكتسب بريغوجين شهرة واسعة بين قادة الجيش وإن لم يكن محبوباً في معظم الأحيان.

عنيد لا يتراجع

ووصفه رجل أعمال روسي يعرفه منذ التسعينات «بأنه حيوي ونشط وموهوب، لكنه عنيد أيضاً ولا يتراجع أبداً حتى يحصل على ما يريد». ويؤكد بعض من يعرفه أنه قاسٍ، ولم يسعَ وراء المال أو السلطة، على الرغم من أنه حصل على الاثنين معاً على طول مسيرته، فضلاً عن أنه يتحرك بدافع الإثارة والاعتقاد بأنه يحارب النخب الفاسدة نيابة عن الناس العاديين، مع الرغبة أيضاً في سحق منافسيه، بحسب شهادات من حوله.
وعلى مر السنين، صنع العديد من الأعداء، من رجال الأعمال والشركاء السابقين، مروراً بجنرالات الجيش الذين انتقدهم مراراً ودون كلل باعتبارهم بيروقراطيين جالسين في مكاتبهم، وكبار المسؤولين الأمنيين الذين يخشون أن يكون لديه طموحات للاستيلاء على السلطة السياسية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3cekjcyx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"