خواطر في المسؤولية اللغوية

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل فكّر العالم العربي في ما سيترتب على تردّي أوضاع العربية؟ لماذا أصبح التفكير الجماعيّ كأنما نزلت آية في تحريمه، أو شملته عقوبات المجتمع الدولي المختزل في الإمبراطورية؟ الطريف هو أن الفئات المعنية بشؤون لغتنا في حاضرها ومصيرها، غدت لا تبرهن على الاكتراث لما يعتريها من أعراض وأمراض.
من أين نبدأ؟ من المجامع اللغوية المتناثرة على الخريطة العربية؟ من حيث المبدأ، هي السلطة التشريعية اللغوية، وهذه الأمانة والمكانة والمسؤولية، تمنحها القدرة التنفيذية، تكليفاً وتشريفاً، على أن تكون الطبيب الساهر على صحة العربية وسلامتها. هل رأى أحدٌ أهل المجامع، ولو من باب المراسم والتشريفات، وهم يزورون وزارات التربية والتعليم في البلاد العربية، يعقدون اجتماعات وندوات ودّية، يبدون فيها وجهات نظرهم في مقرر مناهج العربية، ويجادلون بالتي هي أحسن، واضعي الكتب المدرسية؟
معاذ الله أن يكون ما بين السطور، إيماء إلى المجامع بحشر الأنوف في صنوف دروس الصفوف. ولا في ذلك إيحاء بأن السلطة التشريعية اللغوية، اقتداءً بما يجري في البرلمانات، تستطيع أن تحاسب أنظمة التعليم على فشل تدريس العربية. طبقاً لما يقتضيه المنطق المنطقي، لا المنطق السائد، من أغرب الغريب أن يمرّ على مطلع القرن العشرين ثلاثة عشر عقداً، ولم يظهر أدنى دليل على إحساس أنظمة التعليم بمأساة الإخفاق الكبير في تعليم تلاميذ العرب لغتهم. لم تجتمع الوزارات المعنية يوماً وعلى جدول أعمالها سؤال وحيد: لماذا فشلت البلدان العربية في تدريس مناهج العربية؟ ولماذا لا يُرى أيّ أثر لمحو الأمية؟ عمليّاً، لقد محا العرب محو الأمية.
عن المجامع اللغوية أيضاً: من رأى وفود اللغويين ذوي السلطات التشريعية اللغوية، في زيارات حوارية نقاشية، وبصراحة تفتيشية، لوسائط الإعلام السمعية البصرية، خصوصاً تلك التي تخاطب الناس بما ينسيهم سلامة اللغة ويحرف ألسنتهم عن الفصاحة، تساعد مقدمي البرامج ومحرري الأخبار والتحقيقات على ميز الخطأ من الصواب؟ ما العيب في أن يتبرع كل مجمع لغوي بسلسلة محاضرات بأسلوب جميل جذّاب حديث، يريح الأذن العربية من المنكرات اللغوية، ويحمي الصغار من الوسائط السمعية البصرية التي أمست مدارس أغلاط؟ أيسر تطبيق لذلك أن يعمد اتحاد مجامع اللغة العربية إلى إعداد السلسلة في أرفع مستوى، وتوزيعها على كل الفضائيات والإذاعات. ثم ما المانع من تعميم الفائدة، فينعم بها العرب جميعاً؟
 لزوم ما يلزم: النتيجة الحتمية: إذا غاب أمن الفصحى، سادت فوضى العامية. فرصة طيّبة للمجامع، أن يزور اللغويون الوسائط السمعية البصرية، ويجروا اختبارات في ارتجال الفصحى.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2287xuea

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"