د. عارف الشيخ
إذا ضرب شخص شخصاً آخر فكسر عظامه في ساقه أو رأسه مثلاً فكيف يقاد منه؟ لا شك أن القصاص هو مطلب شرعي في أي جناية تقع من شخص على شخص آخر، لكن القصاص يحتاج إلى التأكد من المماثلة. وقد ورد عن الإمام مالك، رحمه الله، أنه قال: الأمر المجمع عليه عندنا أن من كسر يداً أو رجلاً عمداً أنه يقاد منه ولا يعقل، انظر: «الموطأ» ص 875.
واتفق الفقهاء على عدم إمكانية تحديد القصاص في كسر العظام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا قصاص في عظم» كما ورد في حديث موقوف كما ذكر الزيلعي في «نصب الراية».
ويذكر عن الشافعية ما مفاده أن للمجني عليه أن يقطع أقرب مفصل إلى موضع الكسر وفي الباقي حكومة العدل، لكن يلاحظ أن المماثلة معدومة، ومن ثم القول إنه لا قصاص هو الذي تطمئن إليه النفس أكثر، انظر: «روضة الطالبين» ج9 - ص 183.
على أي حال، فإن الجناية إذا كانت شجة في الرأس أو الوجه، فإن الفقهاء حصروها في عشرة أشياء: خمسة فيها دية شرعية مقدرة، وخمسة، فيها حكومة لعدم إمكانية الحدّ الشرعي للدية.
والخمس التي فيها المقدر الشرعي هي:
1 - الموضحة، وهي شجة تخرق السمحاق وتوضح العظم، وديتها المقدة شرعاً خمس من الإبل، أي نصف عشر الدية الكاملة.
2 - الهاشمة، وهي الشجة التي تكسر العظم وتوضحه عند الجمهور.
3 - المنقّلة، وهي الشجة التي تكسر العظم وتنقله من موضع إلى موضع آخر، وديتها خمسة عشر من الإبل.
4 - المأمومة، وهي التي تصل إلى جلدة الدماغ المحيطة به، وفيها ثلث الدية الكاملة.
5- الدامغة، وهي الشجة التي تخرق جلدة الدماغ، وفيها ثلث الدية أيضاً.
أما الخمس التي فيها حكومة فهي:
1 - الحارصة، وهي التي تشق الجلد ولا يظهر منها دم ففيها حكومة يقدرها القاضي (أهل الخبرة والمعرفة).
2 - الدامية أو البازلة، وهي التي يسيل منها الدم وفيها الحكومة
3 - الباضعة، وهي التي تشق اللحم وتقطع الجلد، وفيها حكومة.
4 - المتلاحمة، وهي الشجة التي تغوص في اللحم ولا تبلغ الجلدة بين اللحم والعظم، وفيها حكومة.
5 - السمحاق، وهي التي تبلغ الجلدة التي بين اللحم والعظم، وفيها حكومة.
إذن، فإن كسر العظام يختلف من مكان إلى مكان آخر، وقد بينّا عشراً منها في الشجاج.
ويقول الفقهاء عن دية العظام إن كسر الضلع إذا جبر مستقيماً فديته بعير، وكسر الترقوة إذا جبرت مستقيمة فديتها بعير والترقوتان بعيران، وكسر العضد أو الذراع أو الساق إذا جبر ففيها بعيران، وكسر الصلب إذا جبر ففيه حكومة، وإذا لم تنجبر ففيها الدية كاملة، وسائر العظام فيها حكومة، انظر: «البدائع» ج7 - ص311.
