فجوة تمويل المناخ في إفريقيا

22:10 مساء
قراءة 3 دقائق

بوغولو كينويندو*

استضافت كينيا مؤخراً أول قمة للمناخ في القارة السمراء، بهدف زيادة الالتزامات والتعهدات من قبل الحكومات والقطاع الخاص والمقرضين متعددي الأطراف لدعم جهود التكيف مع الطاقة المتجددة في القارة، وإزالة العوائق أمام الاستثمار والتنمية في البلدان الإفريقية الأكثر عرضة لتغير المناخ.

وكلما أسرع قادة الاقتصادات المتقدمة والمنظمات الدولية في فهم ما تحتاجه إفريقيا، للتحول العادل في مجال الطاقة وتوفير التمويل اللازم ونقل التكنولوجيا، تعاظمت فرصة وصول العالم إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050.

ولتحقيق أهداف الانبعاثات التي حددها اتفاق باريس للمناخ، ستحتاج إفريقيا إلى 2.8 تريليون دولار بحلول عام 2030، أي ما يعادل تقريباً 93% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة. ولكن مع وصول الدين العام المجمع إلى 1.8 تريليون دولار في عام 2022، فإن العديد من البلدان الإفريقية تفتقر إلى الحيز المالي اللازم لتعبئة الموارد المحلية.

بالتالي، يتعين على المستثمرين الدوليين سد هذه الفجوة عبر إجراء إصلاحات حاسمة لتوفير التمويل والتكنولوجيا لإفريقيا، والمساعدة في بناء القدرات وتطوير الصناعات المحلية، بدلاً من مواصلة استنزاف الموارد الطبيعية للقارة. وذلك انطلاقاً من قمتهم الأخيرة في نيروبي، وبعدها قمة «مجموعة العشرين» في الهند، مروراً باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، والاجتماع السنوي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذي سيُعقد في مراكش في أكتوبر/ تشرين الأول. وانتهاء بمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب 28» في دبي نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، والذي يُتوّج جهود هذه المفاوضات.

ويتعين على الحكومات ووكالات التنمية أيضاً إنشاء مجمعات كبيرة ومرنة من رأس المال الميسّر المخصص للمشاريع ذات الصلة. وأن يستكشفوا سبلاً جديدة للضرائب من أجل توفير المنح، بدلاً من القروض، عندما يكون التمويل الخاص أو العام التقليدي قاصراً.

في غضون ذلك، بإمكان البنك الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف تحفيز مشاركة القطاع الخاص، من خلال تعزيز الائتمان والضمانات التي من شأنها تخفيف مخاطر المشاريع المناخية وتعزيز ثقة المستثمرين، فضلاً عن اجتذاب رأس المال الخاص الذي تحتاجه إفريقيا بشدة.

وللمضي قدماً، من المهم أن يأخذ الدائنون، بما في ذلك مجموعة العشرين، بعين الاعتبار أعباء الديون التي تُثقل كاهل 60% من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، والعمل على تخفيفها. فتعليق مدفوعات الديون، أو حتى إلغاؤها، يُحسن بشكل كبير قدرة تلك الدول على الاستجابة للآثار الضارة الناجمة عن الاحتباس الحراري العالمي. كما أن «مقايضة الديون بالطبيعة والعمل المناخي» يُمكّن البلدان المتلقية من سداد ديونها عبر الاستثمار في حماية التنوع البيولوجي والحفاظ على البيئة.

وبناء على جهوده الأخيرة لتوفير 100 مليار دولار في هيئة حقوق سحب خاصة للبلدان المعرضة لتغير المناخ، ينبغي لصندوق النقد الدولي أن يخصص 100 مليار دولار إضافية من رأس المال المدفوع، وأن يعيد توجيه حقوق السحب الخاصة إلى بنوك التنمية متعددة الأطراف، بدءاً ببنك التنمية الإفريقي، وذلك بما يتماشى وإعلان مراكش الرامي لإصلاح الهيكل المالي العالمي بناء على طلب وزراء المالية الأفارقة.

أيضاً، لا بد من إنشاء صندوق جماعي لدرء مخاطر صرف العملات الأجنبية بالنسبة لمستثمري القطاع الخاص، وذلك عبر توفير العملات الفعّالة من حيث التكلفة والتحوطات اللازمة للاستثمارات المناخية في إفريقيا. وبكل تأكيد سيحدّ هذا الصندوق كثيراً من المخاطر المتوقعة للاستثمار في الأسواق الناشئة أو النامية، وفي مقدمتها تقلبات العملة.

وينبغي للمقرضين كذلك أن يدعموا إنشاء مرفق يعمل على تسريع المشاريع والبرامج القائمة في القارة، وخاصة تلك التي تحافظ على الطبيعة وتساعد المجتمعات على التكيف مع الأحداث المناخية القاسية مثل الجفاف والفيضانات وموجات الحر.

لا بد من الإشارة هنا إلى أن جانباً مما سبق ذكره بدأ تطبيقه على أرض الواقع، إذ حصلت السنغال، في قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد التي عُقدت في باريس قبل ثلاثة أشهر، على 2.7 مليار دولار من البلدان المتقدمة للاستثمار في الطاقة المتجددة، كما أبرمت زامبيا اتفاقاً لإعادة هيكلة ديون بقيمة 6.3 مليار دولار. وقدمت المجموعة الإفريقية لاستيعاب المخاطر، وكالة الإغاثة التابعة للاتحاد الإفريقي، بالفعل 720 مليون دولار لتغطية تكاليف 72 مليون شخص منذ عام 2014. ويمكن زيادة هذا الرقم من خلال ضخ الأموال في صندوق الخسائر والأضرار، الذي اعتُمد العام الماضي في قمة شرم الشيخ «كوب 27» في مصر.

ختاماً، ستساعد تدابير التمويل المبتكرة البلدان الإفريقية على التعافي من الكوارث المناخية، وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية، وإكمال التحول إلى الطاقة النظيفة، مما يمكنها من جني مكاسب التنمية المستدامة، وتحقيق الفوائد الكاملة للعمل المناخي.

* المستشارة الخاصة، ورئيسة فريق أبطال التغير المناخي الإفريقي رفيع المستوى التابع للأمم المتحدة- بروجيكت سينديكيت

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ymyp8xsp

عن الكاتب

المستشارة الخاصة، ورئيسة فريق أبطال التغير المناخي الإفريقي رفيع المستوى التابع للأمم المتحدة

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

مقالات أخرى للكاتب