قطار كيم الغامض

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

«فوبيا الطيران»، أو الخوف من السفر بالطائرة، أمر شائع لدى الكثيرين، وهو واحد من أنواع «الفوبيا» التي تشمل أموراً أخرى مثل الخوف من الأماكن المرتفعة، أو المغلقة أو حتى المزدحمة، لكن شاع أمر «فوبيا الطيران» لاقترانه ببعض المشاهير ممن عُرف عنهم الخوف من السفر بالطائرة، ومن هؤلاء جينيفر أنيستون بطلة مسلسل «فريندز»، والممثل ويليام شاتنر، وبطل سلسلة «سيد الخواتم» شون بين، ومخرج فيلم «فندق بودابست الكبير» ويس أندرسون.
عربياً، فإن أشهر من عرفوا بـ «فوبيا الطيران» الموسيقار محمد عبدالوهاب، الذي كان يرفض السفر جواً، ويفضل ركوب الباخرة، ويقال إنه اضطر لركوب الطائرة مرة واحدة في رحلة إلى بيروت في عام 1960، وكانت بالنسبة له تجربة صعبة، لا بل ومخيفة، ويقال أيضاً إن سبب اعتذار نجيب محفوظ عن الذهاب إلى السويد لاستلام جائزة «نوبل» للآداب حين فوزه بها يعود إلى السبب ذاته، وقرأتُ معلومة لا أعلم مدى صحتها عن أن طه حسين كان هو الآخر يعاني هذه الـ «فوبيا»، وإن كان من أورد المعلومة ألتمس له العذر في كونه كفيفاً، ما يصعب عليه الأمر، حتى أنه اعتذر عن تلبية دعوة للمشاركة في مؤتمر العلماء العرب ببيروت، قائلاً إنه «لا يريد أن يكون معلقاً بين السماء والأرض».
قد يندرج حرص زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون على السفر بالقطار، وتجنبه السفر بالطائرة في إطار «فوبيا» الطيران أيضاً، ويقال إنه ورثه من جده ووالده اللذين سبقاه في زعامة البلاد، وقد كان القطار الذي استقله مؤخراً في زيارته لروسيا موضع اهتمام وسائل الإعلام المختلفة، التي وصف بعضها القطار بـ «القلعة المتحركة»، وقد ورثه أيضاً عن أبيه، من بعد كيم إيل سونغ الجد الذي كان أول من استقل القطار.
صمم القطار للرحلات الطويلة التي تستغرق أياماً، لا ساعات فقط، فهو مؤلف من 21 عربة مجهزة بحجرات استقبال ومؤتمرات، وصالات طعام فاخرة، وأجنحة للنوم، ويعتقد أيضاً أنه مجهز باتصالات عبر الأقمار الصناعية، ومنشأة طبية للطوارئ، علماً بأن جدرانه المطلية باللون الأخضر الزيتوني، ونوافذه الداكنة، مضادة لطلقات الرصاص.
اهتمام وسائل الإعلام بالقطار، لم يصرف انتباهها عن مغزى زيارة كيم جونغ أون في هذا التوقيت بالذات لروسيا، ولا عن شخصية الزائر، فالسفر بالقطار وليس بالطائرة، حسب محلل كوري جنوبي «لا يمنح كيم المزيد من الأمن فحسب، بل يمنحه أيضاً الأضواء العالمية، حيث جذبت رحلته نفسها الاهتمام الدولي، فرحلة القطار تسمح له بالظهور كشخصية غامضة، ولكن مهمة يلتقي بقادة العالم في مواقع مناسبة له».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdff22bk

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"