عادي
ظاهرة فنية لها مقوماتها وتقاليدها البنائية

الدراما الشعرية عند علي أحمد باكثير

23:15 مساء
قراءة دقيقتين

ارتبط الفن الدرامي منذ نشأته لدى الشعوب جميعها بالدين من ناحية، وبالشعر من ناحية أخرى، ثم انفصل عن الدين بعد فترة، وظل مرتبطاً بالشعر حتى نهاية القرن الثامن عشر، ولعل سبب هذا الارتباط هو ذلك النسق الموسيقي للشعر، الأمر الذي يستهدف، إلى جانب التأثير المباشر في المتلقي، ذلك الأثر الممتد عبر حدود الزمان والمكان من خلال سهولة الحفظ وتداول العمل الفني في صورته الشعرية، فالشعر يثير انفعالات المتلقين، ويفرّج عنهم أحزانهم، ويظهر آلامهم المكبوتة.

يرى د. معتز سلامة في كتابه «المسرح والتلقي دراسة في أنماط تلقي مسرح باكثير الشعري»، أن الدراما الشعرية تحتاج إلى مبدع موهوب، لأن البناء الدرامي للشخصيات في الدراما الشعرية، يفرض على الشاعر أن يحدد لكل منهما نصيباً من الحوار الفني، الأمر الذي يدفع الشاعر إلى محاولة استنطاق تلك الشخصيات، كل على حدة.وفي العصر الحديث ازدهر المسرح الشعري في أوروبا، ولاسيما في إنجلترا وفرنسا إبان القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ازدهاراً كبيراً، وأقبل عدد غير قليل من المشاهير في الأدب والشعر على نظم المسرحيات الشعرية على اختلاف أنواعها، وكانت أول محاولة لكتابة المسرحية الشعرية في الأدب العربي على يد «خليل اليازجي» الذي قدّم مسرحية «المروءة والوفاء أو الفرج بعد الضيق» عام 1889، ثم تبعها عدة مسرحيات لعبدالله البستاني عام 1889، ثم محاولة كل من محمد عبدالمطلب في «حرب البسوس» ومحاولة محمد عبدالمعطي في مسرحية امرئ القيس عام 1911.

يوضح سلامة أن الدراما الشعرية العربية ظلت منذ بداية كتابتها تخضع للترجمة والاقتباس في مجملها، كما ظل الجانب الغنائي يغلب على الجانب الدرامي، إلى أن كتب أحمد شوقي مسرحياته الشعرية، فأرسى هذا اللون الأدبي، إذ يعد مسرح شوقي الشعري بداية التزاوج الحقيقي بين المسرحية كفن له أدواته الخاصة ومتطلباته النوعية المحددة وبين الأدب بوصفه إطاراً لتقديم المادة الأدبية الممسرحة، ما يعني أن شوقي جعل المسرحية أدباً، بعد أن كانت مجرد تسلية وترفيه، ثم تابعه بعد ذلك الكثير من الشعراء.

ثقافة واعية

يشير سلامة إلى أن باكثير أدرك طبيعة الشعر والمسرح كليهما، وكون ثقافة واعية ناضجة تجمع بين التراث والمعاصرة، فتمثل آداب الأمم الأخرى، وشحذ موهبته لتأليف لون جديد من الشعر، وأدخله في مسرحه، ألا وهو الشعر المرسل، واستطاع أن يوظفه باقتدار في مسرحياته، ما جعله يقوم برسم ملامح شعرية المسرح من داخل نصه المسرحي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2jwbvunb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"