شيماء المرزوقي
طبيعة المهام والأعمال أنها متتالية، ولا تكاد تتوقف، وهذه الحالة تسبب الكثير من الإرهاق والتعب، وهي أيضاً تستنزف الجهد والطاقة، وفي سبيل حل مثل هذه الإشكالية، يلجأ البعض للجدولة وتنظيم المهام، وترتيب إنجازها، لكن الذي يحدث أن كثيراً من الموظفين يختارون من بين المهام والأعمال، تلك الأسهل، أو الأسرع في إنجازها، ومن هنا يحقق الواحد منهم عدداً من المهام أكثر من غيره من زملائه الموظفين، بينما موظف آخر يركز على إنجاز المعاملة الأكثر أهمية، بغض النظر عن حجمها وصعوبتها، ويظهر في نهاية المطاف أن المعاملات التي أنجزها أقل بكثير من زميله، مع أنه استنزف الوقت والجهد، بدرجة أكبر من زميله الذي ركز على الكم من خلال المعاملات الأصغر والأبسط والأسهل.
والذي يجب التنبه له من جانب المديرين، وقادة الأعمال الذين يعتقدون بأن كثرة المهام والأعمال المناطة بالموظفين دليل على الإنجاز، وبالتالي سيل المعاملات والمهام الوظيفية التي تلقى يومياً على الموظف، ويطلب منه إنجازها، كلها ليست المعيار الصحيح، لأن الموظف قد يميل نحو الانتقاء من هذا السيل، ويبدأ بما هو أبسط وأسهل، فلا تكون السرعة في الإنجاز مؤشراً دقيقاً، ولا عدد المعاملات المنجزة، مقياساً للمهارة والتميز.
هذه الحالة وميل البعض إلى المهام والأعمال الأصغر تحدثت عنها دراسة حديثة بعنوان: «سيكولوجية إدارة المهام: فخ المهام الأصغر»، نشرت من قبل مطبعة جامعة كامبريدج: 01 يناير 2023. والدراسة من تأليف، كل من: زوهار روسو، وموتي عمار، وشاهر أيال، جاء فيها: «عندما يواجه الأشخاص مهام متعددة، كيف يقررون أي مهمة يجب القيام بها أولًا؟ من الناحية المعيارية، ينبغي إعطاء الأولوية للمهمة الأكثر كفاءة، ومع ذلك، فإن الأشخاص يختارون دائماً معالجة المهام الأصغر (التي تتطلب عملاً أقل) أولاً، ويستمرون في التركيز على المهام الأصغر، حتى عندما تظهر هذه الاستراتيجية على أنها أقل كفاءة، وهي ظاهرة نطلق عليها «فخ المهام الأصغر». كما نفترض أن تفضيل المهام الأصغر يرتبط سلباً بالفروق الفردية في الميل إلى التفكير العقلاني».
ويتضح أن هناك ميلاً واسعاً من معظم العاملين في بيئات العمل نحو المهام الأصغر، بينما هناك فئة أقل هي التي تركز على المهام الأكثر جدوى وفائدة وأهمية.
هذا الجانب يجب أن يتنبه له قادة الأعمال، والمديرون. إشادتهم وتقديرهم يجب ألا يكونا مبنيين على الكم، وإنما على الجودة والدقة والأهمية.
