عندما تشاهد إنساناً، مبتسماً، وليناً في كلماته، وهادئاً في تصرفاته، فأنت تتحدث عن إنسان خلوق، ولا تملك إلا أن تصفه بأجمل العبارات، على الجانب الآخر، لو سمعت إنساناً يتحدث بكلمات قوية، وبصوت مرتفع، قد تظن أنه عصبي أو قليل الصبر، أو نحوهما من الصفات، مع أن رفع الصوت قد يكون لأسباب عدة، جميعها بعيدة عن الغضب، أو الانفعال.
في بيئة العمل، تحديداً، قد نلاحظ إحدى الزميلات، تتجنب الجلسات الجانبية مع زميلاتها، تلك الجلسات التي تكثر فيها المواضيع والنقاشات، والتي جميعها بعيدة عن أجواء العمل والمهام الوظيفية، ونلاحظ أنها منشغلة بمهام العمل، الرأي الذي سيكون عاماً عنها، أو الذي سيتكون عنها، إما أنها متكبرة، وتتجنب زميلاتها، وإما أنها تريد الظهور على حساب زميلاتها، أو أنها معقدة، ونحوها من الصفات التي في معظمها، نتجت عن سلوك ليس خطأ، ولكنه سلوك، لم يناسبنا أو لم يكن وفق رغبتنا وما نريد.
ومثل هذا المثال، يمكنك وضعه على مختلف جوانب حياتنا الاجتماعية، داخل الأسرة، وفي المنزل الواحد، أو خارجه مع الصديقات، وخلال الزيارات الاجتماعية، في العادة نحن نحكم على الآخرين، وفق أسس نحن نضعها، وفق نظرة وقواعد نحن نؤسسها، ونتبناها، وهي ليست حقيقية، أو ليست موضوعية.
من المهم، أن نلاحظ مثل هذه النزعة، وهذا السلوك، لأنه ضار، وغير موضوعي، وغير منصف، أن تحكم على الآخرين، وفق أسس تناسبك، وتقيس بواسطتها الآخرين، غير صحيحة، ولا يمكن أن تكون موضوعية وعادلة.
من اللطف، نعم من اللطف، أن نكون منصفين، مقدرين، نلتمس العذر للآخرين، من اللطف، أن تكون أحكامنا مراعية، وفي سياق بعيد عن السلبية، هذا اللطف، سينعكس بشكل إيجابي، سيكون مكمناً للسعادة والاطمئنان وراحة الضمير. تقول الدكتورة ميكا ب. استرادا، المتخصصة في علم النفس الاجتماعي، من جامعة هارفارد، والأستاذ المشارك في قسم العلوم الاجتماعية والسلوكية، ومعهد الصحة والشيخوخة في جامعة كاليفورنيا: «اللطف هو أن تفعل شيئاً إيجابياً، لشخص ليس عليك القيام به. جرب بعض التصرفات اللطيفة البسيطة اليوم.. تظهر الأبحاث أن أعمال اللطف يمكن أن تكون مفيدة لك، كما هي مفيدة للشخص الذي يتلقى اللطف. في الواقع، أن أولئك الذين ينخرطون في اللطف، يبلغون عن رفاهية أكبر». وهل هناك أعظم وأكبر من تقديرك للآخرين، والتماس الأعذار لهم، هذه قمة اللطف، والأخلاق الكريمة.
