ماذا بعد وقف النار؟

01:02 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

بعدما كان مقرراً وقف إطلاق النار صباح أمس (الخميس)، تقرر تأجيل تنفيذه إلى اليوم (الجمعة)؛ لأسباب تتعلق «بتفاصيل اللحظات الأخيرة المتعلقة بأسماء الأسرى لدى حركة حماس، وآلية تسليمهم». وإذا كان هذا القرار يأمل البعضُ أن يكون خطوة على طريق هدنة دائمة، توفر فرصة لالتقاط الأنفاس والمباشرة في توفير المستلزمات الإنسانية للقطاع المنكوب، والبدء في عملية إنقاذ من خلال تسيير المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية بشكل عاجل لآلاف المصابين واللاجئين، فإن ما يرشح من مواقف إسرائيلية رسمية يدلّ على أن «الهدنة مؤقتة»، وتمت تحت ضغط دولي وعربي بعدما بلغ العنف مداه، خصوصاً أن القصف الإسرائيلي الجنوني للقطاع تجاوز كل المعايير الأخلاقية والإنسانية، من خلال استهداف الأطفال والنساء والشيوخ والمؤسسات الصحية والإنسانية الدولية؛ حيث بلغ عدد الضحايا أكثر من 15 ألفاً، حوالي 60 في المئة منهم من الأطفال.

وإذا كان الجهد قد بُذل للوصول إلى اتفاق لهدنة لمدة أربعة أيام، يتم خلالها إطلاق سراح عدد من الأسرى من الجانبين، مع وقف القتال وإدخال شحنات كبيرة من المؤن والوقود والمستلزمات الطبية إلى القطاع، فإن المطلوب يقتضي ممارسة المزيد من الضغط على إسرائيل للانطلاق من وقف إطلاق النار إلى «هدنة دائمة»، وإقناعها بأن المضي في طريق الدم والدمار لن يحقق لها الأمن، وأن مخططات التهجير القسري إلى مصر والأردن، أو إلى «دول العالم» كما طالب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموترتش، ووزيرة الاستخبارات غيلا فملئيل، لن ترى النور، وأن التفكير بالعودة إلى احتلال القطاع، أو وضعه تحت «انتدابات عربية ودولية»، هو فكرة شيطانية تدل على نهج عنصري يصّر على إنكار الوجود الفلسطيني، والقضاء على حقه في تقرير مصيره، وأن يكون له دولة مستقلة.

لهذا، فإن مرحلة ما بعد الهدنة المؤقتة تبدو ملتبسة وضبابية؛ لأن الاكتفاء بتبادل أعداد من الأسرى، وتسيير مساعدات إنسانية إلى القطاع خلال فترة زمنية محددة، قد تطول أو تقصر وفقاً للجهود المبذولة في هذا الشأن، كما أن القيادات الإسرائيلية تؤكد على أن الحرب لن تتوقف إلى أن تحقق أهدافها، بما يعنيه ذلك من استمرار عملية الإبادة، وهذا يفترض ممارسة أقصى الضغوط لكبح جماح هذا التوجه؛ لأنه في حال استمراره، فإن أحداً لن يضمن توسع رقعة الحرب بما يهدد كل المنطقة والعالم، خصوصاً أن دولاً كبرى دخلت شريكاً لإسرائيل في حربها.

من الصعب أن يكون هناك انتصار حاسم لإسرائيل مهما طالت الحرب؛ لذا لا بد أن يقتنع قادتها بأنه لا سبيل في نهاية المطاف إلا مفاوضات جادة، ووفق زمني محدد، تؤدي إلى تسوية سلمية شاملة وعادلة وفق القرارات الدولية. وللوصول إلى هذا الهدف لا بد من قيادة إسرائيلية تخرج من حلم القوة والتفوق والعنصرية الذي تغرق فيه طوال 75 عاماً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/399ds494

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"