فيلدرز وتهجير الفلسطينيين

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

ليست غريبة التصريحات العنصرية التي أدلى بها زعيم «حزب الحرية» اليميني المتطرف غيرت فيلدرز، الذي فاز حزبه مؤخراً بالانتخابات التشريعية الهولندية؛ حيث من المتوقع أن يقوم بتشكيل الحكومة الجديدة.

فيلدرز دعا بعد فوز حزبه إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم إلى الأردن، بما يعنيه ذلك من إنكار لحق الشعب الفلسطيني في أرضه وإقامة دولته.

هذا الموقف من هذا الشخص تحديداً، يشكل استمراراً لمواقفه العنصرية المتطرفة ضد العرب والمسلمين والمهاجرين في هولندا وخارجها، فقد سبق له أن وصف المهاجرين العرب ب«الحثالة»، كما حوكم عام 2011 على تصريحات معادية للإسلام بعد مقارنته بالنازية، والدعوة إلى حظر القرآن، كما أنه أنتج فيلماً عنوانه «فتنة» عرض عبر الإنترنت، حاول فيه الربط بين الدين الإسلامي والقرآن والإرهاب. كما تعهّد سابقاً بفرض حظر على هجرة المسلمين إلى هولندا، وإغلاق المساجد إذا فاز بالانتخابات.

ومعروف عن فيلدرز تأييده لإسرائيل التي كان زارها في أثناء دراسته الثانوية؛ حيث أمضى فيها أكثر من سنة، وعمل في بعض التعاونيات الزراعية المعروفة ب«الموشاف»، ومن هنا جاءت علاقته القوية بإسرائيل وتضامنه الدائم معها؛ حيث يصف نفسه بأنه «صديق حقيقي» لها.

ومن الواضح أن وجوده في إسرائيل كان له تأثير على تربيته السياسية والفكرية المتسمة بالتطرف والعنصرية والكراهية ضد الآخر الفلسطيني والعربي والمسلم.

ولذلك، عندما يدعو إلى طرد الفلسطينيين وتهجيرهم إنما يعكس وجهة نظر اليمين الإسرائيلي المتطرف، التي عبّر عنها قادة إسرائيل موخراً، وطرحهم خطط تهجير فلسطينيّي غزة والضفة الغربية إلى مصر والأردن، بهدف أن تكون إسرائيل ممتدة إلى كل أرض فلسطين التاريخية، و«نظيفة» وفقاً لقانون يهودية الدولة الذي تم إقراره من جانب الكنيست في 19 يوليو/تموز 2018، والذي عرّف إسرائيل بأنها «دولة للشعب اليهودي»، الأمر الذي أثار استنكار الدول العربية وإدانتها لمثل هذا الموقف «المرفوض والمدان»، كما أكدت ذلك سفارة دولة الإمارات في لاهاي، التي أعربت عن تضامنها مع الأردن الشقيق واحترام سيادته، ورفضه «إنكار حقوق الشعب الفلسطيني وحقه في دولته المستقلة». كما دانت الخارجية الأردنية هذا الموقف من جانب فيلدرز، معتبرة أنه «متولد من عنصرية وثقافة كراهية مقيتة».

مواقف فيلدرز تلخص عمى البصر والبصيرة الناجم عن فكر عنصري بغيض ينكر حقائق التاريخ والجغرافيا، ويشوّه الحقائق ونشر ثقافة الكراهية، وهو فكر يتناقض مع كل القيم الأخلاقية والإنسانية والسياسية، ويشكل نقيضاً لكل ما أجمعت عليه القرارات والمواثيق الدولية بشأن الحقوق الفلسطينية الثابتة.

إن العالم مدعوّ لمواجهة مثل هذه الأفكار العنصرية، التي تهدم كل ما تسعى إليه البشرية من تسامح وعدالة، والتخلص من كل أشكال التطرف والعنف التي تهدد أمن العالم أجمع، كما على الشعب الهولندي الذي أتى بفيلدرز وحزبه إلى السلطة أن يدرك بأنه سلم قيادته لشخص سوف يسيء لعلاقة هولندا مع كل دول العالم، ويجعل من الطبيعة المتسامحة للشعب الهولندي محل تساؤل وريبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mv588r99

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"