عادي

تعرف إلى أهداف الطب الغربي الإمبريالي

20:01 مساء
قراءة دقيقتين
الطب الإمبريالي والمجتمعات المحلية
القاهرة: الخليج
يرى بعض مؤرخي الاستعمار الغربي، أنه على الرغم من قسوة الحكم الاستعماري، فإن له إنجازاته الطبية في المستعمرات، بحيث تعد من حسنات هذا الحكم، ويتساءل محررو كتاب«الطب الإمبريالي والمجتمعات المحلية» تحرير: دافيد أرنولد (ترجمة مصطفى إبراهيم فهمي): هل كان الطب الغربي في المستعمرات حقاً عقلانياً وإنسانياً، كما يفترض كثيرون، وهل يعد حقاً إحدى فوائد الإمبريالية التي لا يمكن إنكارها؟ ألا يمكن أن يكون هذا الطب في الحقيقة سلاحاً آخر من بين ترسانة الأسلحة الأيديولوجية للحكم الأجنبي التي يستخدمها في محاولته للهيمنة؟ لمصلحة من استخدم الطب؟ هل كان أساساً لمصلحة أفراد الإدارة الاستعمارية والجيش، أو كان لمصلحة شعوب المستعمرات أو للإثنين معاً؟.
يستكشف الكتاب أهداف الطب الغربي الإمبريالي، خاصة في القرنين التاسع عشر والعشرين، ويظل الهاجس الرئيس للكتاب هو تأثير هذا الطب في المستعمرات وتأثره بها، ودوره باعتباره عامل تفاعل بين الحكام والمحكومين، وهو يجوب بنا آفاقاً تمتد من الكونغو البلجيكي حتى جزر الفلبين الأمريكية، ومن علاج مجانين الهند الأوروبيين والأهالي، حتى اكتشاف سوء التغذية بين سكان العالم الثالث، وإذ يتوقف طويلاً عند استعمار نيوزيلندا فإن القارئ العربي سيتبين أهمية هذه الوقفة.
كما يوضح الكتاب كيف تزامن توسع الإمبراطوريات الاستعمارية في القرن التاسع عشر مع ما حدث من تقدم علمي كبير في الطب، خاصة مع اكتشاف الميكروبات التي لها دور في الأمراض المعدية مثل الكوليرا والسل، أعطى هذا التقدم العلمي إدارة المستعمرات إحساساً أكبر بالتفوق والثقة المفرطة، وطرحت الإدارة الاستعمارية مقولة: «ينبغي لأسباب إنسانية فرض الطب الغربي المتقدم على شعوب المستعمرات المتخلفة التي يرى الغرب أن فقرها وجهلها هما السبب الوحيد الذي جعلها تصبح مرتعاً للأمراض، وليس استغلالها واستنزاف ثرواتها».
بعد أن كان الطب الغربي في أول العهد بالمستعمرات يقتصر على تقديم خدماته للأوروبيين وحدهم، بدأت إدارة المستعمرات في نهاية القرن التاسع عشر محاولة إدخال مفاهيم الطب الغربي وممارساته إلى مجتمعات أهالي المستعمرات، وواكب ذلك أيضاً محاولة إدخال المفاهيم الغربية عن التقدم والعلم وصحة البيئة، غير أن هذه المحاولات كثيراً ما كانت تعوقها قيود سياسية واقتصادية وتقنية، كما كانت تقابل أحياناً بمقاومة الثقافة المحلية للأهالي الذين لهم مفاهيمهم وممارساتهم الطبية الخاصة بهم، بل إن محاولة فرض المفاهيم والممارسات الغربية بالقوة كانت أحياناً تؤدي إلى زيادة انتشار المرض، وليس وقفه.
وثمة إشارة إلى أن الغربيين أنفسهم في أول عهود الاستعمار كانوا يلجأون عند المرض إلى الأطباء المحليين من الأهالي، وذلك حسب أوامر إدارتهم، بزعم أن هؤلاء الأطباء أدرى بالأمراض المحلية، وهكذا يعيد الكتاب تقييم تاريخ الطب الغربي الإمبريالي مستخدما المناهج البينية الجديدة التي تلقي الضوء على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والأنثروبولوجية، وذلك كله من خلال دراسة ومقارنة المعتقدات والممارسات الطبية الغربية والمحلية معاً، كما يثير الكتاب في أثناء ذلك قضايا لا يزال لها دورها المهم حتى الآن.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p847fme

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"