تركيا واليونان وإرث التاريخ

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

فتحت زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى اليونان، وما خرجت به من نتائج، وتوقيع أكثر من 12 اتفاقاً للتعاون في مجال التجارة والطاقة والتعليم، إضافة إلى الإعلان عن خارطة طريق لمشاورات مستقبلية رفيعة المستوى بهدف تجنب الأزمات، الطريق أمام تسوية العلاقات وإخراجها من عنق الزجاجة، بعدما وصلت في أحيان كثيرة إلى حدود المواجهة العسكرية.

إن العلاقات التركية - اليونانية ظلّت طوال العقود الماضية مثقلة بإرث التاريخ، وعقدة الجغرافيا، ولم تحسمها مفاوضات متعددة عقدت بين الجانبين، بل كانت الأزمات بينهما تطلّ عند كل مفصل سياسي، وأمني، واقتصادي، له علاقة بينهما، من بينها الصراع على الطاقة في بحر إيجة، حيث تقدّر عمليات المسح الجيولوجية وجود 122 تريليون قدم مربعة من الغاز، وكذلك 1.7 مليار برميل نفط في منطقة شرقي المتوسط التي تطل على سواحل البلدين، إضافة إلى الخلاف المزمن حول جزيرة قبرص التي أعلنت تركيا الجزء الشمالي منها فيدرالية تركية عام 1983، غير معترف بها دولياً.

كل هذه الخلافات مرتبطة بسياق تاريخي مرتبط بالصراع في المنطقة، منذ الحقبة العثمانية، حيث كانت اليونان تحت الحكم العثماني حتى عام 1832، ثم بنتائج الحرب العالمية الأولى، والاتفاقيات التي أبرمت بعدها حول جزر بحر إيجة، والتي اعتبرتها تركيا مجحفة بحقها.

نتائج زيارة أردوغان، وما صدر من تصريحات خلالها، تعتبر خطوة إيجابية على طريق ترميم العلاقات بين البلدين، ودخولها في مسار إيجابي، حيث أكد الرئيس التركي رغبته في تحويل بحر إيجه إلى «بحر سلام وتعاون»، فيما أكد رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، أن «العلاقات الثنائية كانت مهددة بشكل خطر»، في الماضي، لكنها أصبحت الآن «على مسار أكثر هدوءاً»، وأضاف «أشعر بواجب تاريخي لاستغلال الفرصة للتقريب بين البلدين، كما حدودنا المتجاورة»، وأعلن عن زيارته إلى أنقرة في الربيع المقبل.

وكان ميتسوتاكيس أعلن في كلمته أمام الأمم المتحدة، في الصيف الماضي «إن اليونان لا تشكل تهديداً لتركيا»، كما أن وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس، قام بزيارة المناطق التركية المنكوبة جراء زلزال فبراير/ شباط الماضي، حيث قال «يجب ألا ننتظر الكوارث الطبيعية لتحسين علاقاتنا». كما أرسلت أثينا فرق دعم للمشاركة في عملية الإنقاذ.

إن سعي تركيا لتطبيع العلاقات مع اليونان، وغيرها من دول الجوار، يأتي في إطار سياسة «تصفير المشكلات» معها، وعدم تكرار أخطاء الماضي بعد سنوات عجاف من أزمات متواصلة أدت إلى الإضرار بمصالحها السياسية والاقتصادية، وعمّقت أزماتها الداخلية، كما أضرت بمحاولات تعزيز نفوذها في الإقليم.

وهذه الخطوات الإيجابية تحسب لأردوغان بعد استعادته العلاقات مع دول الخليج ومصر، بعد سنوات من الجفاء، لعله يستكملها مع سوريا التي كانت تربطه بها علاقات مميزة قبل عام 2011، وبذلك يكون قد أنجز شعار «تصفير المشكلات».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/k7pamk98

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"