نزيف غزة والعجز الدولي

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم يجد تفعيل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المادة 99 من الميثاق الأممي للتنبيه لخطورة الأوضاع في قطاع غزة، أي صدى في مجلس الأمن، فقد أحبط فيتو أمريكي، لم يكن مستغرباً، مشروع قرار لوقف إطلاق نار فوري، يسمح بإنهاء قتل الأبرياء وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

مشروع القرار الذي تقدمت به الإمارات وحظي بموافقة ثلاثة عشر صوتاً داخل المجلس ونحو 100 دولة في الأمم المتحدة، كان يمكن أن يُحدث اختراقاً كبيراً يساهم في وضع حد لهذه المأساة الإنسانية والتهديد الكبير للأمن والسلام الدوليين، لكن الولايات المتحدة فضلت بدلاً من ذلك منح الضوء الأخضر لاستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، التي دخلت شهرها الثالث وألحقت خسائر غير مسبوقة بالشعب الفلسطيني، كما وضعت إسرائيل نفسها في أسوأ أزمة تواجهها في تاريخها القصير. لو نجح مجلس الأمن في تبني ذلك القرار المتوازن، لحقق نصراً للأمم المتحدة والتزاماً بالقانون الدولي، وحماية لمبادئ السلم العالمي، التي يفترض أن الدول الكبرى، أحرص من غيرها على الوفاء بها في الأزمات، لاسيما في ظل إجماع ساحق على ضرورة إنهاء هذه الحرب المدمرة لكل الأطراف.

فشل مجلس الأمن في تبني موقف يفرض وقف إطلاق النار في غزة أصاب أغلب الدول بالإحباط، وطرح تساؤلات مشروعة عن وظيفة هذا المجلس والنظام الدولي الذي أنشأه. وإذا فشل في فرض الإرادة الدولية، فلن يكون له بعد ذلك أي دور، وخصوصاً في القضية الفلسطينية التي كانت ضحية عجزه لأكثر من خمسة وسبعين عاماً. ولأن إسرائيل تحظى بدعم أمريكي مطلق، فقد منع «الفيتو» عشرات القرارت الأممية من تطبيق الشرعية الدولية، وحرم الفلسطينيين من الحماية أمام آلة الاحتلال ومخططاته. وفي ظل ما يجري في غزة فإن الوضع بات حرجاً جداً، و«العالم اليوم أحوج ما يكون إلى توحيد معاييره الأخلاقية والانحياز للإنسانية»، مثلما أكد ذلك الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة.

بعد هذا الفشل، لا يوجد أي مبرر أخلاقي أو سياسي أو عسكري لاستمرار هذا النزيف الفلسطيني في غزة، وعلى المجتمع الدولي ألا ييأس من التمسك بالقانون الدولي ومؤسساته وفي صدارتها مجلس الأمن. ومع عدم إقرار مشروع القرار، فإن إجماع الغالبية الساحقة من الأعضاء على تأييده يمثل خطوة مشجعة على إعادة المحاولة حتى إرغام مجلس الأمن على الانصياع إلى الإرادة الدولية وفرض وقف لهذه الحرب المجنونة، التي لم يعرف التاريخ المرئي مثيلاً لما شهدته من قتل مجاني للأطفال والنساء والأطباء والصحفيين والمستشفيات والمدارس وخيام النازحين. وكلها انتهاكات وجرائم لا يمكن الاستهانة بتداعياتها ليس على المنطقة فحسب، بل وعلى النظام الدولي ومؤسساته وأولها مجلس الأمن نفسه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4pz58h7u

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"