عادي

الدعاء.. رفع للبلاء وحل للمشكلات

23:21 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

الدعاء والابتهال إلى الله عبادة المخلصين الطائعين، وكل إنسان مأمور شرعاً بالدعاء، يقول الحق سبحانه: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ»، ويقول عز وجل: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»، فالله سبحانه وتعالى يحث عباده على اللجوء إليه في كل أحوالهم، ويؤكد لهم أنه يستجيب لكل من يلجأ إليه صادقاً مخلصاً في دعوته.

الصورة

يقول د. حسن الصغير الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر: «واجب المسلم أن يلجأ إلى الله عز وجل يطلب منه العفو والمغفرة، ورفع ما بنا من ضر أو ظلم، فهو وحده القادر على تحقيق آمالنا وطموحاتنا، وهو الذي نستعين به على تخليصنا من همومنا وأحزاننا، فالمسلم الحق هو الذي يلجأ إلى خالقه بالدعاء الصادق في كل الظروف والأحوال، خاصة عندما تضيق به الدنيا وتتقطع به السبل».

ويضيف: «الدعاء الصادق الذي أدبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بآدابه عبادة لا يجوز لمسلم أن يتخلى عنها، فإهمال الدعاء قسوة قلب وضعف ثقة في الخالق، وقد أخبرنا صلوات الله وسلامه عليه في العديد من الأحاديث الصحيحة بأهمية الدعاء وقيمته وأهميته بالنسبة للمسلم، ومن بين توجيهاته الكريمة قوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء مخ العبادة»، وفي رواية أخرى: «الدعاء هو العبادة»، أي هو جوهرها ولبها، لأنه اعتراف كامل من الداعي لربه بأنه هو القادر على تحقيق سؤاله، وإقرار منه بعجزه أمام الأحداث، وأنه محتاج إلى عون الخالق ورعايته ليعطيه ما عجزت عنه قوى البشر، وفي ذلك أعلى مظاهر الخضوع والعبودية لله الواحد القهار».

ويستدرك: «لكن على كل مسلم أن يعلم أن الدعاء وحده لا يكفى لتحقيق الأماني والتطلعات والطموحات، فالإسلام لا يعرف التواكل والسلبية، ويدفع المسلم دائماً إلى العمل والإنتاج، ثم ترك النتائج على الله، ولذلك فإن مواجهة مصاعب الحياة بالأدعية فقط، وترديد الكلمات بعيداً عن الأخذ بالأسباب أمر يرفضه الإسلام، ويحذر منه رسول الإنسانية الذي حارب رذيلة التواكل بكثير من الدروس العملية لأصحابه وكثير من التوجيهات الكريمة التي تؤكد أن المسلم يعمل ويتوكل ولا يمكن أن يكون سلبياً متواكلاً».

ويؤكد د.علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر السابق أن الدعاء من دون سعي وعمل وكفاح لا يكفي، فقد تعلمنا من ديننا أن الحياة الكريمة هي التي تتحقق بالعمل الصالح الذي يثري الحياة، ويبعث في ربوعها النماء والازدهار، ويوفر للإنسان كل أسباب الأمن والاستقرار، ويزوده بالقوة التي تمكنه من الوفاء بجميع الحقوق والواجبات في إحسان وإتقان، لذلك كان حث الإسلام على العمل والأخذ بالأسباب لتحقيق الطموحات، ثم يأتي الدعاء والالتجاء إلى الله عز وجل ليؤكد أن المسلم موصول دائماً بخالقه يطلب مساعدته ويرجو عطاءه.

ويشير د. جمعة إلى أن الله سبحانه وتعالى أعطانا فرصة للعفو والصفح عن الآخرين، وأمر بذلك في القرآن الكريم، ومن يفعل ذلك له عظيم الأجر والثواب عند الله، قال تعالى: «فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». لكن أمر العفو والصفح يختلف من ظلم لآخر، فقد يظلمك إنسان في أمر بسيط لا يؤثر في حياتك ولا يخسرك كثيراً فتعفو وتصفح ولك الأجر والثواب.

وتابع: «قد يكون الظلم كبيراً ومؤثراً في حياة الإنسان، وهنا يجوز لك أن تشكوه إلى من يأخذ لك حقك، وتقاضيه لو كان بإمكانك ذلك حتى تحصل على حقك، وما يؤكد أن دعوة المظلوم مجابة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب»، ولا حرج شرعاً في الدعاء على الظالم بانتقام الله منه، ودعوة المظلوم تضره لا شك في ذلك عاجلاً أو آجلاً».

وعن شروط قبول الدعاء يقول د. مجدي عاشور، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: «أرشدنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى بعض مواصفات الدعاء الذي يقبله الله عز وجل، ويحقق به مطالب عبده، ومن بين ذلك ضرورة أن يكون طعامنا وشرابنا من حلال، وقد جاء في الحديث الصحيح أن أكل الحرام يمنع استجابة الدعاء، حيث ذكر صلى الله عليه وسلم «الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ويقول: يا رب.. يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، ومشربه حرام، فأنّى يستجاب له»، كما جاء في الحديث «نصح الرسول سعداً أن يطيب مطعمه ليستجاب دعاؤه».

وتابع أن العلماء قالوا إن من شروط قبول الدعاء، حضور الذهن والقلب عند الدعاء، فلا يكتفي الإنسان بمجرد تحريك اللسان بالدعاء، وذهنه منصرف عن الله، ولا يكفي حضور الذهن مع خمود العاطفة، بل لا بد من الرغبة في الإجابة والرهبة من عدمها واستحضار عظمة الله سبحانه، ويؤكد هذا ما جاء في نهاية الآيات التي ذكرت دعاء أيوب وذي النون وزكريا حيث قال رب العزة: «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ»، فالداعي لا بد أن يكون مطيعا لله غير مقصر، ومقبلاً على الطاعة بحب ومسارعة، وراغبا في الاستجابة راهباً من الحرمان، خاشعاً حاضر الذهن والقلب.

وأشار د. عاشور إلى أن هناك بعض الأمور لا بد منها لاستجابة الدعاء، ومن المندوبات «الطهارة واستقبال القبلة، والدعاء المأثور وتحري الأوقات والأماكن المباركة كالنصف الثاني من الليل، وما بين الأذان والإقامة، وعند رؤية الكعبة، وساعة الإجابة يوم الجمعة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4p2kxujy

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"