وطن اسمه فيروز.. وطن اسمه العربية

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

سعدت بمجموعة كتب مهداة من مؤسسة الفكر العربي وصلتني من مقرّها في بيروت قبل يومين، من بينها كتاب «وطن اسمه فيروز» قام على أقلام نخبة محترمة من الكتّاب العرب الذين يجري في عروقهم دم السيدة الرمز لكل ما هو جميل، في الصباح وفي كل وقت، كأنما هي بشارة طمأنينة في زمن (اللاطمأنينة) والخوف، خوف الكائن البشري حتى من ظلّه، وإذ به مأخوذ من يده برفق إلى رمزياتها التي تكبر مع الزمن بهدوء ولطف، على النقيض تماماً من ثقافة القلق والريبة والعنف.
فيروز على الجانب الآخر تماماً من صورة العبث والموت المتدرّج في أي مكان آخر في العالم، وليس فقط في عالمها الصغير لبنان. وهذه بعض عبائر الورد والهواء النقيّ الذي تتنفسه حين تقرأ هذا الوطن الذي اسمه فيروز بحبر أقلام عربية مخملية، مثل قماشة سيدة الوجدان والقمر.. أيقونة صغيرة، خفيفة أمسك بها بنعومة شعرية: عبدالإله بلقزيز (المغرب)، سعد البازعي (السعودية)، نبيل سليمان (سورية)، فيصل درّاج (فلسطين)، حسن مدن (البحرين)، شوقي عبد الأمير (العراق)، وغيرهم من أطياف عربية شكّلوا معاً إكليلاً من الأرواح على شكل قوس قزح لا يكتمل ولا يتناسب في ألوانه السجّادية هذه إلا أمام فيروز.
هذا مجتمع ثقافي عربي في حضرة امرأة مولودة من العينين، كما يقول شاعر مصري قديم. مجتمع كتّاب بلا أيديولوجيات أو حزبيات أو طوائفية كما هو جوهر مؤسسة الفكر العربي التي تعرف بكيانها المؤسسي المحترم، بوصفها مؤسسة أهلية دولية «تلتزم بتنمية الاعتزاز بثوابت الأمّة ومبادئها وقيمها، وبتعزيز التضامن العربي والهوية العربية الجامعة»، وهو تعريف موجز مُصَفّى ينطبق في الوقت نفسه على الوطن الذي اسمه فيروز التي بالفن والموسيقى والشعر، لا بالسياسة حققت هذه الهوية العربية الجامعة، وعلى مسرح الغناء، لا مسرح الفناء.
خصصت مؤسسة الفكر العربي رزنامتها السنوية 2024 «لكلمات ومصطلحات عربية المنشأ، عالمية الاستخدام، باتت تشكّل جزءاً من مخزونات معاجم العالم».
وتأتي هذه الانتباهة النبيلة احتفاء من جانب المؤسسة بالذكرى الخمسين لاعتماد اللغة العربية واحدةً من اللغات العالمية الست، وإبرازاً لتأثير لغة الضاد العميق في اللغات الأخرى.. كما جاء في كلمة دالّة على الرزنامة.
يتداول العالم كلمات ومصطلحات بالإنجليزية والفرنسية والألمانية، مثل دار الصناعة، القهوة، سَمْت، الموسلين/ الموصلي/ جرّة، الخوارزميات، تعرفة، السفر، أميرال، مطرح أو طرّاحة، المخازن، وغيرها من مفردات تُكتب وتلفظ بحروف وتركيبات صوتية نطقية ليست عربية، في حين أن أصل كل هذه الحروف والصوتيات اللغوية يعود إلى اللغة العربية، ولكن هذه الأصول اللغوية انتقلت من العربية إلى اللغات الأوروبية، وأصبحت كما لو أنها الأصل في المعاجم الأجنبية، ولكن الأصل عربي تماماً، بجذوره واشتقاقاته وصوتياته.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5n9ykwe7

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"