عادي

الفلسفة ترياق التعصب

20:51 مساء
قراءة دقيقتين

القاهرة: الخليج

سئل الفيلسوف برتراند راسل عن قيمة الفلسفة وعن أسباب وجوب دراستها، وفي إجابته عن السؤال يقول: «يجب ألا ننظر إلى قيمة الفلسفة في الثمار العملية للمعرفة التي تقدمها، إذ ليس للفلسفة منافع عملية كما للعلم، لذلك يجب أن نحرر عقولنا من خلفيات «الإنسان العملي» الذي لا يرى قيمة إلا للشؤون المادية النافعة».

ويضيف راسل: «إن مجتمعنا وافر الثروات المادية مختفية فيه كل أسباب الفقر والمرض، يظل مفتقراً ليصير مجتمعاً ذا قيمة إلى أكثر من الجسد، إلى غذاء العقل وفي باب غذاء العقل تقوم الفلسفة»، ويقول: إن الفلسفة بصورة عامة مثلها مثل كل الدراسات هي طلب للمعرفة في الدرجة الأولى، أما المعرفة التي يرمي إليها الفلاسفة فهي تلك التي توحّد العلوم، وتضعها في نظام، والتي تنتج من فحص أسس معتقداتنا وأفكارنا المنحازة فحصاً نقدياً.

أكثر من ذلك، كل العلوم كانت تنتمي في البداية إلى دائرة الفلسفة، وكلما تحققت معرفة دقيقة بموضوع من موضوعات الفلسفة، ينتقل ذلك الموضوع من دائرة الفلسفة ليصيرعلماً محدداً بدائرة خاصة به، من الأمثلة على ذلك يذكر راسل ما يلي: «درس السماء وما فيها، الذي صار موضوعه يُشكل علماً مستقلاً هو علم الفلك، كان جزءاً من الفلسفة، وكتاب العالم الفيزيائي نيوتن حمل عنوان «المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية» كذلك درس الوجدان الذي كان درساً فلسفياً صار حديثاً مستقلاً في علم النفس».

محصلة الكلام، كما يرى برتراند راسل في كتابه «بحث في المعنى والصدق» (ترجمه إلى العربية د. حيدر حاج إسماعيل)، هي أن جميع الأسئلة التي وجد لها الإنسان أجوبة واضحة دقيقة، صارت علوماً، في حين أن الأسئلة التي لا أجوبة محددة لها هي ما ندعوه فلسفة، هنا تكمن قيمة الفلسفة إلى حدٍّ كبير، في لا يقينها، لكن مع أن الفلسفة غير قادرة على أن تقدم لنا معرفة يقينية، فتزيل من عقولنا الشكوك المتعلقة ببعض الأسئلة، هي قادرة على اقتراح عدة إمكانات، توسع أفكارنا، وتحرر عقولنا من طغيان العادة.

هكذا نجد أنه في الوقت الذي تنقص فيه الفلسفة من شعورنا باليقين عن ماهية الأشياء، فهي تزيد كثيراً معرفتنا عما يمكن أن تكون تلك الأشياء، بالإضافة إلى أنها تزيل التعصب، وتثير إحساسنا بإظهارها المألوف من الأشياء في وجه غير مألوف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yb3ubpeu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"