عادي
أكشن يكثر فيه القتل بلا مشاعر

«النحّال».. فصل بين العدالة والقانون

23:36 مساء
قراءة 5 دقائق

مارلين سلوم

كلما تفتحت شهية السينما لتقديم أفلام مميزة وقوية ومشوّقة، جاءت اختياراتنا للمشاهدة وفق ترتيب الأولوية، مثل تفضيل عمل مثير للجدل في القضية التي يعالجها على عمل تقرأ بدايته ونهايته من عنوانه واسم بطله حتى ولو كنت من المعجبين به وكان نجماً لامعاً في مجال الأكشن، وكأنك تشعر بأن المتعة التي تريدها من هذا النوع من الأفلام مضمون فتبحث عن المتغيّر والمختلف.. وهذا ما تشعر به حين تجد نفسك أمام مجموعة عروض من بينها «ذا بيكيبر» أو «النحّال» الذي تدرك مسبقاً أنك ستعيش مغامرات استثنائية مع بطله جايسون ستاثام، ربما تؤجل مشاهدته، لكنك ستعود إليه حتماً لتستمتع بأداء هذا النجم الذي يستحق مضموناً وعمقاً في القصة أقوى.

آدم كلاي، نحّال صارم متجهم لا يبتسم، يربي النحل ويعتني بالخلايا، منذ بداية الفيلم نجده منهمكاً ويبدو شديد القسوة حين يخترق إحدى الخلايا، يسحب منها النحل ولا نفهم لماذا يقضي عليها بصعق كهربائي، مشهد يعلق في الذهن ليرمز إلى معانٍ كثيرة لاحقة تكشف لنا عن طبيعة النحّال وتصرفاته العدائية فعلياً و«العادلة» من وجهة نظره. آدم كلاي (جايسون ستاثام) هو البطل الأول والوحيد وكل من حوله يدورون في فلكه، لذلك لا يغيب ستاثام عن الشاشة إلا فيما ندر، ودائماً تترقب ظهوره كما تترقبه كل الشخصيات وتلاحقه كل الجهات الأمنية وأجهزة المخابرات ومكتب التحقيقات الفيدرالية.. رجل خطير، خارج عن القانون ليحمي العدالة! وفق مفهوم تروج له غالباً وخصوصاً خلال السنوات الأخيرة السينما الأمريكية التي تفصل دائماً بين العدالة والقانون وكأنهما لا يلتقيان ولا يصبان في مجرى واحد، ولخدمة هدف واحد، والأجهزة الأمنية تطبق القانون بشكل أعمى بينما ينتصر الأبطال (دائماً يكونون إما مرفودين من الخدمة أو متقاعدين) للحق وينفذون العدل على الأرض!.

الصورة

المرأة الطيبة

نعود إلى بداية الفيلم، لنتعرف على إلويز باركر (فيليسيا رشاد) المرأة الطيبة التي استأجر منها آدم قطعة من أرضها ليقيم عليها منحله، ويبدو أنها الوحيدة التي تهتم به وتعرف كيف تتعامل معه ومع صمته وتجهّمه المستمر.. تدعوه إلى العشاء فيذهب لقطف العسل وإعداده كهدية لها، في هذه الأثناء تكتشف إلويز أن جهاز اللابتوب ينذرها بوجود هاكر وفيروس سيدمر كل شيء على جهازها وعليها الاتصال برقم معين لإنهاء المشكلة، وكغيرها من المسنين الذين لايجيدون التعامل مع الأجهزة الإلكترونية ولا يفقهون شيئاً عن عالم التقنيات والإعدادات وإعادة الضبط والفيروسات الإلكترونية.. تتصل بالرقم فيجيبها أحدهم من شركة «فراندلي فرند»، بينما نرى على الشاشة أنه مدير غرفة عمليات ضخمة للاحتيال والنصب وسرقة أموال الناس، يقنعها بأن عليها اتباع خطوات يحددها لها وإلا ستخسر كل معلوماتها وملفاتها والصور التي تخزنها على جهازها، توافق فيدخل إلى جميع حساباتها ليكتشف أن لديها ما مجموعه مليوني دولار، يطلب منها إدخال رقمها السري بينما في نفس اللحظة يعمل فريق عمله على سحب كل رصيدها لتجد نفسها في ثوانٍ مفلسة تماماً. عملية نصب قامت بها إحدى شركات استخراج البيانات أدت إلى إفراغ حسابها البنكي وحساب منظمة خيرية غير ربحية ساعدت إلويز في تأسيسها، مما أدى إلى مأساة تكون هي كل الحكاية التي يبنى عليها الفيلم.

يأتي آدم إلى الموعد فيجد الباب مقفلاً وهي لا تجيب، يفتح الباب بواسطة سكين ليجد شرطية بانتظاره تتهمه بقتل والدة إلويز؛ إنها فيرونا (إيمي رافير لامبمان) ابنة القتيلة والعميلة في مكتب التحقيقات الفيدرالية، والتي استدعت شريكها مات وايلي (بوبي نادري) ليعملا معاً على التحقيق في هذه القضية، بعدما ثبت أن والدتها انتحرت ولم يقتلها آدم؛ لكن هذا الأخير يمشي في خط سير بمفرده، يغير ملابسه مرتدياً ثياباً قتالية ويخطط للانتقام ممن تسبب في إفلاس المرأة الوحيدة التي اهتمت به، -من عيوب الفيلم أنه لم يوضح لنا طبيعة العلاقة بين إلويز وآدم سوى في مشهد واحد في البداية لكنه غير كافٍ كي يؤدي إلى ارتكاب آدم كل هذه الجرائم من أجل الوصول إلى الرأس المدبر والسبب الأول في وفاة المرأة المسنة- وكالعادة يصل كلاي إلى معرفة اسم الشركة التي تواصلت مع إلويز قبل الأجهزة الأمنية ويذهب لإحراقها بمن فيها، وتتوالى عمليات الانتقام، لنفهم تباعاً أن «النحّال» لقب أطلق على مجموعة قتالية تعتقد بوجوب حماية «الخلية» والنحل من الدبابير التي تشكل خطراً عليها أو تدمر خليتها، لذلك يصمم كلاي على ملاحقة الرأس المدبر في مجال التكنولوجيا الذي يستخدم أحدث الاختراعات لسرقة الأشخاص عبر الإنترنت.

مجموعة أفلام

مؤلف القصة هو المخرج دايفيد آير («سوسايد سكوود» و«فوري») وشاركه كاتب سيناريو أفلام الحركة والتشويق المخضرم كيرت ويمر (الذي كتب وشارك في إعادة إنتاج أفلام «ذا توماس كراون أفير» و«بوينت بريك» و«إجمالي الاستدعاء»). تشعر بأنه استعان بأنماط وأفكار سبق أن شاهدناها في أفلام أخرى دون أن يقصد التقليد أو الاستنساخ، يذكرك مثلاً بفيلم «ذئب وول ستريت» حيث كان جوردان بيلفورت (ليوناردو دي كابريو) يقف وسط الصالة مستمتعاً بالتلاعب بمصائر الناس وخسارتها لأموالها؛ كذلك نرى أمامنا مجموعة أفلام يكون البطل الشريف فيها واحداً في مواجهة مجموعة أشرار بما في ذلك الشرطة وجهات رسمية، مثل كلينت إيستوود؛ إنما الأهم أن الكتابة والإخراج متجانسان، كتابة يغيب عنها المنطق في القتال، الفرد ينتصر على المجموعة رغم أنه لا يحمل سلاحاً وهم مدججون بالأسلحة من مختلف أنواعها، بينما يقابلها الكاتب والمخرج دايفيد آير بخطط ذكية يضعها وينفذها البطل ترفع من حماس وتشويق الجمهور، ولا شك أن لياقة ستاثام وخفّته في الحركة وملامحه الغامضة الغاضبة ونبرة صوته الخافتة وقلة كلامه منحت الفيلم جدية أكبر وجذبت الجمهور أكثر لمتابعة الأكشن الذي يكثر فيه القتل بلا مشاعر، ولتستمر فكرة «السوبر هيرو» أو البطل الخارق الذي لا يمكن قتله أو معرفة مكانه وخططه ولا السيطرة عليه، بل إن آدم لم يصب بأي جرح سوى في الخمس دقائق الأخيرة من الساعة و45 دقيقة مدة الفيلم! ولكم طبعاً أن تتخيلوا شكل النهاية طالما أن الأحداث تنتصر للعدالة وتهمّش القانون.

شخصيات بارزة

من الشخصيات البارزة دايفيد ويتس في دور ميكي غارنيت، قائد فريق شركة «فراندلي فرند» والذي خدع إلويز بنفسه، جوش هوتشرسون في دور نائب رئيس شركة استخراج البيانات ديريك دانفورث وهو الابن المدلل والفاسد لرئيس الولايات المتحدة السيدة دانفورث (تؤديها جيما ريدجريف)؛ بينما يقف بجانبها ويدعمها والاس (جيريمي أيرونز) ويستويلد مدير وكالة المخابرات المركزية السابق والمسؤول المباشر عن أعمال ابنها و«نزواته»، إنما كعادتها تجيز السينما الأمريكية المبررات الكافية لتبرئة السيدة دانفورث وإظهارها كملاك بريء لا غبار عليه أبداً، سوى أنها انشغلت عن أمور وتربية ابنها ولم تعرف بأنه جمع الثروة الطائلة من أجل حملتها الانتخابية من سرقة أموال البسطاء عبر النصب الإلكتروني، كذلك تبرئة والاس من كل الذنوب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4abbnpms

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"