ظهور إعلامي خادع

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

المواقع الإليكترونية الكثيرة ومنصات التواصل المنتشرة عبر بقاع الدنيا، صحيح أنّها سهّلت كثيراً التواصل والتعارف لكنّها في الوقت نفسه خلقت مشكلة التباهي والظهور بغية الشهرة لا غير..

فبكبسة زرّ يتصور بعضهم أنه يمكن أن يصبح نجماً مشهوراً يثير انتباه الملايين ويحصد إعجابهم، بل يجتذب شركات الإعلان التي تطمح إلى الترويج لمختلف السلع والبضائع والمنتجات، عبر حسابه الإلكتروني، ومن ثمّ يجني الملايين، بحماقة أو حركات بهلوانية، أو تصرف ساذج وأخرق صوّره وعرضه عبر منصات التواصل.

كنا نظنّ أن الأمر يتوقف على شباب وفتيات طامحين إلى الشهرة والانتشار عبر تلك المواقع، رغم أنهم لا يمتلكون أي موهبة تؤهّلهم لذلك، بيد أن الأمر لم يعد يتوقف عند هؤلاء وحدهم، فإذا بأشخاص متعلمين ومثقفين وإعلاميين، يمتلكون قدراً من المعرفة والقدرات التي تؤهّلهم للنجاح، من دون حاجة إلى الهبوط والإسفاف، يسقطون بدورهم في فخّ الإغراء، وينساقون إلى الرغبة في اكتساب الشهرة والرواج عبر هذه المواقع، بإطلاق تصريحات وأحاديث مسفّة ومبتذلة.

صحيح أن بعض المدارس الإعلامية التي ظهرت حديثاً في بعض وسائل الإعلام والقنوات الفضائية، أفرزت نمطاً للتباهي الإعلامي، يعتمد على الإثارة بالصراخ والمظاهر الخدّاعة والمزيّفة، وافتعال المعارك والعنتريات الكلامية، بحُسبان أن ذلك يسهم في إقناع المتلقين، وبناء رؤاهم ومواقفهم، ولكن حتى أصحاب هذه المدرسة يتبنّونها ويطبقونها بشكل مدروس يراعي المحاذير والضوابط الأخلاقية والقانونية والثقافية والاجتماعية، التي تنأى بالحوار أو الحديث المثار عن الإساءة أو التجريح أو الإسفاف والابتذال، أما ظهور مثقف أو كاتب أو إعلامي معروف، عبر إحدى الفضائيات، أو أحد مواقع التواصل، وهو يتبنّى هذه المدرسة في الحوار والظهور الإعلامي، بمحاولة تقليد أعمى، أو محاكاة فجّة للآخرين، فسرعان ما يضعه في خانة السذّج والغوغاء، ويرسم لنفسه صورة قبيحة، ربّما لا تتفق مع الصورة التي سبق أن رسمها وتخيلها القارئ أو المستمع له، وهو ما ذهب إليه الكاتب والأديب الراحل إحسان عبد القدوس، عندما سئل: لماذا لا يضع صورة له على أغلفة كتبه ورواياته؟ فأجاب بأنه يريد أن يترك للقارئ حرية أن يرسم له صورة معيّنة في ذهنه، دون أن يُصدم بصورته الحقيقية؛ ولعمري هي حكمة بالغة ومنهج رفيع، في الحفاظ على صورة الكاتب في ذهن المتلقّي، ربما تشكل جانباً من عناصر احترام المتلقّي للكاتب أو الإعلامي.

فلتكن هذه المواقع وسيلة حقيقية لإبراز ما نملكه فعلاً من موهبة أو علم أو فوائد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2p9y8xv

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"