حوكمة الذكاء الاصطناعي

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

يتفاعل العالم مع كل تطور علمي بطرق مختلفة، فكل ابتكار جديد تجد من يؤيده ويصفق له ومن يخشاه ويحذّر من «العواقب الوخيمة» التي قد تنجم عنه؛ وهو ما حصل ومازال يحصل مع الذكاء الاصطناعي الذي تتسع كل يوم دائرة انتشاره ويكبر وجوده في الحياة العملية للبشر، ومازال أهل العلم أنفسهم ينقسمون حول مدى قدرتنا على الاستفادة منه من جهة ومخاطر استغلال الناس له بشكل سلبي من جهة أخرى.

هذا الصراع أو التجاذب في الآراء يؤكد أن هذا الابتكار العلمي الحديث والذي أصبح واقعاً وفي متناول الجميع، لا بد أن يتفق العالم على وضع ضوابط أخلاقية وإنسانية وقوانين وشروط لكيفية استخدامه كي يرتدع البشر ولا يستغلون التطور التكنولوجي في ما يؤذيهم، وكي لا يتحول الذكاء الاصطناعي من داعم ذكي يساعد الإنسان ويسهل عليه جوانب من الحياة، إلى وسيلة قادرة على تدمير مستقبل الإنسان.

الإمارات تستعد للمشاركة في مؤتمر هيروشيما للذكاء الاصطناعي والديانات، في يوليو المقبل، والذي يأتي ضمن أعمال «عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي» التي أطلقها قادة السبع مؤخراً، وتعتبر الإمارات الدولة الوحيدة عربياً وإقليمياً في هذه المجموعة التي تضم اليابان والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وكندا وكوريا وغيرها.. واقتران الذكاء الاصطناعي بالديانات إنما يرمز إلى تلك الضوابط التي يجب ألّا تغيب عن قائمة شروط كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي، ضوابط تضع بنوداً وتذكّر الإنسان بأهمية التحلي بالأخلاق أثناء استخدام هذه الوسيلة المتطورة، والتمسك بالقيم والمبادئ الأساسية والإنسانية وكبح جماح النفوس التي قد توسوس للإنسان فتُسلّطه على نفسه وعلى الآخرين فيسيء استغلال الذكاء الاصطناعي.

مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى أطلقت عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي قبل عام بهدف «وضع إطار شامل وقواعد دولية لحوكمة الذكاء الاصطناعي للتخفيف من المخاطر والتحديات التي يفرضها تقدُّمه، وبما يعزز الوصول لما يسمى بالذكاء الاصطناعي الآمن»، والإمارات لا تعتبر فقط شريكاً مع هذه الدول في بناء مستقبل أكثر تطوراً من حيث التكنولوجيا والابتكار، بل تحرص على وضع قوانين وأسس صلبة لجعل هذا المستقبل آمناً، وتضع يدها بيد كل الساعين إلى التمسك بالقيم الإنسانية والأخلاقية، ووضعها خطاً أحمر لا يمكن المساس به أياً كان حجم الابتكار العلمي وأياً كان الهدف من استخدامه، والمؤمنين بأن العلم في خدمة الإنسان وإعمار الأرض لا تدميرها، خصوصاً أن ضعاف النفوس يميلون بشكل تلقائي إلى كسر الحواجز والبحث عن كيفية استغلال كل ابتكار جديد أبشع استغلال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdrubm54

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"