هل آن أوان إلغاء الضرائب المفروضة على الذهب والفضة؟

23:23 مساء
قراءة 11 دقيقة

أصبح من الواضح على نحو لا لبس فيه أن التضخم هو من أكثر القضايا إلحاحاً في عصرنا، فبعد الارتفاع الصادم بنسبة 23% في تكاليف المعيشة منذ عام 2019، يتعرض جميع الأمريكيين، باستثناء الأثرياء، لضغوط شديدة ويرون أن مستويات معيشتهم تنخفض بمعدل ينذر بالخطر. ويتسبب التضخم الطاحن في تحوّل الأشخاص الذين كانوا أثرياء في السابق إلى مجرد طبقة وسطى، ويتحول أفراد الطبقة الوسطى السابقة إلى طبقة عاملة، في حين يجد أفراد الطبقة العاملة أنفسهم مجبرين على الانضمام إلى صفوف الفقراء العاملين وحتى المعوزين. ووفقاً لأحدث استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب، كان التضخم هو مصدر القلق الأول في الولايات المتحدة، حيث قال 55% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع إنهم قلقون بشأن التضخم بشكل كبير، في حين أظهر الاستطلاع الأخير الذي أجراه الاحتياطي الفيدرالي أن ثلثي الأمريكيين يرون أن التضخم جعل أوضاعهم المالية أسوأ.

الصورة
1

وتتمثل الحقيقة المحزنة في أن التضخم ليس واقعاً حتمياً في الحياة أو عيباً متأصلاً في الرأسمالية بل إنه نتاج مباشر للنقود الورقية غير المدعومة وإجراءات البنوك المركزية، حيث لم تشهد الولايات المتحدة فعلياً أي تضخم لما يزيد على قرن من الزمان قبل أن يتم تأسيس الاحتياطي الفيدرالي في عام 1913، وانخفض تصنيف الدولار الأمريكي بشكل تدريجي من عملة مدعومة بالذهب إلى عملة ورقية يمكن طباعتها لتصبح طي النسيان.

ورغم أن الولايات المتحدة لم تعد تتبع معيار الذهب، إلا أن المدخرين والمستثمرين تمكنوا من حماية ثرواتهم بشكل فعال من ويلات التضخم من خلال إنشاء معيار الذهب الشخصي الخاص بهم، إن جاز التعبير، وذلك من خلال الاستثمار في سبائك الذهب والفضة. ولكن حكومة الولايات المتحدة للأسف تفرض ضرائب على أرباح رأس المال على سبائك الذهب والفضة بمعدلات عالية بشكل غير منصف، وهو أمر يثير الحفيظة على نحو خاص لأن تلك «المكاسب» المزعومة ليست في الواقع مكاسب على الإطلاق، بل هي مجرد تعويض عن انخفاض القوة الشرائية للدولار، الذي يرجع سببه في المقام الأول إلى أخطاء حكومة الولايات المتحدة! لحسن الحظ، هناك بصيص من الأمل يظهر في صورة مشروع قانون جديد يهدف إلى إلغاء ضرائب أرباح رأس المال الفيدرالية الأمريكية على الذهب والفضة الماديين، وهذا ما سأناقشه لاحقاً في هذه المقالة.

ما هو التضخم وما هي أسبابه؟

من أجل فهم حقيقة فضائل الذهب والفضة، من الأهمية بمكان أن نفهم التضخم وأسبابه وتأثيره المدمر على المجتمع. ببساطة، التضخم هو زيادة في المعروض النقدي الذي يظهر في شكل سلع وخدمات باهظة الثمن بالإضافة إلى فقدان القوة الشرائية للعملة التي يتم تضخيمها. والمعروض النقدي هو عدد وحدات العملة الموجودة، وكلما زاد عدد الوحدات الموجودة، انخفضت قيمة كل وحدة.

وخلافاً للاعتقاد السائد، فإن ارتفاع المعروض النقدي في حد ذاته يمثل تضخماً، فارتفاع تكلفة السلع والخدمات هو مجرد نتيجة حتمية لهذا التضخم. والتضخم العام هو دائماً في الأصل نقدي ولا ينجم عن صدمات العرض، مثل أزمة طاقة أو جفاف تؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وكما قال الخبير الاقتصادي الحاصل على جائزة نوبل ميلتون فريدمان في عبارته الشهيرة: «إن التضخم هو دائماً وفي كل مكان ظاهرة نقدية».

الصورة
1

على الرغم من أن المعروض النقدي في الولايات المتحدة قد نما مع مرور الزمن، إلا أن هناك سلسلة من الأحداث المحورية التي سرّعت هذه العملية وكرستها بشكل أكبر، وهي كالتالي:

• تم تأسيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في عام 1913 ليضطلع بمهمة أساسية تتمثل في إصدار الدولار الأمريكي وإدارته. ولكنه للأسف أثبت أنه وكيل سيئ لعملة بلادنا فقد كان على استعداد تام لإصدار دولارات جديدة لتمكين الإنفاق الحكومي. على سبيل المثال، خسر الدولار نصف قوته الشرائية في غضون ست سنوات فقط بعد تأسيس الاحتياطي الفيدرالي بسبب تمويله لدور الولايات المتحدة في الحرب العالمية الأولى. وأعقب ذلك تضخم هائل أثناء الحرب، الأمر الذي أدى إلى تدمير القوة الشرائية للدولار.

• أخرج الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت الولايات المتحدة من معيار الذهب في عام 1933. وكانت الولايات المتحدة تتبع معيار الذهب من عام 1834 حتى عام 1933، ما يعني أن الدولار كان مدعوماً وقابلاً للاسترداد بالذهب. على مدى قرن من الزمان تقريباً، كان بإمكان حاملي الدولار تداول 20.67 دولار مقابل أونصة من الذهب. وقد ساعد معيار الذهب في الحد من التوسع في المعروض النقدي. ولخلق التضخم ومكافحة الانكماش خلال فترة الكساد العظيم، منع روزفلت المواطنين الأمريكيين من امتلاك الذهب وأجبرهم على تحويل ذهبهم إلى الاحتياطي الفيدرالي مقابل 20.67 دولار للأونصة في عام 1933. ومع ذلك، كان لا يزال بإمكان الحكومات الأجنبية استبدال دولاراتها بالذهب. وتم بعد ذلك رفع سعر صرف الدولار مقابل الذهب إلى 35 دولاراً للأونصة، ما يعني انخفاض قيمة الدولار بنسبة 59٪ مقابل الذهب. ومن المؤكد أن المعروض النقدي وتكاليف المعيشة سرعان ما ارتفعا بمعدل سريع مرة أخرى.

• حتى عام 1965، كانت الدايمات وأرباع وأنصاف الدولارات الأمريكية تُصنع من سبيكة 90٪ من مكوناتها من الفضة. واستجابة لارتفاع سعر الفضة (الذي كان في حد ذاته نتاجاً للتضخم)، أصدر الكونغرس قانون العملة لعام 1965، الذي ألغى الفضة من الدايمات والأرباع، وخفّض محتوى الفضة في نصف الدولار من 90٪ إلى 40٪. وفي عام 1970، تمت إزالة الفضة من النصف دولار. وكانت العملات الجديدة مصنوعة من النيكل والنحاس، وهما من المعادن غير الثمينة وأرخص بكثير. ونظراً لأن قيمة سك العملات الفضية القديمة تجاوزت قيمتها الاسمية، فقد تمت إزالة العملات المعدنية بسرعة من التداول من قبل أناس كانوا على دراية بقيمتها الأكبر - وهو مثال كلاسيكي لقانون جريشام («النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة»). ولا تزال العملات الفضية القديمة تحظى بشعبية كبيرة لدى مستثمري المعادن الثمينة اليوم. وغالباً ما يتم التغاضي عن قانون العملة لعام 1965، ولكنه يمثل خفضاً كبيراً لقيمة الدولار الأمريكي.

• من عام 1933 حتى عام 1971، كان لا يزال بإمكان الحكومات الأجنبية استبدال دولاراتها بالذهب، ما يعني أن الدولار كان لا يزال مدعوماً بالذهب إلى حد ما. ولكن في 15 أغسطس 1971، أنهى الرئيس ريتشارد نيكسون جميع عمليات تحويل الدولارات إلى ذهب، ما حول الدولار الأمريكي إلى عملة غير مدعومة بالذهب أي عملة ورقية يمكن طباعتها دون أي غطاء حقيقي على الإطلاق. وعلى الفور مباشرة، بدأ المعروض النقدي في النمو بوتيرة متسارعة، ما أدى إلى التضخم السيئ الصيت في حقبة السبعينات، حيث شهدت الولايات المتحدة متوسط معدل تضخم سنوي بلغ 8.21% في الفترة من 1971 إلى 1980، ما أدى إلى زيادة تراكمية في الأسعار بنسبة 46%.

• لمواجهة الأزمة المالية والركود الكبير في عام 2008، لجأ الاحتياطي الفيدرالي إلى استخدام أداة تحفيز نقدي غير تقليدية وعدوانية تُعرف باسم «التيسير الكمي». بكلمات بسيطة، التيسير الكمي هو عبارة عن طباعة أموال رقمية يشتري من خلالها الاحتياطي الفيدرالي أصولاً مثل سندات الخزانة الأمريكية وسندات الرهن العقاري من أجل تمويل الإنفاق الحكومي وضخ السيولة في الاقتصاد والأسواق المالية. ومن عام 2008 حتى عام 2014، طبع الاحتياطي الفيدرالي حوالي 3.5 تريليون دولار من خلال برامج التيسير الكمي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع المعروض النقدي وتكاليف المعيشة.

الصورة
1

• بعد مرحلته التجريبية في عام 2008، أصبح التيسير الكمي أداة دائمة ضمن مجموعة أدوات الاحتياطي الفيدرالي، ففي نهاية المطاف، هل هناك أي حكومة لا تريد أن تتمتع بالقدرة على تمويل إنفاقها المتهور على نحو متزايد بأموال خلقت من العدم؟ عندما ظهرت جائحة كوفيد-19 في عام 2020، طبع الاحتياطي الفيدرالي بسرعة حوالي 5 تريليونات دولار جديدة من خلال التيسير الكمي لكي يظل الاقتصاد واقفاً على قدميه أثناء عمليات الإغلاق التي فرضتها الحكومة. وقد موّلت هذه التريليونات من الدولارات عدداً هائلاً من برامج التحفيز، بما في ذلك شراء سندات الدين وغيرها من الأصول، وقروض الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وشيكات التحفيز، وإعانات البطالة السخية.

أثر تدمير الدولار على الأمريكيين

فيما يلي بعض الأمثلة الملموسة والموثوقة لتأثير تدمير الدولار على المواطنين الأمريكيين العاديين:

  • تحتاج أسرة مكونة من أربعة أفراد إلى دخل سنوي يزيد على 200000 دولار لتعيش حياة مريحة. في بعض الولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك وماساتشوستس وكونيكتيكت، يعدّ الدخل الذي يبلغ حوالي 300 ألف دولار سنوياً ضرورياً لتعيش الأسرة حياة مريحة. ولكن في الوقت نفسه، يبلغ متوسط الراتب السنوي 59428 دولاراً فقط، ويعيش 74% من الأمريكيين على الراتب، و67% منهم غير قادرين على تغطية نفقات غير متوقعة بقيمة 400 دولار.
  • إن ارتفاع التضخم منذ الجائحة يعني أن الأسرة الأمريكية المتوسطة يجب أن تنفق مبلغاً إضافياً قدره 11434 دولاراً فقط لتحافظ على نفس مستوى المعيشة الذي كانت تعيشه في يناير/كانون الثاني من عام 2021.
  • تحتاج الأسرة الآن إلى أكثر من 1000 دولار شهرياً لتوفير الطعام.
  • منذ أن تولى الرئيس بايدن منصبه في عام 2021، ارتفعت تكلفة البقالة بنسبة 21%، وارتفع البنزين بنسبة 47%، وارتفعت تكاليف المسكن بنسبة 20%، وارتفعت الكهرباء بنسبة 30% تقريباً.
  • وصل متوسط سعر المنزل في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 434 ألف دولار، وهو ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 30% تقريباً منذ بدء الجائحة. ونتيجة لذلك، يحتاج من يريدون شراء منزل لأول مرة إلى دخل للأسرة يقارب 120 ألف دولار سنوياً فقط، حتى يتمكنوا من شراء منزل متوسط السعر.
  • يضطر أولئك الذين لا يستطيعون شراء منزل في العادة إلى الاستئجار، ولكن مع متوسط الإيجار الشهري الذي يبلغ الآن 1957 دولاراً، أصبح خيار الإيجار أعلى بكثير من طاقة تحمّل نصف المستأجرين.
  • يبلغ متوسط تكلفة التأمين الصحي لأسرة مكونة من أربعة أفراد حوالي 23968 دولاراً سنوياً.
  • تبلغ تكاليف تربية الطفل حتى يبلغ من العمر 17 عاماً حوالي 306924 دولاراً.
  • على الأسرة الأمريكية المتوسطة أن تتوقع إنفاق 1984 دولاراً شهرياً على رعاية الأطفال، وهو ما يزيد على دفعة رهن عقاري أو إيجار في أي مكان تقريباً في الولايات المتحدة.
  • يبلغ متوسط تكلفة اقتناء سيارة جديدة نحو 48510 دولارات وهو رقم قياسي.

وهناك العديد من الأمثلة الأخرى مثل تلك التي أتينا على ذكرها أعلاه، ولكن الرسالة واضحة - حتى أسلوب الحياة المتواضع أصبح شبه مستحيل في أمريكا، وهذا خطأ تتحمله الحكومة الأمريكية والاحتياطي الفيدرالي والعملة غير المدعومة بأي شيء. كما يقول الاقتباس الذي ينسب عادة إلى توماس جيفرسون: «إذا سمح الشعب الأمريكي للبنوك الخاصة بالتحكم في إصدار عملته، أولاً عن طريق التضخم، ثم عن طريق الانكماش، فإن البنوك والشركات التي ستنمو حولها ستحرم الناس من جميع الممتلكات حتى يستيقظ أطفالهم ليجدوا أنفسهم بلا مأوى في القارة التي فتحها آباؤهم».

بلا شك أن عدد المشردين في الولايات المتحدة ارتفع بنسبة 12% في عام 2023، وهو أعلى مستوى منذ خمسة عشر عاماً على الأقل.

كيف يحمي الذهب والفضة الثروات؟

كما رأينا، فإن الاعتداء المستمر من جانب حكومة الولايات المتحدة والاحتياطي الفيدرالي على الدولار الورقي يجعله مخزناً سيئاً للقيمة، وسوف يظل طي النسيان في السنوات والعقود القادمة. فالدولار مفيد فقط كوسيلة للتبادل في أحسن تقدير، وهو عبارة عن بطاطا ساخنة يمكن مقايضتها بسلع وخدمات مفيدة بمجرد الحصول عليها وهي ساخنة. وأي شخص يحتفظ بجزء كبير من ثروته بالدولار الأمريكي لفترات طويلة من الزمن يمنح الحكومة ترخيصاً لسرقة ثرواته التي اكتسبها بشق الأنفس.

على عكس العملات الورقية، أثبتت سبائك الذهب والفضة أنها أفضل مخازن القيمة على مدى آلاف السنين، حيث يعتبر الذهب والفضة فعالين للغاية في الحفاظ على الثروة، لأنه لا يمكن طباعتهما أو صنعهما من لا شيء كما هو الحال مع العملات الورقية، ما يعني أن أسعارهما ترتفع بمرور الوقت مع زيادة المعروض من النقود الورقية. ويرى حاملو الذهب والفضة أن قيمة أصولهم ترتفع بينما تنخفض قيمة العملة، وهو ما يسمح لهم بالحفاظ على ثرواتهم.

ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن قيمة الذهب والفضة لا ترتفع فعلياً بالمعنى المطلق؛ حيث إن العملات الورقية المقومة بالذهب والفضة تفقد قيمتها بسبب تخفيض قيمتها، ولهذا السبب يبدو أن أسعار الذهب والفضة ترتفع. في هذا السيناريو، يحافظ الذهب والفضة ببساطة على قيمتهما وقوتهما الشرائية - وما يسمى «مكاسب» هو أمر وهمي. وخير مثال لذلك هو أن بدلة الرجال ذات الجودة العالية تساوي منذ فترة طويلة ما يعادل أونصة واحدة من الذهب. في ثلاثينات القرن العشرين، كانت تكلفة البدلة وأونصة الذهب نحو 35 دولاراً، أما الآن، وبعد نحو قرن من الزمان، تبلغ تكلفة كل منهما نحو 2300 دولار.

لماذا حان الوقت لوقف فرض الضرائب على أرباح رأس المال على سبائك الذهب والفضة؟

كما رأينا، فإن حكومة الولايات المتحدة والاحتياطي الفيدرالي كانا وكيلين سيئين للغاية للدولار، وقد سحقا الطبقة الوسطى من خلال التخفيض المستمر لعملتنا. ومن الصعب أن نتصور أن هذه المؤسسات يمكن أن تقوم بعمل أسوأ مما تقوم به بالفعل، فهو عمل إجرامي من الناحية العملية ويمكن التماس العذر لأي شخص عاقل أن يعتقد أن هذا العمل يتم القيام به عن علم، وحتى عن قصد. وكما ذكر الخبير الاقتصادي ميلتون فريدمان بدقة، فإن التضخم هو شكل من أشكال الضرائب دون تمثيل، وهو كان أحد المظالم الرئيسية التي دفعت أجدادنا الأمريكيين الاستعماريين إلى الثورة ضد بريطانيا العظمى.

ليس للشعب الأمريكي أي رأي عملياً في كيفية إدارة عملتنا، ومع ذلك فنحن مجبرون على استخدام تلك العملة بموجب القانون. نحن محاصرون تماماً.

على الرغم من أن المواطنين الأمريكيين العاديين لا حول لهم ولا قوة في ما يتعلق بإدارة عملتنا الوطنية، فإن لدينا بعض الخيارات للحفاظ على ثروتنا على المستوى الفردي، مثل «معيار الذهب» الشخصي الذي ذكرته سابقاً في هذه المقالة (أي الحفاظ على الثروة من خلال الاستثمار في سبائك الذهب والفضة).

وكما أشرنا سابقاً، هناك مشكلة رئيسية تجعل هذه الاستراتيجية أقل فاعلية بكثير مما ينبغي أن تكون عليه وتمنع اعتمادها على نطاق أوسع بكثير، ألا وهي ضرائب أرباح رأس المال الفيدرالية الأمريكية على سبائك الذهب والفضة.

ولا تكمن المشكلة فقط في فرض ضرائب على أرباح رأس المال على سبائك الذهب والفضة في المقام الأول، بل إن معدل ضريبة أرباح رأس المال على السبائك أعلى بكثير من معدل ضريبة أرباح رأس المال على الأصول الاستثمارية الأخرى، حيث تعتبر دائرة الإيرادات الداخلية الأمريكية سبائك الذهب والفضة ضمن فئة «المقتنيات» - تماماً مثل الأعمال الفنية وبطاقات البيسبول والدمى المحشوة (Beanie Babies) - وتفرض ضرائب على أرباح رأس المال على تلك العناصر بمعدل ضخم يبلغ 28%. وفي المقابل، يبلغ معدل ضريبة الأرباح الرأسمالية طويلة الأجل على الأسهم والسندات 15% فقط بالنسبة لمعظم الناس، وحتى 0% بالنسبة لذوي الدخل المنخفض. بهذا الشكل، تقوم الحكومة الأمريكية باختيار الفائزين من خلال إظهار المحاباة للأسهم والسندات مقابل سبائك الذهب والفضة.

من الظلم للغاية أن تفرض حكومة الولايات المتحدة ضريبة على ما يسمى أرباح رأس المال على سبائك الذهب والفضة عندما لا تكون هذه «المكاسب» مكاسب حقيقية على الإطلاق، ولكنها نتيجة لتدهور قيمة النقود الورقية بسبب خطأ حكومة الولايات المتحدة! وهذا خير مثال على الكيفية التي «نقع فيها بين أحجار رحى الضرائب والتضخم»، على حد تعبير فلاديمير لينين.

لا يستثمر الناس في سبائك الذهب والفضة لتحقيق الثراء، بل إنهم يتطلعون فقط إلى الحفاظ على ثرواتهم. وعادةً ما ينجذب الأشخاص الذين يتطلعون إلى الثراء نحو أسهم التكنولوجيا للمضاربة الساخنة والعملات المشفرة وشراء وبيع المنازل - وليس سبائك الذهب والفضة الرصينة، والتي عادة ما يتم الاستهزاء بها من قبل المضاربين الشباب البارعين في العملات المشفرة اليوم باعتبارها «استثماراً عفا عليه الزمن» (رغم أنني لا أتفق معهم بالطبع).

  • سن قانون الحياد الضريبي للمعادن النقدية

قبل بضعة أسابيع، كانت مفاجأة سارة لي عندما علمت أن هناك مشروع قانون جديد يحمل اسم «قانون الحياد الضريبي للمعادن النقدية» يهدف إلى إلغاء جميع ضرائب الدخل الفيدرالية المفروضة على سبائك الذهب والفضة.

وقد تم تقديم مشروع القانون من قبل عضو الكونغرس أليكس موني، النائب الجمهوري عن ولاية ويست فريجينبا، بدعم من رابطة الدفاع عن الأموال المستقرة (Sound Money Defense League) ونشطاء السوق الحرة الآخرين. كما شارك النائبان سكوت بيري (جمهوري عن ولاية بنسلفانيا) وراندي ويبر (جمهوري عن ولاية تكساس) في رعاية مشروع القانون.

وقال النائب موني: «من وجهة نظري، التي يدعمها نص الدستور الأمريكي، فإن العملات الذهبية والفضية هي أموال وهي عملات قانونية». وأضاف موني: «إذا كانت أموالاً أمريكية بالفعل، فيبدو أنه لا ينبغي فرض ضرائب عليها على الإطلاق، فلماذا نفرض ضرائب على هذه العملات معتبرين أنها مقتنيات؟».


  • الدايم (Dime): قطعة نقود أمريكية بقيمة عشرة سنتات أو 0.1 من الدولار الأمريكي، وطُرح للتداول لأول مرة في عام 1796.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/26zbebru

عن الكاتب

محلل مالي وكاتب متعاون مع مجلة فوربس الأمريكية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"