المناهج وضرورة مواكبة التنمية

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

هل من السهل غضّ الطرْف عن هذه الإشكالية التنموية؟ ما الذي يحدث عندما يتجاوز قطارُ التنمية مناهجَ التربية والتعليم بمسافات شاسعة؟ دع المفاعيل والنتائج جانباً مؤقتاً. فالاستدلالات المنطقية أجدر بالتفكّر. يجب أن يكون نظام التعليم هو الرافد المتدفق بالطاقات التي تمدّ مراكزَ البحث العلمي، فتتجدّد الدماء باستمرار في شرايين التنمية، فإذا كانت المناهج غير مواكبة لقطار التنمية، فإن المتخرّجين سيواجهون الاغتراب في بيئة مهنيّة متخصّصة لم يُعَدّوا لها ولم يستعدّوا. الصورة الكاريكاتورية معبّرة بمبالغتها: تخيّل شخصاً يدرّبونه على أساليب الطباعة في زمن تجميع الحروف، أو اللاينوتيب بالأقراص الرصاصيّة، وعند التخرّج يفاجأ بأن كل شيء رقميّ.

في دولة الإمارات نرى التنمية العامّة متقدّمة على المناهج. ثمّة مسافة بين التعليم والتنمية المتسارعة في جلّ القطاعات، بينما أوامر أصحاب القرار بضرورة التفوق إقليمياً وعالمياً، نلاحظها من خلال توجيهات كثيرة من بينها المبادئ العشرة لدولة الإمارات في الخمسين الجديدة، وكان الأحدث مؤخراً، هو إطلاق سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، مبادرة تدريب مليون شخص على مهارات هندسة الأوامر في الذكاء الاصطناعي. السؤال: كيف هي صورة المناهج في هذا المشهد المنبئ بتحولات جوهرية نوعية؟ السؤال الجوابي: كيف تنظر وزارة التربية إلى مليون دماغ خوارزمي؟ بعبارة أخرى: هل التعليم جارّ أم مجرور؟ هل المناهج صانعة عقول مبتكرة، أم منتجة باحثين عن وظائف؟

في الضفة الأخرى، نجد قطاع التعليم الخاص. هو بانوراما متنوّعة، قد يكون أفضل تكويناً، ولكنه قد لا يكون مثاليّاً لمتطلبات الهويّة. الإشكالية هي أن يغدو أكثر جذباً من الحكومي. ليس هذا مستغرباً إذا كانت مصادره أنظمة تعليم أكثر تقدّماً. ما الغرابة، فنظاما التعليم في سنغافورة وفنلندا، متقدمان بما لا يقاس على أوروبا والولايات المتحدة؟

الإشكالية أن نرى المناهج لا تغيّر ما بنفسها من برود العلاقة بالرياضيات والفيزياء. ليست هذه إشارة إلى أن اليابانيين ضربت أسلاكهم فأخذوا من الأدبي ليزيدوا الكيل للعلميّ، نزولاً عند متطلبات التنمية العصرية. لكن، ليس سيّئاً أن نطبّق على العلمي مبدأ «للذكر مثل حظ الأنثيين» إزاء الأدبي، ريثما يبلغ البحث العلميّ أشُدّه.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: نظام التعليم قاطرة، فإذا صارت التنمية تقطره، فإعادة النظر ضرورة. لغتنا عجيبة، تشتق الضرورة والضرر من الثلاثي نفسه!

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2na8bx9c

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"