متاهات مصيرية في طريق «العربية»

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

هل لديك تصوّر ولو فضفاض لما ستكون عليه جماليات الأساليب في منتصف القرن؟ القلم لا يدري لماذا طرح عليك السؤال، ولم يُلقِ بهذا القول الثقيل على الذين يُفترض فيهم أن الأمر يهمّهم: المناهج، الأدباء، المثقفين، المفكرين ومراكز البحوث والدراسات.

في الحقيقة هذا حمّام فكريّ الخروجُ منه ليس كدخوله. السؤال يلوح بسيطاً، لكنه ينطبق عليه قول حافظ الشيرازي: «إن الحب بدا سهلاً في البداية.. لكن انهالتِ المشكلات». أنت كلّك حصافة ورهافة وثقافة، لكن التربية الثقافية في العالم العربي لم تُنشئ الأجيال في العصر الحديث على طرح الأسئلة المصيرية في كل خطوة. دعك من الآداب والفنون، فالقوم يحسبونها نباتاً ديميّاً، إن جادها الغيث نبتت ونمت، وإن أمسكت السماء عنها ماءها، فالصبر مأجور. حتى في الاقتصاد نرى التنميات المتعثرة هي الأكثرية الغالبة، لأن تلك الاقتصادات ليس لها زرقاوات يمامة تخطط لعشرات السنين وتستشف وتستشرف.

هل تظن أن في البلاد العربية موسيقيين وخَز أذهانَهم السؤال: كيف ستكون الموسيقى العربية بعد ثلاثة عقود؟ كيف ستكون آثار الذكاء الاصطناعي فيها على الصعيدين النظري والتطبيقي؟ هل لدينا باحثون في العلوم الموسيقية يحققون بطرائق منهجية علمية في الانعكاسات التي ستكون لحواسيب الكوانتوم على الحياة العامة، ومنها على المعلوماتية، وبالتالي على ما بعد الرقمي من تأثيرات في الفنون السمعية البصرية؟ من هنا علينا أن نسأل: أليس من الحكمة أن نتبيّن من تلك النتائج ما يجب أن تتطور به مناهج المعاهد الموسيقية ومدارس الفنون الجميلة؟ الحل المريح لدى الأغلبية هو: «دعِ الأيامَ تفعل ما تشاء»، وعندما يأتي منتصف القرن بسيول تحولاته، نطيبُ نفساً إذا حكم القضاء بالجلوس القرفصاء على الرصيف للتفرج على الطائرين والمحلقين، والقناعة عنزٌ برسيمها لا يفنى.

الجماليات الأسلوبية أمر هيّن. مثلاً: كيف ستكون للعربية مكانة تفرض بها وجودها وهي لا تنتج العلوم؟ الأسوأ: كيف ستحافظ على علاقتها بشعوبها، إذا كان أهلها يُهملون تعريب العلوم؟ الأنكى: الفصحى تتردى، والعامية تجتاح، ولا توجد جاذبية مركزية في الثقافة العربية، وتبسيط القواعد منعدم، فأين مصادر مناعة لغتنا؟ الأدهى: لا علاقة بين مجامع اللغة والمناهج، فأنّى لتطوير تدريس العربية أن يتحقق؟

لزوم ما يلزم: النتيجة العجبية: أبَعدَ ذلك تسأل عن جمال الأساليب في منتصف القرن؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8vvhkn

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"