سوق الائتمان والانتخابات الأمريكية

22:23 مساء
قراءة 4 دقائق

مايك دولان*

تجاهلت أسواق الائتمان للشركات تذبذب الأسهم الأسبوع الماضي، ونحّت جانباً أي قلق بشأن الاقتصاد الأوسع، ما سمح حتى لذات التصنيف المنخفض بجمع ديون جديدة بسهولة.

ومع ذلك، هناك دلائل على وجود بعض المخاوف في الوقت الحالي، ما يؤكد مدى الإجماع على مفهوم «الهبوط الناعم»، ويشير أيضاً إلى أن الخلل الذي شهدته أسواق الأسهم مؤخراً كان مرتبطاً أكثر بالشركات العملاقة باهظة الثمن وتصحيحات شركات التكنولوجيا الكبرى، وليس القلق الأساسي بشأن النمو في حد ذاته.

وبالنسبة للعديد من المستثمرين، فإن ما يسمى ب«الائتمان عالي المخاطر» أشبه بإرسال طائر الكناري إلى منجم الفحم، وهو تقليد يُستخدم تاريخياً لاختبار أول أكسيد الكربون وغيره من الغازات السامة تحت الأرض. بالتالي، فهو أول من يموت إذا واجه الاقتصاد مشكلة ما، كما أن بإمكانه تضخيم أي ضائقة من خلال زيادة المخاوف من التخلف المتتالي عن السداد، والإفلاس، وفقدان الوظائف.

في الواقع، انخفضت معدلات التخلف عن السداد مرة أخرى. وأشار «دويتشه بنك» إلى أن حالات التخلف على مدى 12 شهراً الماضية لسندات الدولار ذات العائد المرتفع تراجعت في يونيو إلى 3.1% فقط، وهو أدنى مستوى لها منذ عام تقريباً. وانخفض معدل التخلف عن السداد لأضعف شريحة مصنفة «CCC» للشهر الثالث على التوالي إلى أدنى مستوى له منذ يوليو 2023. وهذا أقل من متوسط معدل التخلف عن السداد البالغ 4% في العقود الأربعة الماضية، وأعلى قليلاً فقط من متوسط 2.9% في القرن الماضي، وفقاً ل«شرودرز».

وتظل فروق العائد، وهي علاوة اقتراض السندات الأمريكية عالية المخاطر على سندات الخزانة المكافئة، قريبة من أدنى مستوياتها في عامين. وعند 353 نقطة أساس، وأقل بنحو 100 نقطة أساس عن المستويات المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي، كما أن الفروق على شرائح «B» و«BB» هي الأضيق منذ انهيار البنوك والائتمان قبل 15 عاماً.

إضافة إلى ذلك، تتفوق السندات عالية المخاطر على الديون ذات التصنيف الاستثماري الأفضل لهذا العام حتى الآن. ويبدو «جدار» الديون المستحقة في العام المقبل، الذي طالما خشيناه، أشبه بعقبة يمكن تجاوزها، حيث لم تعد العديد من الشركات تواجه أي مشكلة في تسهيل جداول تمويلها. والواقع أن الكثير منها تمكنت من جمع ما يكفي من الديون الجديدة لتطهير الساحة قبل أي اضطراب في السوق قد ينشأ مع الانتخابات الأمريكية في وقت لاحق.

إلى ذلك، جمعت شركات إصدار الديون ذات العائد المرتفع 176 مليار دولار حتى الآن هذا العام، وهو ما يزيد بنحو 80% على وتيرة العام الماضي. ولم تواجه السوق أي مشكلة في استيعاب هذا الطوفان من الإصدارات. ويرجع هذا جزئياً إلى ارتفاع الطلب على الديون ذات العائد المرتفع، ولكن المعروض من الأوراق المالية الجديدة ليس كذلك.

ويشير محللو الائتمان في شركة إدارة الأصول العملاقة «بلاك روك»، إلى أنه في حين تم إصدار كميات ضخمة من الديون ذات العائد المرتفع هذا العام، لم يُجمع سوى قدر ضئيل من الأموال الجديدة. كما تم تخصيص ما يقرب من 75% من مبيعات الديون الجديدة لإعادة التمويل، وهو أعلى مستوى شوهد في حقبة ما بعد عام 2008، وأكثر من 10 نقاط فوق مستويات يونيو 2023.

وفي تسليط للضوء على هذا «التقدم» في مبيعات الديون في كل من الأسواق ذات العائد المرتفع وأسواق الفئة الاستثمارية، يعتقد الاستراتيجيان في «بلاك روك» أماندا لينام ودومينيك بلاي، أن فرق الإدارة تستهدف استحقاقات تصل إلى أواخر عام 2025 وحتى عام 2026، وهم حريصون على تجنب أي صعوبات في جمع الأموال بحلول نهاية العام. وقالا، إن الشركات ربما تتطلع إلى زيادة السيولة بشكل استباقي وتجنب التقلبات المحتملة حول أحداث معينة في وقت لاحق من هذا العام، مثل الاستحقاق الرئاسي في واشنطن.

إن انخفاض الأسعار دون ركود هو مزيج قوي لأي شخص يريد التخلص من النقد والاحتفاظ بعوائد مرتفعة. ويزعم بعضهم أنه لتجنب سندات الخزانة الأمريكية بسبب المخاطر المالية الهائلة التي قد تنشأ بعد الانتخابات، فإن الائتمان المؤسسي قد يكون أفضل حل وسط.

في المقابل، يحذر بعض الاستراتيجيين من أن شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول غير لطيفين عادة مع أسواق الائتمان. وهناك توازن دقيق مستمر بين انخفاض أسعار الفائدة ومخاطر الركود. وقال فريق الائتمان في «مورغان ستانلي» للعملاء: «إن البنوك المركزية متأخرة، وهي عادة ما تكون كذلك، ما يجعل صمود البيانات أمراً مهماً». ولكن بنك الاستثمار الأمريكي ظل إيجابياً؛ إذ يرى أن «النمو المعتدل»، و«التضخم المعتدل»، و«السياسة المعتدلة»، و«الطلب القوي من جانب المستثمرين»، كلها عوامل تبرر التسعير التاريخي لسوق الائتمان الأمريكي. وقال البنك: «في ظل هذه الخلفية، نتوقع أن تكون الفوارق الائتمانية في العائدات مرتفعة، وستظل كذلك».

وعلى هذا النحو، قد ترتفع حدة تقلبات أسواق الائتمان الأمريكية مع اقتراب موعد الانتخابات، لكن من غير المرجح أن نشهد ارتفاعاً مماثلاً في حالات التخلف عن سداد الديون.

*محرر الأسواق المالية في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/36dx52xh

عن الكاتب

محرر الأسواق المالية في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"