عادي
بلغت ذروتها أثناء الصيف.. وتحمل مخاطر جمّة

الألعاب الذكية.. إفراط من الأبناء يستدعي تدخل الآباء

01:05 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم
في عصر تطورات التكنولوجيا المتقدمة، أصبحت الألعاب الذكية جزءاً أصيلاً من حياة الأطفال والشباب، إذ توفر مزايا متنوعة، أبرزها تحسين التفكير النقدي، وتعزيز مهارات حل المشكلات، ولكن الإفراط في استخدامها يحمل مخاطر جمّة، تستوجب التدخل العاجل من الآباء، لاسيما أثناء الإجازة الصيفية التي وصل فيها الإفراط إلى ذروته بين الأبناء.

الطلبة في مختلف مراحل التعليم، يجدون أن الإفراط في ممارسة الألعاب الذكية، حق لهم أثناء الإجازة الصيفية، لأنها وسائل فاعلة للتسلية، والترفيه، والتواصل، وتبادل الثقافات، والهروب من الملل، والشعور بالإنجاز، ولم نرَ منهم أي إدراك لمخاطر الإفراط لتلك الألعاب.

في المقابل، أكد عدد من أولياء الأمور معاناتهم الكبيرة بسبب إفراط أبنائهم في ممارسة الألعاب الذكية، لدرجة أنهم يوصلون الليل بالنهار أمام شاشات الهواتف، موضحين أن الإجازة الصيفية الأكثر تأثيراً في الأبناء، إذ يجدون الراحة والاسترخاء بين تلك الألعاب، لأنها طريقة مميّزة لإبقاء عقولهم يقظة، وتعمل بلا توقف.

تربويون أكدوا أن الإفراط في تلك الألعاب، قد يؤدي إلى مشكلات كبيرة، مثل العزلة الاجتماعية، والتأثير السلبي في الأداء الأكاديمي، وضعف النظر، وقلة النشاط البدني، ما يستدعي التدخل العاجل للآباء لتنظيم وقت اللعب، وتوجيه أبنائهم نحو استخدام أكثر توازناً لهذه الألعاب، لضمان الاستفادة، وتقليص الإضرار.

ورصد علماء النفس 5 مخاطر أساسية قد تصيب المفرطين من الأبناء في ممارسة تلك الألعاب، أبرزها السلوكات العدوانية، في وقت سطّروا وصفة علاجية تضم 7 مسارات لتقليص المخاطر المرتبطة بالإفراط في استخدام الألعاب الذكية، وتحقيق توازن صحي في حياة الأبناء.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي أهم عادات الأبناء أثناء الإجازة الصيفية، وكيف تصدرت الألعاب الذكية قائمة رغبات وميول الطلبة في الصيف، وإلى أي مدى تحمل تلك الألعاب أضراراً جسيمة، وكيفية التصدي لها، وتقليص أثرها في الأبناء.

  • الأكثر جذباً

البداية كانت مع رصد «الخليج»، لأهم الألعاب الذكية الأكثر جذباً للطلبة أثناء الإجازة الصيفية، وتستحوذ على معظم أوقات الأبناء، إذ تشمل مجموعة متنوعة، وأبرزها ألعاب الحركة والمغامرة التي توفر تجربة ملأى بالإثارة، والتحدي، مثل ألعاب البقاء على قيد الحياة، والألعاب الرياضية، وتُعد من الألعاب المفضلة للأطفال، لأنها تتيح لهم التفاعل مع البيئة الافتراضية بطرق مشوقة. واستحوذت ألعاب الإثارة والعنف على ميول الطلبة أثناء إجازة الصيف، إذ تضم مجموعة واسعة من الألعاب، توفر تجارب مثيرة ملأى بالتحديات والتشويق، وأبرزها ألعاب «الزومبي» التي تجمع بين العنف والإثارة، و(MadOut2 BigCity ) التي توفر عالماً مفتوحاً كبيراً يمكن للاعبين استكشافه، وخوض مغامرات حماسية فيه، و(Portal RTX) التي تجمع بين التصويب والذكاء في حل الأحاجي، وتتطلب من اللاعب الحنكة وسرعة البديهة لتجاوز التحديات، فضلاً عن ألعاب الحركة، مثل قيادة السيارات والهرب في أرجاء المدن والتصادم، التي تقدم مستوى عالياً من التشويق والإثارة.

  • الواقع المعزز

وكان لألعاب الواقع المعزّز نصيب كبير من اهتمامات الطلبة، إذ تقدم تجربة دمج العالم الافتراضي مع «الحقيقي»، ما يتيح للأطفال التفاعل مع العناصر الرقمية في بيئتهم الحقيقية، فضلاً عن الألعاب التي تسهم في تقوية الروابط الأسرية وتعزيز العلاقات بين أفرادها، ولكنها كانت الأقل حظاً بين الأبناء.

وجاءت ألعاب التجارب العلمية والبرمجة في المرتبة الأخيرة من اهتمامات الطلبة، على الرغم من أنها تتيح للأبناء تعلم مفاهيم البرمجة والعلوم بطرائق تفاعلية، وممتعة، ما يساعد على تطوير مهاراتهم التقنية والمستقبلية.

  • أسباب الإفراط

وفي وقفة معهم، رصد عدد من الطلبة في مختلف مراحل التعليم (حمدان. م، وعلياء.ح، وسماح.س، وعلي.ك)، 8 أسباب تقودهم إلى الإفراط في ممارسة الألعاب الذكية، أبرزها التسلية والترفيه، إذ تُعدّ وسيلة ممتعة لتمضية الوقت، لاسيما أثناء الإجازة، ومواقع التواصل، إذ توفر كثير منها منصات للتواصل مع الأصدقاء، سواء كانوا زملاء في المدرسة، أو أشخاصاً جدداً.

وأضافوا أن الهروب من الملل أثناء الإجازة الصيفية، أبرز الأسباب التي تجعل الطلبة يلجأون للألعاب وسيلة للترفيه، فضلاً عن التحفيز الفوري، إذ إنها غالباً ما توفر مكافآت فورية، وتحديات مثيرة، ما يمكن أن يكون مغرياً ومشجعاً على اللعب لأوقات طويلة، مع الشعور بالإنجاز، حيث إن الكثير من الألعاب تمنح الأطفال شعوراً بالإنجاز، عبر تخطي مستويات، أو تحقيق أهداف معينة.

وكان من ضمن الأسباب التي رصدها الطلبة، تلك التي تتعلق بالتقليد، إذ إن معظمهم يقلدون أقرانهم، أو أفراد أسرهم، الذين يقضون وقتاً طويلاً في استخدام الألعاب الذكية، فضلاً عن قلة الأنشطة البديلة، ورغبة معظمهم في الهروب من الضغوط الأكاديمية، أو الاجتماعية.

  • معدلات متواضعة

أولياء الأمور محسن عبدالله، وهشام عامر، وسميحة مراد، وعلياء البلوشي، أكدوا أنهم يعيشون معاناة حقيقية بسبب إفراط الأبناء في ممارسة الألعاب الذكية، إذ تمتد ساعات اللعب إلى صباح اليوم التالي، بلا توقف، وعدم رغبة الأبناء في الطعام طوال تلك المدة، إلا بمعدلات متواضعة، وتدنّي مستوى تواصلهم مع الأسرة.

وأفادوا بأن جميع محاولاتهم باءت بالفشل لتنظيم أوقات أبنائهم، وإدارة استخدام الهواتف، وممارسة تلك الألعاب عبر الإنترنت بحكمة، ومنهجية، تسهم في حماية الأبناء من مخاطر تلك الألعاب. مؤكدين أن التطورات المتسارعة في التكنولوجيا، أسهمت بشكل مباشر في تعزيز مكانة تلك الألعاب في نفوس الأبناء، لاسيما المجانية منها.

  • وسائل متعددة

وفي حديثهم معنا، أكد التربويون: الدكتور فارس الجبور، وسلمى عيد، وعلي مطاوع، وخلود فهمي، أهمية التوازن بين التعليم والترفيه، لاسيما وأن الألعاب الذكية يمكن أن تكون وسيلة تعليمية فعالة إذا اختيرت بعناية، وضمن إطار زمني محدد، فضلاً عن أنها تسهم في تنمية مهارات متعددة، مثل القراءة، والكتابة، والفنون، والرياضة، والأنشطة الرقمية، ما يساعد على تطوير شخصية الأبناء بشكل شامل.

وأكدوا أهمية التفاعل الاجتماعي في تنمية مهارات الأبناء، مع التركيز على الابتعاد عن الإفراط في استخدام الألعاب الذكية، الذي يؤدي إلى عزلة اجتماعية. ويجب تشجيع الأبناء على التفاعل مع أقرانهم وأفراد أسرتهم. مع ضرورة تعليم الأطفال كيفية استخدام التكنولوجيا بشكل آمن، ومسؤول، وفهم المخاطر المحتملة للإفراط في استخدام الأجهزة الذكية.

وقدموا لمجتمع أولياء الأمور، حزمة نصائح لتقليص مخاطر تلك الألعاب، أبرزها وضع جدول زمني يتضمن وقتاً محدداً لاستخدامها. وتوجيه الأطفال نحو الألعاب التي تقدم محتوى تعليمياً ومفيداً، وتشجيعهم على الأنشطة البدنية، وتعزيز التواصل الأسري، وتوفير بدائل جذابة، فضلاً عن تثقيف الأطفال بالمخاطر الصحية والنفسية للإفراط في استخدام التكنولوجيا.

  • مخاطر ومعالجات

ولخصت الدكتورة سارة عبد الرحمن، أستاذة علم النفس، مخاطر الإفراط في ممارسة الألعاب الذكية في التأثير في النمو الاجتماعي، والتأثير السلبي في الأداء الأكاديمي للطلبة، حيث يمكن أن يسبب قلة النوم وتدنّي التركيز. كما أن الجلوس لأوقات طويلة أمام الشاشات يؤدي إلى مشكلات صحية مثل السمنة، وآلام الظهر، والعين. فضلاً عن السلوكات العدوانية بسبب الألعاب العنيفة التي تزيد من العدوانية لدى الطلبة.

وأكدت أهمية تشجيع الحوار المفتوح مع الأبناء في ألعابهم وما يعجبهم فيها، ما يساعد على فهم توجهاتهم، وتوجيههم بشكل أفضل. والاستخدام الإيجابي للتكنولوجيا، مثل تعلم البرمجة أو مهارات جديدة عبر الإنترنت. وعلى الآباء أن يكونوا قدوة حسنة في استخدام التكنولوجيا باعتدال، وفي تحديد أولويات الأنشطة اليومية، وينبغي دعم الأبناء لقضاء وقت أكبر في الأنشطة الخارجية، واللعب في الطبيعة.

  • 7 نصائح

قدمت الدكتورة سارة عبد الرحمن، أستاذة علم النفس، وصفة علاجية تضم 7 نصائح لأولياء الأمور لتقليص مخاطر الألعاب الذكية، أبرزها: تحديد وقت محدد ومناسب يومياً، ويفضل ألا يتجاوز ساعة إلى ساعتين. وتنويع الأنشطة خارج الشاشة مثل الرياضة، والقراءة، والهوايات الفنية. وأهمية المراقبة الأبوية المستمرة لنوعية الألعاب التي يمارسها الأبناء، ومدى ملاءمتها لأعمارهم.

  • استراتيجيات مؤثرة

اقترح عدد من التربويين وعلماء النفس، عدداً من الاستراتيجيات لمساعدة الأبناء على تقليص استخدام التكنولوجيا، أبرزها توفير أنشطة بديلة مثل الرياضة، والفنون، والرحلات، والتواصل المفتوح، والتحديد الزمني للألعاب، والقدوة الجيدة، والتعاون مع الأبناء في اختيار الألعاب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3dbk67yn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"