الديمقراطية الأمريكية.. التاريخ والمرتكزات

القاهرة: «الخليج»
أثناء الاحتفال بتدشين المقبرة القومية إبان احتدام الحرب الأهلية الكبرى، التي خاضها الشعب الأمريكي، للاحتفاظ بالولايات المتحدة دولة واحدة، ألقى الرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن خطاباً، ختمه بهذه الجملة التي أصبحت أكثر تعريفات مصطلح الديمقراطية شيوعاً في تاريخ أمريكا، وقد قصد الرئيس الأمريكي بعبارة «حكومة من الشعب يختارها الشعب من أجل الشعب» التأكيد على أن العناصر الأساسية للحكم الديمقراطي، كما بينها على أفضل وجه، تنطبق على أي بلد يطمح لأن يكون مجتمعاً ديمقراطياً.
هذا الكتاب وعنوانه «الديمقراطية الأمريكية.. التاريخ والمرتكزات» هو مجموعة دراسات بعنوان «أوراق الديمقراطية» نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية يعترف بأن ممارسة الديمقراطية أمر عسير، بل لعلها الممارسة الأكثر تعقيداً وصعوبة بين كل أشكال الحكم الأخرى، فهي حافلة بالتوترات، وتنطوي على العديد من التناقضات، وتتطلب من القائمين على أمرها، بذل كل جهد وعناية في سبيل نجاحها. الحكم الديمقراطي لم يصمم للعمل بكفاءة، بل ليكون قابلاً للمحاسبة، قد لا يتمتع هذا الحكم بسرعة الأداء المعروفة عن الحكم الديكتاتوري، لكنه ما إن يتوصل إلى أنسب طريقة لتنفيذ برامجه، فإنه يعتمد في تنفيذها على مصادر عميقة من الدعم الشعبي.
يؤكد الكتاب – الذي ترجمه إلى العربية حسين عبدربه المصري – أن الديمقراطية في شكلها الأمريكي ليست منتجاً تم الانتهاء منه، وإذا كان هناك من يقول إن الأشكال الخارجية للحكم في الولايات المتحدة لم تتغير كثيراً في القرنين الماضيين، فإن من ينظر إلى ما هو أعمق من السطح سيلاحظ الكثير من التغيرات، من هنا يعتقد كثير من الأمريكيين – عن يقين – أن المبادئ الأساسية التي يرتكز عليها نظام حكمهم تنبع مباشرة من الأفكار التي نادى بها أول مرة واضعو الدستور عام 1787.
يؤكد الكتاب أن أي فرد لا يمكن أن يدعي أن النموذج الأمريكي – رغم نجاحه في أمريكا – هو النموذج الذي يجب أن تحذو حذوه كل الأنظمة الديمقراطية، لأن كل بلد له الحق في أن يقيم نظام الحكم الذي يناسبه، انطلاقاً من ثقافته وتاريخه، من هنا نقول إن هذه الدراسات تحدد مبادئ أساسية ينبغي أن تكون متوافرة، بطريقة أو بأخرى، في كل الأنظمة الديمقراطية، مثال على ذلك نقول: الطريقة التي تتبع في سن القوانين قد تختلف بشكل كبير بين بلد وآخر، ولكن مهما اختلفت هذه الطريقة فينبغي أن تتقيد بالمبدأ الأساسي الذي يطالب بأن يكون المواطنون جميعاً شركاء في عملية صنع القوانين في بلدهم، وأن يشعروا بأنهم أصحابها.
وقع اختيار الكتاب على 11 مبدأ، تمثل مجموعة المفاتيح الضرورية لفهم أمرين: الأول كيف تطورت الديمقراطية في الولايات المتحدة؟ والثاني كيف تعمل في المرحلة الراهنة؟.