عادي
صيفنا قراءة

محمد الاستاد: الكتب تتجول بنا في العالم

22:37 مساء
قراءة 4 دقائق
محمد الاستاد

الشارقة: جاكاتي الشيخ

يقول الفنان التشكيلي محمد الاستاد: «اعتزال الناس هي واحدة من عاداتي الخاصة في القراءة، لكي أنفرد بنفسي مع كتبي مستمتعاً بها على وقع قطع الموسيقى الهادئة، وموسيقى الطبيعة والعصافير، وهو ما جعلني أعشق السفر في الإجازة الصيفية، وأفضل أن أقوم بتلك العادة في الأماكن التي توجد بها الغابات الكثيفة والأمطار الغزيرة، والطبيعة ذات الأجواء الباردة والهواء النقي، فأجلس بين أحضان اللون الأخضر بتدرجاته، وأستطيع القراءة صافي الذهن».

ويضيف الاستاد: «إن الكتب التي تجذبني للقراءة هي الكتب الخاصة بالفنون والفنانين بالدرجة الأولى، وبشكل أخص كتب الفن التشكيلي، لأنني أجول خلال قراءتها في عوالم الفن والفنانين، وأجالس عظماءه عبر التاريخ، ومن كل بقاع العالم، فأطّلع كذلك على التطورات التي مر بها المجال، وما ينفتح عليه من آفاق إبداعية، بالإضافة إلى الكتب السياسية التي تضعنا في قلب الأحداث، حول كل ما يدور في العالم من حولنا».

  • فن وسياسة

وعن الكتب التي يوصي بها، يقترح الاستاد كتابين، أولهما كتاب «كيف تفكر على طريقة ليوناردو دافنشي» للكاتب مايكل غِلُب، الذي يعتبره من أهم الكتب المحيطة بموضوع قابلية الإبداع، حيث شمل دراسة كل جوانبه دراسة بحثية معمقة ومنقحة، من شأنها إثارة اهتمام الساعين على درب الإبداع في أي مجال، باعتبار الفنان العبقري ليورناردو دافنشي النموذج العالمي الأمثل للإبداع والعطاء، إذ مثّل بإبداعه صورة لأقصى ما يمكن أن نحققه بقدراتنا وطاقاتنا؛ أكثر مما فعل أي إنسان آخر، فصارت الرغبة في السير على خطاه قاسماً مشتركاً بين المبدعين والقرّاء الذين اطّلعوا على هذا الكتاب في جميع أنحاء العالم، وخاصة في مجال الفن التشكيلي، حيث يتناول فيه الكاتب سبعة مبادئ تمكن من يلتزم بها من التفكير على طريقة ليوناردو دافينشي، ليسبر أغوار نفسه، فتزهر إبداعاته وإمكاناته بأقصى مستوياتها، وتتمثل تلك المبادئ في ضرورة أن يُسكن المبدع بالفضول، والرغبة في البرهنة والإثبات، ورهافة الإحساس نحو كل شيء، والشك والتساؤل لمعرفة الحقيقة، بالإضافة إلى السعي للإحاطة بما أمكن من فنون وعلوم، والتكامل العقلي والجسدي، والترابط المنطقي بين كل ما يقوم به في حياته.

ويفصّل المؤلف المبادئ في متن الكتاب، ما دفع قرّاءه للمطالبة بوضع كتاب تطبيقي إضافي يسهّل التعامل مع مبادئه، وهو ما تم بالفعل بتأليف كاتبه لمؤلف آخر باسم «كتاب التطبيق»، الذي يعتبر كراسة عملية تحوي عدداً أكبر من التطبيقات لكل مبدأ من مبادئ عبقرية دافينشي، فهو ليس كتاباً للقراءة فقط، بل للتفاعل والتطبيق لتحقيق الاستفادة القصوى منه، ما جعل الفنان الاستاد مُصِرّاً على التوصية به خاصة لمن يسير على درب الإبداع الفني.

أما الكتاب الثاني الذي يقترحه الاستاد للقراء فهو «من يحكم العالم» للكاتب والباحث الشهير نعوم تشومسكي، حيث يقدم فيه الكثير من المعلومات المفصّلة والموثوقة التي تمنحنا فهماً لا غنى عنه للقضايا المركزية لعصرنا، وذلك من خلال تحليل شامل ومعمّق للوضع الدولي الحالي، يبحث فيه المؤلف الطريقة التي مكّنت الولايات المتحدة الأمريكية من أن تظل قادرة على التحكم المطلق بأسس وشروط الحوار العالمي، رغم بروز أوروبا وآسيا كقوتين منافستين لها، ويستشهد المؤلف بطيف واسع جداً من الأمثلة المستقاة من التاريخ بدءاً من وجود الولايات المتحدة في كوبا، ومروراً بآخر التطورات في الصين، ووصولاً إلى المذكرات المتعلقة بإيران، ويستعرض خطاب أمريكا حول الحرية وحقوق الإنسان، ثم يخوص عميقاً في النزاعات التي تتدخل فيها، مقدّماً رؤى دقيقة لأعمال هذه القوة المُتحكمة في اللعبة السياسية العالمية، كما يقدم تحليلاً بارعاً ومفصلاً لكيفية نشوء النخب الأمريكية وتناميها مُتحررة في كل ما تقوم به عبر العالم، كما يدُق المؤلف في الكتاب ناقوس الخطر البيئي في ضوء الانتشار النووي والتغيرات المناخية التي تتهدد بقاء الحضارة البشرية بالذات، وهو ما يرى أنه يقتضي من سكان الكوكب توجيه دفة هذا العالم بعيداً عن الكارثة التي تتعاظم يوماً بعد يوم.

  • أعمال فنية

وفيما يتعلق بطقوسه في إنجاز أعماله الفنية، يقول الاستاد: «أثناء عملية الرسم أبدأ بتشغيل الموسيقى في المرسم، وحرق أجود أنواع العود الفاخر، ثم أنطلق بالتفكير في الموضوع الذي أريد رسمه، وأقوم بتصميمه، وأشرع في تنفيذه مستغرقاً حتى أضع عليه اللمسات النهائية».

وينهي الاستاد حديثه بتوصية للمواهب الشابة بألّا يستعجلوا الشهرة، وأن يقضوا الكثير من أوقاتهم في تأسيس أنفسهم، ويقرؤوا كثيراً ليفهموا الحياة وما يدور حولهم بشكل صحيح، خاصة في مجالاتهم الإبداعية، ويخصص حديثه للفنانين التشكيليين الشباب؛ داعياً إياهم إلى أن يتعلموا ويمارسوا تطبيق الأعمال الفنية بلا انقطاع، وأن يسافروا لكي يضيفوا لأنفسهم مهارات وقدرات ومعلومات جديدة، تساعدهم على الإبداع، وألّا يعتمدوا على غيرهم في رسم اللوحات، لأن ذلك لن يكون في صالحهم، بل سيكون عقبة أمام تطوير قدراتهم الفنية، فعليهم أن يصبروا ويثابروا حتى تصبح عملية الإنجاز الإبداعية سلسة لديهم، وأن يرسخوا الشخصية العربية الخالصة، ولا يبخلوا بما يمكن أن تجود به عقولهم وثقافتهم لكي يكونوا مصدراً للفخر والرفعة للوطن وللإنسانية جمعاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ehcw43w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"