عادي
صيفنا قراءة

عبدالرحيم سالم: أبحث عن العمق والفائدة المعرفية

00:30 صباحا
قراءة 4 دقائق

الشارقة: علاء الدين محمود
«أمارس القراءة بصورة مختلفة، بحيث لا أركز على شيء معين، بل أبحث عما هو عميق ويقدم فائدة معرفية»، هكذا تحدث الفنان التشكيلي عبدالرحيم سالم عن تجربته القرائية، مشيراً إلى أن فترة الصيف تعتبر سانحة جيدة لإشباع شغف القراءة، حيث يتحرر الناس من المشاغل والمسؤوليات في فترة العطلة، وهناك من يقضي عطلته في السفر إلى الخارج، وهي كذلك فرصة جيدة لاكتشاف العالم وقراءته بوسيلة مختلفة.
وذكر سالم أن الفائدة القصوى في الاستفادة من العطلة الصيفية تكون في تعويد الأبناء على حب الاطلاع، ففي الماضي القريب كانت هناك شخصية «المطوع»، الذي يعمل على تحفيظ الصغار القرآن الكريم، وكان لهذه المسألة فوائد عديدة ومن ضمنها أن تصبح القراءة ثقافة وعادة، لذلك فإن التفاف الأسرة حول المؤلفات والكتب يقدم فائدة للجميع.
ويلفت سالم إلى أن القراءة في الغرب وبعض دول آسيا تعتبر بالفعل من العادات اليومية التي لا تلتزم بمكان معين، وهذا يشير إلى مديات قصوى للتعلق بالكتاب، وهذه العادة تكاد تكون نادرة في الوطن العربي، ولذلك فإن استغلال أوقات الفراغ في القراءة مسألة في غاية الأهمية، لأن القراءة تنعكس بصورة مباشرة على سلوك الإنسان وتعامله مع الآخر، كما أنها ترتقي بالنفس والذات، كما أن القراءة هي فعل اكتشاف، فعبرها يتعرف المرء الى نفسه والى العالم، وتختلف نظرته للأشياء وتمكنه من رؤية ما وراء الشيء، أي تجعله يتعامل بعمق وتأمل في الظواهر والمواضيع.
تجارب روحية
ويشير سالم إلى أنه يفضل قراءة الكتب الصوفية، واكتشاف عالم أصحاب التجارب الروحية، موضحاً أنه يبحث دائماً عن «التجليات»، والتي تعني بالنسبة له التعمق والإبحار في جوهر الشيء، وليس فقط صورته، وهذه مسألة مهمة، خاصة للفنان، فهو دائماً يبحث عن الشيء المختلف، ويفضل الغوص في عمق الظواهر، وهذا أيضاً ما تفعله كتب ومؤلفات الفلسفة، حيث إن قيمة الكتاب تكمن في أن يطرح موضوعاً أو رؤية مختلفة وجادة فيها قوة الالتقاط والابتكار.
وفي جعبة سالم العديد من المؤلفات في مواضيع متنوعة، فهناك كتاب «رسالة يوسف»، للكاتب إبراهيم محمد، وهي رواية تستعرض قصة بطلها الذي يرمز لكل إنسان في الحياة وتعامله مع الأقدار والمصائر المختلفة، كما أنها تتحدث عن الأحلام والأمنيات في حياة المرء وبحثه الدائم عن السلام والمحبة والعيش السعيد، وتعكس الرواية تلك المفارقة بين ما يطمح إليه المرء، وما ترسمه له الأقدار، إذ إن العمل السردي هو بمثابة مرآة تعكس صراعاتنا الداخلية، وتُظهر كيف يمكن للمحن أن تُحولنا وتُنضجنا.
ويقول سالم: «أميل إلى المؤلفات السردية والقصصية التي تحمل فكرة ومضموناً وزاوية مختلفة في التناول، فتلك هي نوعية القراءة التي تقدم الفائدة للمتلقي، حيث تشركه في عوالمها الواقعية والمتخيلة، وبالتالي يصبح القارئ جزءاً منها». والآن يقوم سالم بقراءة كتاب بعنوان: «المختار من القصص السوفييتية»، وهو من إصدارات دار التقدم موسكو، ويضم باقة من القصص الجميلة ذات العمق والفائدة، وتشتمل على عناوين مثل: «ميتتان» ل ألكسندر سرافيموفيتش، و«المهر»، لميخائيل شولوخوف، و«مارينا»، لبوريس لافرينيف، و«قطار الجنوب»، لنيكولاي تيخونوف، و«الموكب»، لتولستوي، و«ضوء النهار»، لإيمانويل كازاكفتش، و«الكنز»، لقسطنطين باوستوفسكي، وغير ذلك من العناوين لكتاب كبار، تعكس مدى التطور والعمق الكبير في كتابة القصة، وكذلك على مستوى المواضيع والمعاني والرسائل.
وضمن قائمة القراءة يشير سالم إلى كتاب «إلى البحر بجناح فراشة»، لعباس يوسف وهو فنان تشكيلي، ويتضمن الكتاب مجموعة محادثات مع عدد من الفنانين التشكيليين ينتمون إلى دول وتجارب وأجيال مختلفة، ويكشف ربما عن وجهات نظر متباينة قد تفضي في الكثير من الأحيان إلى مفاصل خاصة ومهمة وذات دلالة من حياة هذا الفنان أو ذاك. وتبقى هذه المحادثات ساحة مفتوحة على هذا الكون الفسيح، الشاسع، المتشعب «فضاء التشكيل»، وعلى الكثير من الأسئلة التي شاعت في وقتها. وفي ذات السياق يلفت سالم إلى اطلاعه على عدد من الكتب التي ألفها فنانون تشكيليون تعكس تجاربهم، وتظهر تجلياتهم في العديد من المواضيع الفنية، وهذه المؤلفات تتناول زوايا غير مألوفة للقراء، وذلك أمر جدير بالفنان التشكيلي، فهو لا يكتب بشكل عادي، بل بما يحقق المعنى، وهنا تكمن متعة قراءة مثل تلك التجارب العامرة بقيم الخير والحب والجمال.
أما على مستوى مؤلفات الكتاب الإماراتيين، فيؤكد عبدالرحيم سالم أنه قرأ عدة مؤلفات في مجال الرواية أو القصة أو في أنماط مختلفة، وقد توقف كثيراً عند تجربة إبراهيم مبارك السردية، فهو يتناول بالفعل عوالم حافلة بالجمال، حيث يطل على الماضي والحاضر ويرصد المجتمع بشكل مختلف نتاج تأمله أي مبارك بعمق في الحياة، وهناك أيضاً عدد آخر من الكتاب الإماراتيين والعرب الذين يمتلكون تلك القدرة الفردية، أي أن تكون لديهم رؤية فكرية تتسم بالعمق والجمال.
وفي ختام حديثه يقول عبدالرحيم سالم: «ألبي نداء القراءة عندما يدعوني»، وبهذه العبارة يشير إلى أنه لا يمارس طقوساً معينة أثناء انهماكه في عملية الاطلاع، بل يمارس ذلك الشغف في أي وقت وأي مكان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/udta5sc5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"