عادي

ترامب وبايدن في مناظرة أخيرة.. قليل من الفوضى كثير من الاشتباك

23:57 مساء
قراءة 5 دقائق
المناظرة

قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن وجهتي نظر شديدتي التباين بشأن جائحة فيروس كورونا في آخر مناظرة بينهما سعياً لإقناع الناخبين القلائل الذين لم يحسموا أمرهم قبل 12 يوماً من الاقتراع المقرر في الثالث من الشهر المقبل. وتبادل المرشحان الاتهامات بالفساد من دون أن يوجه أي منهما ضربة قاضية للآخر من شأنها أن تغير معادلة الاستحقاق الرئاسي. واتسمت المناظرة عموماً بين المرشحين بالانضباط والاحترام النسبي.

مناظرة هادئة

وكانت نبرة ترامب أكثر تحفظاً مما كان عليه في المناظرة الأولى في 29 سبتمبر/أيلول، والتي سرعان ما خرجت عن مسارها بسبب مقاطعاته المستمرة لبايدن. لكن مناظرة الخميس حفلت بالهجمات الشخصية بين رجلين لم يبد أيهما احتراماً يذكر للآخر، ووجه ترامب اتهامات بالفساد إلى بايدن وعائلته من دون أن يستند إلى أساس.
وأتاح غياب التشويش والمقاطعة نقاشاً أكثر موضوعية بشأن مجموعة من القضايا، منها الاقتصاد والعرق وتغير المناخ والرعاية الصحية والهجرة. لكن جائحة فيروس كورونا، التي أودت بحياة أكثر من 222 ألفاً في الولايات المتحدة، ألقت بظلالها على المناظرة مثلما فعلت مع الحملة ككل.
ومثلت المواجهة التي بثتها القنوات التلفزيونية في ناشفيل بولاية تنيسي واحدة من آخر الفرص المتبقية لترامب لإعادة تشكيل ملامح سباق، تُظهر استطلاعات الرأي تخلفه فيه عن بايدن منذ شهور، على الرغم من احتدام المنافسة في بعض الولايات الحاسمة.
وقال بايدن «أي شخص مسؤول عن هذا العدد الكبير من الوفيات يجب ألا يظل رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية». وتوقّع بايدن أن تواجه البلاد «شتاء قاتماً» بسبب الجائحة. وأضاف السياسي المخضرم «لا يوجد عالم واحد جدّي في العالم يعتبر أنّه (كوفيد-19) سيختفي قريباً»، في وقت لا يكفّ الملياردير الجمهوري عن القول إنّ الجائحة ستزول سريعاً.
ودافع ترامب، الذي وضع قيادته للاقتصاد في قلب حملته، عن نهجه في التعامل مع تفشي الفيروس، وقال إن البلاد لا تستطيع تحمل إغلاق الشركات والمؤسسات مرة أخرى، على الرغم من الزيادة الجديدة في حالات الإصابة. وقال ترامب الذي قلل من شأن الفيروس لأشهر «نتعلم كيف نتعايش معه.. ليس لدينا خيار».
ورد بايدن «نتعلم التعايش معه؟.. نحن نموت معه».
وبينما كان ترامب يؤكد أن الجائحة «في طريقها للنهاية»، سجل العديد من الولايات الأمريكية زيادة يومية قياسية في إصابات كورونا الخميس، وهو دليل على تسارع تفشي الوباء من جديد.

اتهامات متبادلة
وصور ترامب، الذي لا يزال يميل للإشارة إلى أنه قادم جديد إلى الساحة السياسية، بايدن كسياسي محترف لا يحوي سجله الذي يعود لنحو 50 عاماً إنجازات مهمة. لكنه لم يضع جدول أعمال واضحاً لولاية ثانية، بينما ركز بايدن على سنوات ترامب الأربع في الحكم، مشيراً إلى الضرر الاقتصادي الذي ألحقه الفيروس بحياة الناس.
وبعد أن تركزت المناظرة في بدايتها على الجائحة، تحول الأمر إلى اشتباك بشأن ما إذا كان أي من المرشحين لديه علاقات خارجية غير قويمة.
وكرر ترامب اتهاماته بأن بايدن وابنه هانتر انخرطا في ممارسات غير أخلاقية في الصين وأوكرانيا. ولم يتأكد أي دليل يدعم هذه الادعاءات التي وصفها بايدن بأنها كاذبة وتفتقر للمصداقية.
وأدت جهود ترامب للكشف عن علاقات هانتر بايدن التجارية في أوكرانيا إلى مساءلة الرئيس في الكونجرس. وواجه ترامب وأبناؤه اتهامات بتضارب المصالح منذ دخوله البيت الأبيض في 2017. ويتعلق معظم هذه الاتهامات بأنشطة الأسرة في مجال العقارات والفنادق.

تائه
وبعدما اتهمه ترامب بالسعي إلى اعتماد سياسة «اليسار الراديكالي»، أشار بايدن إلى أنه فاز في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي على مرشحين آخرين أكثر تجذراً في التيار اليساري منه.
وقال ساخراً «إنه تائه بعض الشيء ويظن أنه يواجه شخصاً آخر. لكنه يواجه جو بايدن».

هراء
دافع بايدن عن عائلته، وقال بشكل لا لبس فيه إنه لم يجن قط «بنساً واحداً» من دولة أجنبية، قبل أن يتحول إلى اتهام ترامب بمحاولة تشتيت انتباه الأمريكيين. وقال بايدن وهو ينظر مباشرة إلى الكاميرا «هناك ما يدعوه للتفوه بكل هذا الهراء... الأمر لا يتعلق بعائلته وعائلتي. الأمر يتعلق بعائلتك، وعائلتك مجروحة بشدة».
كما اتهمه بعدم دفع الضرائب، مستشهداً بتحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز أفاد بأن إقرارات ترامب الضريبية تُظهر أنه لم يدفع ضرائب دخل اتحادية تقريباً منذ أكثر من 20 عاماً. وقال بايدن «اكشف عن إقراراتك الضريبية أو كُف عن التحدث عن الفساد».
ورد ترامب، الذي سلك نهجاً مغايراً لنهج الرؤساء الأمريكيين على مدى عقود برفضه الإعلان عن إقراراته الضريبية، بأنه دفع «ملايين». وقال مجدداً إنه لن يكشف عن إقراراته الضريبية إلا بعد الانتهاء من تدقيق يجري منذ فترة طويلة.

اشتباك على جبهات أخرى
واشتبك المرشحان بشأن الرعاية الصحية والسياسة تجاه الصين والعلاقات بين الأعراق، وذلك بعد احتجاجات مناهضة للعنصرية على مدى شهور، إذ قال بايدن إن ترامب «أحد أكثر الرؤساء عنصرية» في التاريخ، وإنه «يصب الزيت على كل حريق عنصري».
ورد ترامب بانتقاد صياغة بايدن لمشروع قانون جنائي عام 1994 زاد من حبس المتهمين من الأقليات. وأكد ترامب أنه قدم للأمريكيين السود أكثر مما قدمه أي رئيس «ربما» باستثناء أبراهام لنكولن خلال الحرب الأهلية في ستينات القرن التاسع عشر.

 النفط في دائرة الضوء
خلال الحديث عن تغير المناخ، قال بايدن إن خطته البيئية «ستنتقل من قطاع النفط» إلى مصادر الطاقة المتجددة، مما دفع ترامب إلى شن هجوم عليه قائلاً «سيدمر قطاع النفط». وذكر بايدن أنه يريد ببساطة إلغاء الدعم الاتحادي لشركات النفط.

الرعاية الصحية
خلال المناظرة، انتقد بايدن جهود ترامب لإقناع المحكمة العليا بإلغاء قانون للرعاية الصحية صدر عام 2010 وجاء كإصلاح شامل لنظام الرعاية الصحية عندما كان بايدن نائباً للرئيس في إدارة باراك أوباما.
وقال بايدن «الناس يستحقون الحصول على رعاية صحية بكلفة في المتناول. انتهى الأمر»، مشيراً إلى أن القانون منع شركات التأمين من رفض تقديم تغطية لأناس لديهم مشكلات صحية سابقة.
ورد ترامب بأنه يريد استبدال ذلك القانون بشيء «أفضل كثيراً» يقدم نفس الحماية، لكن الإدارة لم تقترح بعد خطة رعاية صحية شاملة على الرغم من الوعد بذلك منذ سنوات.

إجراءات مناظرة فعالة
وتابع المناظرة الأولى الحامية الوطيس، والتي تبادل فيها المتنافسان الإهانات، ما لا يقل عن 73 مليوناً. ورفض ترامب المشاركة في المناظرة الثانية الأسبوع الماضي بعدما تقرر عقدها عبر الإنترنت عقب تشخيص إصابته بفيروس كورونا.
وفي المناظرة الأخيرة، قال مصدر مطلع إن اللجنة التي تشرف عليها أزالت حواجز زجاجية تفصل بين المرشحين بعد أن قدم ترامب ما يثبت أن نتائج اختباره لكوفيد-19 سلبية.
كما كتمت اللجنة صوت المكبرات أمام كلا المرشحين للسماح لهما بالحديث لدقيقتين عن كل موضوع جديد قبل إعادة تشغيلها، وذلك في محاولة لتجنب فوضى المناظرة الأولى.
وفحصت اللجنة درجات حرارة الحاضرين البالغ عددهم 200 شخص تقريباً قبل دخول المكان وطلبت من الجميع وضع الكمامة طوال الوقت.

لا تأثير للمناظرة
قال آرون كال، الأستاذ في جامعة ميتشيجان والمتخصّص في المناظرات الرئاسية، لوكالة فرانس برس إنّ «المرشّحين استخلصا بوضوح الدروس من مناظرتهما الأولى التي تعرضت لانتقادات كثيرة». وأوضح «لكن مع بقاء 12 يوماً قبل موعد الانتخابات وإدلاء عشرات ملايين الأمريكيين بأصواتهم بشكل مبكر قد يكون فات الأوان لحصول تغيير جذري في نتيجة الاقتراع». وأضاف أنّ «بقاء الأمور على حالها بعد هذه المناظرة سيعتبر على الأرجح خبراً ساراً لحملة بايدن، الذي يتمتّع بتقدّم مستقرّ في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني وفي الولايات الرئيسية». (وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"