عادي

آفات البنكرياس.. اضطرابات تهدد الصحة

21:57 مساء
قراءة 5 دقائق
صحة

تحقيق: راندا جرجس
تقع غدة البنكرياس في الجزء العلوي من البطن خلف المعدة، وهي عضو ممدود لها رأس وجسم وذيل، ويبلغ طولها 15 سم، وتتمثل وظيفتها في إنتاج العصارات الهضمية، وتمكين هضم الطعام عن طريق إفراز الأنزيمات، وتصنيع الهرمونات مثل الأنسولين والجلوكاجون، اللذان يسهمان في تكسير الطعام الذي يتناوله الإنسان واستخراج كمية الجلوكوز الكافية، للحفاظ على مستويات السكر في الدم، وكذلك الأحماض الأمينية المسؤولة عن تكوين العضلات والأنسجة في الجسم، وتحطيم الدهون الثلاثية وتحويلها إلى الطاقة اللازمة.

خلال المراحل العمرية يمكن أن يتعرض البنكرياس إلى بعض الآفات المرضية كالالتهاب أو تكّون الكيسات التي تحتوي على تجاويف مملوءة بالسوائل، ويمكن أن تتحول مع الوقت إلى أورام خبيثة بنسبة تتراوح من 1إلى 2% من المرضى، وربما تتطور هذه المشكلات إلى الإصابة بالسرطان الذي يحتل المرتبة العاشرة في قائمة السرطانات الأكثر شيوعاً، وفي هذا التحقيق يحدثنا الخبراء والأخصائيون عن بعض الأمراض التي تصيب البنكرياس ومضاعفاتها وتأثيرها على صحة الإنسان
قول الدكتور مانيش باليوال استشاري أمراض الجهاز الهضمي: إن التهاب البنكرياس حالة تسبب آلاماً مصحوبة بالغثيان والقيء، والانتفاخ في الحالات الحادة قصيرة المدى التي تستمر لساعات، أما المزمنة فتدوم لأشهر وسنوات ويرافقها ضعف الشهية، وبالتالي فقدان الوزن، وتستهدف الأشخاص من سن 30 إلى 50 عاماً، وتختلف أسباب الإصابة من فئة عمرية لأخرى، فعند الأطفال تنجم عن العوامل الوراثية، أما النساء فتحدث نتيجة وجود حصوات المرارة، والإفراط في شرب الكحول عند الرجال، وبشكل عام يمكن أن تكون بسبب تناول اللحوم والدهون، أو بعض الأدوية كمثبطات المناعة والمضادات الحيوية، ويتم التشخيص من خلال الكشف السريري، وعمل اختبارات الدم الكاملة، وصور الأشعة.
مضاعفات وعلاج
يذكر د. مانيش، أن التهاب البنكرياس يتسبب بحدوث العديد من المضاعفات التي تؤثر في صحة المصاب وتتمثل في: تجمع السوائل والأنسجة الميتة بالقرب من المنطقة المصابة، الإنتان، تكيسات البنكرياس الكاذبة، الفشل الكلوي، إصابة الرئة الحادة في حالات النوبات الشديدة من الالتهاب، وفشل وظائف الأعضاء المجاورة عندما تنتقل العدوى إلى الدورة الدموية، وفي الإصابات الشديدة يمكن أن يتطور الأمر إلى السرطان وخاصة عند المدخنين.
ويضيف: يتطلب علاج هذه المشكلة المرضية معرفة السبب لتحديد الخيار المناسب، ووصف الأدوية لتخفيف الآلام والحد من النوبات، وربما يحتاج بعض المرضى للنقل إلى وحدة العناية المركزة بالمستشفى في الحالات المزمنة.
أكياس البنكرياس
يوضح الدكتور قيصر رجا استشاري أمراض الجهاز الهضمي، أن أكياس البنكرياس هي تجاويف مملوءة بالسوائل يصل حجمها من مليمترات قليلة إلى بضعة سنتيمترات، وتستهدف الأشخاص من منتصف العمر إلى كبار السن، وتنقسم أورام البنكرياس الكيسية لنوعين رئيسيين هما: التكيسات الورمية الحميدة التي يمكن أن تتطور مع الوقت إلى خبيثة، والورمية الكاذبة أو السرطانية التي تصيب من1 % إلى 2% من إجمالي الحالات، إضافة إلى بعض الأنواع الفرعية الأخرى وأغلبها لا يحمل خلايا سرطانية.
أسباب الإصابة
يذكر د. قيصر أن تكيسات البنكرياس عندما تكون أحجامها صغيرة لا تسبب أعراضاً، وعادة يتم اكتشافها أثناء التصوير بالموجات فوق الصوتية للبطن لأسباب مرضية أخرى، أما في حال كانت كبيرة، ترافقها آلام أو الشعور بالامتلاء في الجزء العلوي من البطن، وتضغط الأكياس على الأعضاء المحيطة مثل المعدة، أو القناة الصفراوية وتسبب اليرقان، وفي حالات نادرة تتمزق الكيسات وينجم عنها نزيف داخلي.
ويضيف: تتشكل الأكياس في البنكرياس لأسباب عدة، فربما تنجم عن الخراجات الموجودة منذ الولادة ويكون حجمها صغيراً، ولا تؤدى إلى مضاعفات شديدة، أما الأكثر شيوعاً فهي التكيسات التي تظهر بعد نوبة من الالتهاب الحاد أو الشديد وتسمى أكياس البنكرياس الكاذبة.
فحوص واختبارات
يشير د.قيصر إلى أن التشخيص يعتمد على تحديد نوع الكيس، عن طريق الموجات فوق الصوتية بالمنظار، إضافة إلى بعـــــض الفحوص الأخرى كالتصوير بالرنين المغناطيسي للبنكـــرياس، ويســـــاعد تحــــليل السائل داخل الكيس في التمييز بين أنواع مختلفة من الأكياس؛ حـــــيث إن الأحجـــام الصغيرة الموجودة من عام أو اثنين، ويقل حجمها عن 2 سم بشكل عام، يُفترض أنها حميدة، أما الأكياس الكاذبة التي تتكون بعد التهاب البنكرياس الحاد فلا يوجد داعى لعلاجها، إلا إذا رافقتها أعراض مرضية، أو كانت أكبر من 5 سم، ويمكن التحقق من نوعها بالتنظير الداخلي من السائل والحطام الموجود داخل الكيس، وتجدر الإشارة إلى أن الأنواع المسرطنة تحتاج إلى الاستئصال الجراحي الكامل.
أورام خبيثة
يشير الدكتور سيد نافيد استشاري أمراض الجهاز الهضـــمي، إلى أن سرطان البنكرياس لا يوجـــــد له ســـبب واضح حــــتى الآن، ويصنف العاشـــــر بين الأنواع الأكــــــثر شيوعاً، ويعتـــــبر السبب الرابع عالمــــياً للوفــــيات الناجمة عـــن الإصابة بالأورام الخبيثة، وهو ينشأ من خلية غير طبيعية، ويمكن أن يتكاثر خارج نطاق الســـيطرة، ولا تظهر له أعراض واضحة في البداية، ولكن مع الوقت يميل ورم رأس البنكـــــرياس إلى ســــــد القناة الـــصفراوية، ما يؤدى إلى اليرقان غير المؤلـــــم، البول الداكن، البـــــراز الباهــــــت، الحـــــــكـــــة العامــــــــة، ويمكـــــن أن تتطور علامات المرض وتسبب آلام البطن، الغثيان، القيء، فقدان الوزن، سوء الهضم.
وسائل التشخيص
يوضح د.سيد أن سرطان البنكرياس يصيب على الأكثر الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً، ومن لديهم عوامل وراثية أو تاريخ بالتهاب البنكرياس المزمن، المدخنين، البدناء، وداء السكرى، ويعتمد التشخيص على إجراء بعض الاختبارات للتأكد من وجود خلايا سرطانية، وتقييم المرحلة التي وصل لها المرض، مثل: فحوص الدم، تصوير البطن بالموجات فوق الصوتية، الأشعة المقطعية، الرنين المغناطيسي، خزعة البنكرياس، وتنظير البطن التشخيصي.
خيارات التداوي
يلفت د.سيد إلى أن معظم سرطانات البنكرياس تتطور قبل أن تظهر أعراضها ويتم تشخيصها، وربما يؤدى العلاج إلى إبطاء تقدم المرض، ولكن لا يعيش غالبية المرضى إلا مدة تقل عن عام واحد، ويتم تحديد الخيار المناسب من قبل فريق من المتخصصين والجراحين وأخصائيو الجهاز الهضمي والتغذية والأشعة، ويعتمد على عوامل مختلفة مثل حجم الورم، ومدى انتشاره وتأثيره على صحة المريض، وفي المراحل الباكرة تعتبر الجراحة الحل الأمثل، أما عند انتشار بعض الخلايا إلى أجزاء أخرى من الجسم، فيمكن اللجوء للأدوية الكيميائية لتقضى على تكاثر الأورام الخبيثة وتمنعها من الانتشار.

قصور إفراز البنكرياس
تتعرض غدة البنكرياس في بعض الحالات إلى عدم القدرة على إفراز العصارة البنكرياسية الكافية أو إنتاج الكميات التي يحتاج إليها الجسم من الأنزيمات اللازمة وخاصة الليباز، لتحطيم العناصر الغذائية الموجود في المأكولات التي يتناولها الإنسان، وسوء امتصاص الدهون والفيتامينات والعناصر المعدنية، وصعوبة في موازنة الحموضة، وتسمى هذه الحالة ( قصور إفراز البنكرياس)، وترجع عوامل هذه المشكلة إلى الإصابة بالتهاب البنكرياس المزمن، ويمكن أن تكون الأورام الخبيثة سبباً بنسبة تتراوح من 60 % إلى 90 %، وينجم عنها العديد من المضاعفات، كحدوث مشاكل واضطرابات في مراحل هضم الطعام، والإحساس الدائم بالألم، وبالتالي فقدان الشهية ونزول الوزن، وتتطور الأعراض مع تفاقم الحالة، وحدوث تلف شديد في البنكرياس، ويعانى المريض الشعور بالامتلاء والشبع، وعدم الراحة عند لمس البطن، والإسهال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"