عادي

وضـع ضـوابــط «الخلــع» يصون الحياة الزوجية والأبناء

23:25 مساء
قراءة 5 دقائق
1

العين: منى البدوي

أرجع عدد من المحامين والمستشارين القانونيين، تزايد عدد الدعاوى القضائية التي تتقدم بها بعض المتزوجات طلباً للخلع من أزواجهن، للتعديل الأخير الذي طرأ على قانون الأحوال الشخصية، الذي يتم من خلاله رفض الدعوى عند تقديمها أول مرة، إذا لم يتم إثبات الضرر، في محاولة لمنح فرصة قد يتم خلالها التراجع عن القرار، وعودة المياه إلى مجاريها، وهو ما نص عليه الدين الحنيف صوناً لقداسة العلاقة الزوجية، ولحماية الأبناء، وتماسك الأسرة والمجتمع.ولأن «الخلع» يتجاوز الضرر - ويتم من خلاله وفقاً للقاعدة الشرعية التي جاءت في الحديث الشريف «خذ الحديقة وطلقها تطليقة» - فإن طالبة الخلع تتحصل على مطلبها بالتفريق، مقابل تنازلها عن بعض حقوقها المادية، وهو من الأسباب التي أرجعها المحامون لتزايد عدد دعاوى الخلع، وتحوله إلى منفذ يمكن من خلاله الانفصال عن الزوج، خاصة بعد أن يتم رفض الدعوى، لعدم وجود ضرر، أو عدم التمكن من إثباته أمام عدالة المحكمة.
وطالب البعض بوضع ضوابط للخلع، حتى لا تستهين به بعض المتزوجات الراغبات بالتفريق عن الزوج، من دون أضرار، وأيضاً تفعيل دور المرشدات الاجتماعيات، كما اقترح البعض إلزام المقبلين على الزواج باجتياز دورات تأهيلية للزواج، للحد من تفشي ظاهرة طلب «الخلع».
 السنة الأولى زواج
أكد المحامي أحمد محمد بشير، أن أغلبية دعاوى الخلع يتم رفعها في السنة الأولى من الزواج، لأن الزوجين لم يعتد كل منهما على الآخر، وعدم تفهم الطرفين لبعضهما بعضاً، إلى جانب الترف المجتمعي، وتهويل صغار الأمور، وعدم وجود تواصل حقيقي في الأسرة، وإغفال التفهم من قبل الزوجات لأزواجهن، في ظل الفضاء المفتوح، مؤكداً أن تحمل الزوجة لزوجها. 
وفي المقابل حسن المعاملة والمعاشرة من قبل الزوج، من أهم الأسباب المؤدية إلى استمرار الحياة الزوجية، بالإضافة إلى دور والدي الزوجين، خاصة في بداية الحياة الزوجية، ودعمهم المعنوي والاجتماعي للعروسين، في الوقوف من الناحية التي تحافظ فيها الأسرة على كيانها، وأيضاً ضرورة تنشيبط الدورات السلوكية والمجتمعية التي تؤدي للحد من طلب الخلع.
إن الشرع الحنيف المطبق بقانون الأحوال الشخصية الإماراتي، وضع حلاً لحالات الشقاق الزوجي المستعصية، والتي لا يكون فيها ضرر فعلي من الزوج أو ضرر ظاهر، بحيث تفتدي الزوجة نفسها بالتنازل عن حقوقها، موضحاً أن الخلع بات في الفترة الأخيرة حلاً للحالات المؤرقة التي تعيشها الزوجة، من دون أن تتمكن من إثبات الضرر. إلا أن القانون وضع العديد من الضمانات التي تهدف إلى التحقق من أن طلب الخلع ليس طلباً اعتباطياً، وأنه لا مناص منه كحل أسري يمنع تفشي الشقاق بين الزوجين إلى الأطفال وباقي أفراد المجتمع.
وأشار إلى ضرورة إعادة النظر في الضوابط الخاصة بالخلع من الناحية الشرعية، حتى لا تستهين به طالبة الخلع، بالإضافة إلى التفريق بين المطلقة للضرر وطالبة الخلع لأي سبب آخر، من حيث الأولوية، بالحصول على الدعم المقدم من الجهات الحكومية المختصة، وألا يتم منحها مميزات مساوية للمطلقة بدون سبب أو ضرر.
الخلع إذا لم يثبت الضرر
وقال المحامي سعيد الراشدي، نصت المادة 118 من المرسوم الاتحادي رقم 8 لسنة 2019 بشأن تعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم 28 لسنه 2005 في شأن الأحوال الشخصية، على أنه إذا لم يثبت الضرر ترفض الدعوى، وإذا استمر الشقاق، للمتضرر منهما رفع دعوى جديدة، وهو ما أدى إلى تضييق الخناق في دعاوى التطليق للضرر، واللجوء إلى قضايا الخلع، والتي يكون الطلاق فيها مقابل تنازل الزوجه عن الكثير من حقوقها في مقابل الحصول على الخلع.
وأشار إلى توجهات الدولة التي تحرص دائماً على استقرار الأسر ورعاية مصالحهم وتربية الأبناء بما يتناسب مع مجتمعنا العربي وعاداته وقيمه، مشيراً إلى ضرورة التفات الأزواج قبل التفكير بطلب الطلاق إلى مصلحة الأبناء والأسرة، مهما كانت الصعوبات، وتغليب مصلحة الأبناء على المصالح الشخصية، وهذا ما حث عليه ديننا الحنيف.
يفضلن الطلاق على الخلع
وذكر المستشار القانوني حامد يسري، أن معظم النساء لا يفضلن طلب الخلع عوضاً عن الطلاق، وذلك لما يترتب عليه من فقد للحقوق المالية، مثل إنقاص المؤخر، وبعض الحقوق الأخرى، وذلك بحسب تقدير القاضي للضرر الواقع على طالبة الخلع، ومدى تعنت الزوج، كذلك أبرز قانون الأحوال الشخصية أنه من الممكن أن يكون الخلع بالتراضي بين الزوجين، إلا أنه في جميع الأحوال لا يمكن الاتفاق على إسقاط نفقة الأبناء.
وأشار إلى أن سبب رفض دعوى الطلاق عند تقديمها لأول مرة، هو توجه قضائي مبني على مرجعية قانونية تعطي للقاضي سلطة تقدير مدى الضرر الواقع، حيث إن القضاء يفضل التأني في أخذ قرار التفريق، لما يترتب عليه من هدم للأسرة، وخلل بالمجتمع، فيقرر رفض الدعوى حتى يعطي للزوجين فرصة أخرى لإعادة التفكير، ومحاولة درء الصدع وإنهاء الخلاف، إما إذا تم رفع دعوى أخرى، فذلك يعطي للقاضي انطباعاً بعدم وجود فرصة للتصالح بين الزوجين وهو الأمر الذي يعطي معه القاضي قراراً بالتطليق، مشيراً إلى أن الإسلام صان قداسة العلاقة الزوجية من العبث، ووضع العقبات في طريق الطلاق، ليمنع وقوعه أو يؤخره، وحبذ التريث في معالجة ما ينشب من خلافات بين الرجل وزوجته، لعل الأمور تعود إلى طبيعتها، وهذا ما أوضحته آية الطلاق: (لا تدري لعل الله يُحدث بعد ذلك أمراً).
تزايد الأعداد 
قال المستشار هاني دالاتي، إن تزايد عدد الدعاوى القضائية التي تتقدم بها النساء طلباً للخع يعتبر من المؤشرات التي يجب أخذها في الاعتبار، ووضع الحلول المناسبة لها، من قبل الجهات المعنية، وذلك حرصاً على تماسك واستقرار المجتمع باعتبار الأسرة نواته، مشيراً إلى أن إهمال الزوج لزوجته أو هجرها من الأسباب الحقيقية التي تدفع الزوجة لخلع نفسها، وإن كان الأمر سيكبدها تنازلها عن الحقوق المترتبة على الزواج.
وذكر أنه بعد تعديل قانون الأحوال الشخصية، وما تضمنه من إمكانية رفض دعوى طلب الطلاق في المرة الأولى، وذلك لمنح الطرفين فرصة للتراجع عن القرار، عادة ما تلجأ النساء المتضررات لرفع دعوى قضائية ثانية، وهو ما يعد دلالة على الشقاق، وهو لا يعني عدم وجود الضرر، ولكنه لم يثبت للمحكمة، ويتم بناء عليه تحويل الدعوى للحكمين للبحث في أسباب الضرر، وبيان ما إذا كان نتيجة إهمال الزوج، أو تقصيره، وتقديم المقترحات للقاضي الذي بدوره يقوم بإصدار الحكم وتحديد حقوق الطرف المتضرر.
وأشار إلى أنه في ظل تزايد عدد حالات طلب الطلاق بشكل عام، والخلع بشكل خاص، بات من الضروري إنشاء مراكز توعية اجتماعية للمقبلين على الزواج، بحيث لا يتم عقد القِران إلا بعد أن يجتاز الطرفان دورة تأهيلية للزواج، وهو ما يلزمه إعداد برامج تأهيلية من قبل مختصين.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"