الوحدة الفلسطينية أولاً

02:29 صباحا
قراءة دقيقتين
إلياس سحاب

من الواضح أن بداية العام الجديد، قد فتحت الباب أمام تحركات دبلوماسية جديدة تتعلق بمصير القضية الفلسطينية ومسارها. ولعل أهم هذه التحركات المؤتمر الخاص لتسوية القضية الذي عقد في باريس بدعوة من فرنسا، وبحضور سبعين دولة. ولعل أفضل وسيلة لجرد فوائد المؤتمر النسبية أن رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو قد أطلق على المؤتمر قبل انعقاده حملة شرسة، واصفاً إياه ب «العبثي»، بينما وصف مصدر «إسرائيلي» آخر المؤتمر، بأنه هدية فرنسا إلى الفلسطينيين، ووصفه مصدر ثالث بأنه «خديعة فلسطينية بإدارة فرنسية».
مع أن المؤتمر في أحسن أحواله لا يدل أبداً على أنه يتجه إلى حل جذور قضية فلسطين القائمة منذ عام 1948، وأن ذروة ما يذهب إليه اقتراح حلول لتسوية الوضع الذي أسفر عنه العدوان «الإسرائيلي» في عام 1967، تنفيذ واحد فقط من قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين، وهو القرار 242، ومع ذلك فإن «إسرائيل» قد تعودت أن القارة الأوروبية بأسرها، التي أوجدت «إسرائيل» على أرض فلسطين، تتصرف مجتمعاتها وحكوماتها، بما يناسب مطامع الحركة الصهيونية، وهي بذلك لا تطيق ولا تتحمل أي خروج عن هذا «الدلال» السياسي، حتى لو كان خروجاً جزئياً، وقصير النفس.
ولعل الدولة الأوروبية الوحيدة التي ذهبت في مسايرة «إسرائيل» وغرورها إلى أبعد الحدود هي الدولة البريطانية (بعد أن خرجت من الاتحاد الأوروبي) التي أعلنت سلفاً رفضها للبيان الذي سيصدر عن المؤتمر، لأنه يتضمن بنوداً لا توافق انحيازها الأعمى للمشروع الصهيوني.
ومع ذلك، فقد بقيت «إسرائيل» تنظر إلى مكان آخر، منتظرة الفرج في هذا الحرج الدبلوماسي الذي وضعتها فيه المبادرة الفرنسية، هذا المكان هو الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة عند وصول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، إلى سدة الحكم غداً.
وقد أصبح معلوماً أن «إسرائيل» تتمسك بكل قوة بالوعد الانتخابي الذي أطلقه المرشح الجمهوري خلال حملته الانتخابية، وهو أن ينقل سفارة الولايات المتحدة من «تل أبيب» إلى القدس، محققاً بذلك حلماً «إسرائيلياً» قديماً، لم يسايرها في تحقيقه الرئيس باراك أوباما. طبعاً تتمسك «إسرائيل» بقوة بالتزام ترامب بوعده، وعدم انضمامه إلى سلسلة الوعود الانتخابية التي تطرح فقط للاستهلاك المؤقت.
كل هذا الحراك لا يحمل بمجمله آمالاً عريضة لقضية فلسطين، لأنه لا يعدو كونه تحركاً دبلوماسياً خجولاً جداً، ومتأخراً جداً، ليس فيه ما يبشر بصمود فعلي وتناقض فعلي مع مخططات وتصرفات حكومة «إسرائيل» في الأراضي الفلسطينية التي احتلت في عام 1967، حتى لا نذكر بحقوق الفلسطينيين المتراكمة منذ عام 1948، وأهمها الحق بالعودة الكاملة لكل من هجّر من وطنه الأصلي.
إن أول شرط للخروج الجدي من هذا المستنقع المستمر منذ سنوات طويلة، هو مبادرة فلسطينية داخلية للخروج من مرحلة التراجع الفلسطيني المحكوم بالانقسام بين السلطة في الضفة الغربية، والسلطة في غزة. فمن المؤكد أنه قبل الخروج نهائياً وجذرياً من هذا الوضع الانقسامي، ليس هناك أمل في أي تحرك دولي، ولا حتى تحرك عربي، يقف سداً منيعاً في وجه مخطط «إسرائيل» الاستيطاني التوسعي، الذي يمارس فعلياً عملية الاستيلاء على كل أرض فلسطين التاريخية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"