عادي
مؤثَّم دينياً وجريمة عقوبتها الحبس والغرامة 250 ألف درهم

جمع التبرعات من دون تصريح.. نصب بغطاء إنساني

01:14 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: جيهان شعيب

إمارات الخير لم تتأخر يوماً عن مساندة إنسانية، أو وقفة حق، أو تقوية عزيمة، أو مد اليد لمساعدة محتاج، أو سائل، ومُعسر؛ لذا فأدوارها الخيرية المتعددة، لم تترك مجالاً لأحد من أبنائها والمقيمين على أرضها للسؤال، أو لطلب أياً كان، وأيضاً فعطاؤها الخارجي في معظم الدول كان ولايزال متعاظماً، ومشهوداً، ما بين مساعدات عينية، ومادية، أو إنشاء أبنية لمختلف الأغراض مثل العبادة، والتعليم، والصحة وغيرها، ومع كل ذلك، تأتي كلمة «لكن»، لتعترض مسيرة خيرات الدولة، بأفعال نصب واحتيال من بعض الذين يدعون العمل الخيري، ويتخفون وراءه، ويتخذونه ستاراً، لدعوة أبناء المجتمع عبر رسائل نصية، وأخرى شفهية، وإعلانات مكتوبة، بالتبرع لهم بأموال الزكاة، أو الصدقة، وغيرها، بزعم بناء مساجد، أو مساعدة محتاجين خارج الدولة وداخلها، أو بادعاء العوز، والمسكنة، والمعاناة، واحتياجهم لما يعينهم على حاجتهم وغيرها، فيما هم بأفعالهم النكراء، يسيئون لأرض الرحمة والرأفة، التي عمَّ خيرها الجميع دون استثناء.

من هنا انتبهت الأجهزة الأمنية في الدولة، وسارعت شرطة أبوظبي بالتحذير من رسائل وإعلانات مشبوهة يزعم أصحابها جمع التبرعات بغرض أعمال خيرية غير حقيقية، مثل بناء دور عبادة، ومستشفيات، أو بهدف مساعدة منكوبين في دول أخرى، وأكدت أن عقوبة جمع التبرعات دون ترخيص هي الحبس، وغرامة لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تتجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ومن الناس من قد يضعف وراء مزاعم هؤلاء، فيمدون إيديهم لهم، بما قد يشجعهم على التمادي؛ لذا يجب الوعي بأن التبرع لهؤلاء غير جائز شرعاً، ولا يثاب عليه الفرد، فضلاً عن كونه فعلاً مجرّماً؛ لأنه يندرج تحت أخذ أموال الناس بالباطل، وهنا ينبه المستشار والمحامي حسين الجهازي، إلى أن المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، تنص على أنَّه «يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تتجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أنشأ، أو أدار موقعاً إلكترونياً، أو أشرف عليه، أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية، أو أي وسيلة تقنية معلومات أخرى، للدعوة، أو الترويج لجمع التبرعات بدون ترخيص معتمد من السلطة المختصة، وفي ذلك يوضح أنَّه يُستفاد من هذه المادة أن عبارة التبرعات جاءت مطلقة دون قيد لهذا الإطلاق في اللفظ، مما يعني شمول الحظر على الدعوة، أو الترويج، لجمع التبرعات نقدية كانت أو عينية، فلا يحق لأحد الدعوة أو الترويج للتبرعات، أو لجمعها إلا بتصريح تعتمده السلطة المختصة، ومهما كانت الطريقة التي تم نشر الإعلان بها، فهي بالتالي تدخل ضمن مخالفة نص المادة 27 المشار اليها، والحبس طبقاً لما ورد في قانون العقوبات الاتحادي، هو وضع المحكوم عليه في إحدى المنشآت العقابية المخصصة قانوناً لهذا الغرض، وذلك للمدة المحكوم بها، ولا يجوز أن يقل الحد الأدنى للحبس عن شهر، ولا يزيد حده الأقصى على ثلاث سنوات، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

فعل مُؤثّم

والأفعال التي تُؤثَّم وفقاً لهذه المادة هي عندما يستعمل بعض الأشخاص طرقاً احتيالية، أو ينتحلون صفة غير صحيحة، أويتخذون اسماً كاذباً، بغرض الاستيلاء على أموال الآخرين من دون وجه حق، وممن يجدون لديهم الرغبة في التبرع، وذلك عن طريق إنشاء موقع إلكتروني، وادعائهم على خلاف الحقيقة أن هذا الموقع تابع لجمعيات، ومنظمات، خيرية وإنسانية، وقد يستخدم هؤلاء أسماء، وعناوين وهمية لاوجود لها على أرض الواقع، وقد يلجأ هؤلاء في بعض الأحيان إلى دخول واختراق مواقع إلكترونية حقيقية، وتابعة لجهات رسمية؛ لوجود ثغرات فنية وأمنية بهذه الأنظمة، ومن ثم يؤدي هذا الفعل إلى وقوع بعض منهم ضحية لقلة معرفتهم، وخبرتهم، وبساطتهم، وغفلتهم، فيهرعون بالتبرع بأموالهم إلى جهات، وأفراد لا يستحقونها.

التشديد واجب

ومع تسليم المستشار القانوني د. مصبح بالعجيد الكتبي، بما اعتاد عليه معظم الناس من عمل الخير والتبرع والسعي دائماً لعون البشر في كل الحالات، فإنه يلفت إلى أن تغير المجتمعات، ومعها البشر، أدى إلى ميل الكثير من العمل الخيري، والاجتماعي، والإنساني، للعمل التجاري، والاحتيال على المجتمع، وأخذ أموال الناس بالباطل، تحت غطاء العمل الإنساني الخيري، حتى أصبح - في رأيه - أكثر الناس لا يأمن إلى الكثير من الناس، حتى وإن كانوا صادقين في عملهم، ومن قوله: في السنوات الأخيرة شهدنا اكتشاف الكثير من الهيئات، والجمعيات، والمؤسسات التي تعمل تحت غطاء العمل الخيري والإنساني، فيما تعمل لمصلحة مشاريع، وبرامج معدة للشر وللخراب، منها دعم الإرهاب المنظم تجاه الأوطان، والمجتمعات البشرية، ما أدى إلى إغلاق الكثير من هذه المنظمات والمؤسسات التي اكتشف، وكانت وضعت أنظمة ولوائح تشرع عملها، وتحدد آلية انتقال الأموال خارج الأوطان.

الموقف الشرعي

وفي قول حسم من الباحث الشرعي د. السيد البشبيشي، تأكيده أن يكون المسلم أميناً في أخذ المال وإعطائه، وأن يكون كذلك حريصاً على أموال الناس بين يديه، حيث قال عليه الصلاة والسلام «أربع إذا كنّ فيك فلا عليك ما فاتك: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة طُعمة»، وخاصة ذلك الذي يوكّله أحد المتصدقين، أو المتبرعين، لينوب عنه في توزيع صدقته، على الفقراء والمحتاجين، أو في وجه من وجوه الخير، فقد أصبح في حكم المستشار، وفي الحديث: «المستشار مؤتمن»، ولذلك وجب عليه أن يلتزم بإنفاق المال على ما حدده موكله، وإذا أراد أن يصرفه في أبواب أخرى، فلابد من استئذان المتبرع في ذلك، فإن تعذر، فله أن ينفقه فيما هو أنفع وأصلح للناس.

وأضاف: مما لا يجوز، أن يدعي أحدهم جمع المال والتبرعات لبناء مسجد، أو حفر بئر، أو بناء مستشفى، أو قضاء الديون عن الغارمين، أو إغاثة المنكوبين الملهوفين، ثم يوجه تلك التبرعات إلى وجهات وأبواب أخرى، دون أن يأذن له المتبرع، ومما يندى له الجبين أن يستأثر لنفسه، أو لأقاربه غير المستحقين بهذا المال، أو بجزء كبير منه، مع إيهامه للمتبرعين بخلاف ذلك، وربما تعذر أحدهم بأن من حقه أن يأخذ نسبة من الصدقات، والتبرعات، وليكن 10%؜ نظير جهده في جمع المال، وتوزيعه وتصريفه، وربما تضعف نفسه، ويأخذ لنفسه 90%، ويوزع على الفقراء، أو ينفق على المشروع الخيري 10% فقط؛ وهذا اختلاس وسحت يأكله أحدهم سحتاً.

سد الذرائع

وأما المتصدق أو المتبرع أو المزكّي الذي وضع ثقته بشخص، أو جهة، ووكلهم نيابة عنه في توزيع صدقته، ثم خدعوه، أو خالفوه في مراده، أو طمعوا في ماله، ولم يلتزموا بذلك، فإن وقع ذلك بإهمال منه في الاختيار، أو المتابعة، فيتحمل جريرة ذلك معهم، والأصل أنه إن أعطاها لشخص وكيلاً عنه، فلا يؤجر التصدق، حتى يقبض الفقير صدقته، أو يدفعها الوكيل في بناء المسجد ونحوه؛ لأن الوكيل بمنزلته في الدفع، أما إن أعطاها لجمعية معتمدة، أو جهة رسمية، فالراجح ثبوت أجر صدقته

العاصي: برامج إلكترونية تستغل الناس

حذر علي العاصي، رئيس لجنة الأسر المتعففة التابعة لجمعية دار البر، والمدير العام للجنة أصدقاء المرضى، من الرضوخ لمن يدعونهم إلى التبرع، بادعاءات مختلفة، فيما أغلبها كاذبة، لافتاً إلى وجود جهات معنية صادقة مهمتها تلقي التبرعات، وتوجيهها لأبواب الخير المستحقة، وللمحتاجين لها بالفعل، قائلاً: القيادة الرشيدة لدولة الخير تنتهج نهج مؤسسها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بتسهيل جميع سبل الخير للناس، وبيان الجهات التي يمكنهم توجيه تبرعاتهم لها، سواء داخل أو خارج الدولة، وفق اشتراطات، وضوابط، تعود بالنفع على المتبرع في الدنيا والآخرة، فيما دأبت الدولة على إحراز المركز الأول في كل شيء.

العامري: جهل القانون لا يعوق تنفيذه

شددت المحامية علياء العامري من مشاهير التواصل، مؤكدة مبدأ عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون، وفي قولها: مادام نشر القانون في الجريدة الرسمية، ومع مضي المدة اللازمة لسريانه، تقوم قرينة على الناس كافة بهذا القانون، ولا فرق في ذلك بين المواطنين والأجانب الذين يوجدون على إقليم الدولة، ولو بصفة عارضة، فعدم العلم بالقانون لا يعوق تنفيذه! خاصة أن أغلبية أفراد المجتمع أضحوا اليوم على علم بأحكام القوانين من الناحية الواقعية، بالاطلاع عليها عقب نشرها في وسائل الإعلام المختلفة، أو مواقع التواصل، فيما القوانين بشكل عام، تعمل على تنظيم الحياة الاجتماعية للجميع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"