عادي
يعيد أنجلينا جولي إلى سينما «الأكشن» والقتل

«الذين يتمنون موتي».. مهمة دموية صعبة

22:39 مساء
قراءة 4 دقائق
1
1

مارلين سلوم

رغم تراجع أعداد الناس «اضطرارياً»، وعدم تحقيق الصالات الإيرادات الخيالية نفسها التي عهدتها قبل ظهور «كوفيد-19»، خصوصاً في مواسم الأعياد والإجازات، إلا أن متعة مشاهدة الأعمال الجيدة لم تبهت، وما زال عشاق السينما يترقبون كل جديد، ويقبلون عليه بشغف. ومن الأعمال الجديدة التي انتظر الجمهور صدورها، فيلم «الذين يتمنون موتي» المعروض في الصالات، والذي يشهد عودة النجمة أنجلينا جولي إلى أفلام «الأكشن» والمغامرات والغموض.

1

لم تغب أنجلينا جولي عن السينما، لكنها ابتعدت لسنوات عن أفلام «الأكشن» والجريمة والعنف، أي النوعية التي كانت السبب الأول في شهرتها عالمياً. لذا تعتبر عودتها إلى الحركة والقتال وهي في سن ال46 ، وبعد أن أصبحت نحيفة بشكل لافت، مستغربة، ونالت الكثير من تعليقات الجمهور على مواقع التواصل . هذا لا يعني أن الفيلم لم ينجح، بل عرف المخرج تايلور شيريدان كيف يجعله عائلياً مشوقاً، ينصح بعدم مشاهدته من قبل الأطفال لأنه يتضمن الكثير من المشاهد الدموية. الفيلم مقتبس عن رواية مايكل كوريتا الذي أعاد كتابته سينمائياً بالاشتراك مع المخرج شيريدان، وشارلز ليفيت.

هانا فابر، (أنجلينا جولي)، تعمل ضمن فريق إطفاء في الدفاع المدني، تعرضت لأزمة نفسية لم تخرج منها بعد، فتركت أثراً واضحاً فيها ما جعل المسؤولين عنها يخفضون رتبتها ويبعدونها عن المدينة، مع تكليفها بالجلوس وحدها في برج المراقبة وسط الغابات البرية في مونتانا. هذه الأزمة التي تلاحقها، نتيجة أنها كانت تقود فرقتها والمسؤولة الأولى عن عملية إخماد حريق ضخم شب في الغابة، لكنها أساءت تقدير اتجاه الرياح فعاندتهم النيران، ورأت ثلاثة صبيان مراهقين محاصرين يستنجدون بها لإنقاذهم، لكنها عجزت عن فعل أي شيء فقضوا حرقاً.

في الوقت نفسه، نرى شخصين يدّعيان أنهما يعملان على إصلاح تسرب للغاز في منطقة في فلوريدا، فيدخلان منزل مدعٍ عام، ويتسببان بتفجير منزله وقتله وأسرته، من أجل سرقة ملف قضية كان يعمل عليها، لكن القضية لا تتعلق بالمدعي العام وحده، بل هناك طرف آخر يملك نسخاً من الأوراق ولديه كل المعلومات، وهو أوين (جايك ويبر)، الذي يعمل في البحث الجنائي. يهرب أوين مع ابنه الوحيد كونور (فين ليتل)، إلى حيث يمكنهما الاختباء في مونتانا لدى قريبه الشريف إيثان، (جون بيرنثال). القاتلان المأجوران جاك (أيدن جيلن) وباتريك (نيكولاس هولت) لا يرحمان، يكتشفان هروب الرجل وابنه فيسبقانه إلى حيث يمكنهما القضاء عليه، فينجحان في قتل الأب، بينما يهرب الطفل كونور، حاملاً معه رسالة من أبيه كتبها بخط يده وطلب منه تسليمها إلى شخص أمين يثق به، كما طلب منه أن يطلب حضور القنوات التلفزيونية ليفضح مباشرة على الهواء المجرم الحقيقي أرثر (تايلر بيري)، وأنه كلف القاتلين باغتياله، وليكشف حقيقة ما حصل، والمعلومات التي يملكها.

1

يمشي المخرج شيريدان بأحداثه في خطين متوازيين، فهو يسلط الضوء على الكوارث الطبيعية التي تقضي على مساحات ضخمة من الغابات، وما يعانيه رجال ونساء الإطفاء أثناء عملهم، وصعوبة محاصرة النيران إذا هبت الرياح، رغم شجاعة وجرأة فرق الإطفاء في مواجهتها على الأرض، ومن السماء عبر الطائرات والهبوط بالمظلات. وفي الخط الثاني يسلط الضوء على قضية أخرى إنسانية أيضاً، وهي خطورة عمل المحققين والقضاة في القضايا الحساسة، وفي مواجهة «المافيا» والعصابات، وأنهم هم أيضاً يضحون بأنفسهم مثل رجال الإطفاء ويواجهون الموت بشجاعة. 

نقطة الالتقاء بين الخطين هو الطفل كونور الذي يهرب ليجد نفسه فجأة أمام هانا، يخبرها بما حصل وكيف قتل والده أمام عينيه، وبملاحقة الرجلين له، فتعمل على مساعدته ومحاولة إنقاذه وإيصال رسالة أبيه إلى محطات التلفزيون، لكن المهمة صعبة وسط الغابة، وفي وجود مجرمين مأجورين يقتلان كل من يصادفانه في طريقهما.

ساعة وأربعون دقيقة من التشويق المستمر، لا ملل، لا مط للأحداث، لكن في المقابل لا يمنح المخرج شيريدان للمشاعر الإنسانية مساحتها الكافية كي نلتقط أنفاسنا من «الأكشن» والعنف ونتفاعل مع الطفل، ومع هانا، ومع الشريف وزوجته الحامل أليسون التي جسدتها الممثلة الرائعة ميدينا سينجور، وقد بدت قوية وشجاعة ومقاتلة وذكيةن رغم حملها وصعوبة حركتها. 

الطفل كونور الذي أداه بإتقان شديد ومذهل فين ليتل يملك وحده القدرة على إشعال فتيل الدراما والتراجيديا، وكسب تعاطف الجمهور، وحمله حتى على البكاء، لكن البرود والجمود الذي تقابله به هانا أو أنجلينا جولي يقطع حبل التراجيديا، ويفصلنا عن التعاطف بلا أي مبرر منطقي؛ فهي التي مرت بظروف صعبة وعانت وبكت قبل وصول كونور إليها، كان من المفترض أن تحتضنه كأنها أمه لأنه ذكّرها بالأطفال الذين عجزت عن مساعدتهم وقت الحريق، وقدّم لها فرصة لتعويض ذلك فتشفى نفسياً. تفاعلها كان إيجابياً وإنسانياً منذ اللحظة الأولى وحتى المشهد الأخير، ولم تتخل عنه، لكنها بقيت باردة جامدة، خصوصاً حين كان الطفل كونور يحكي بحرقة قلب ويبكي بخوف من الغد، ويسألها: ماذا سيحصل؟ وهو لا يعرف أين وكيف سيعيش.

إخماد العواطف

العلاقة تتطور بشكل جميل بين هانا وكونور، وكان يجب استغلالها من الجانب الإنساني خصوصاً أنهما شكّلا ثنائياً في الهروب من القاتلين، وفي دفاع كل منهما عن الآخر، وحرصهما على النجاح في إيصال صوت ورسالة والد كونور إلى الرأي العام. انشغل المخرج والكاتب أكثر بعمليات المطاردة وامتداد النيران واحتراق الغابات، وبالجانب التشويقي أكثر من الإنساني العاطفي. حتى مشهد وجود الثنائي إيثان وزوجته أليسون في برج المراقبة، وتجاوز النيران مكانهما ووصول رجال الإطفاء إليهما، لم يكمله المخرج حتى الآخر، كأنه لا يحب اكتمال المشاهد الإنسانية، ولا اكتمال تعاطف الجمهور معها حتى التأثر والتفاعل. كأنه يخطف منك لحظة الذروة ويخمد عواطفك لتبقى أكثر واقعية عما يجب، رغم أن للمخرج شيريدان تاريخاً ناجحاً مع كتابة أفلام التشويق مثل «ويند ريفر» و«سيكاريو» و«هال أور هاي ووتر»..

أداء أنجلينا جولي جيد، لكن ميدينا سينجور تشع صدقاً وحيوية وتفجّر مشاعرها في مشاهد قليلة لا يمكن مقارنتها بتلك التي تظهر بها البطلة. ويبقى أن نشيد بالمعلومات والإرشادات والمشاهد التي قدمها «الذين يتمنون موتي» وتعتبر مهمة ومفيدة وحقيقية عن كيفية التصرف أثناء الحريق في الطبيعة، وأهمية دور مراقب الطقس، وحركة الرياح في التعامل مع الكوارث.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"