عادي
أوراق قضائية

جريمة خلف المكب

23:25 مساء
قراءة 3 دقائق
محكمة
محكمة

كتب: أمير السني

امتدت الصداقة بين (ع.م) وصديقه أكثر من 3 سنوات، منذ أن حضر الأخير إلى الدولة بحثاً عن عمل، والتقاه خلال مقابلة في إحدى الشركات العاملة في مجال البناء، واكتشف أنه من بلدة غير بعيدة عن بلدته الآسيوية، وبعد تعينهما في الشركة تم توزيعهما في إحدى المجموعات التي تقوم بنقل نفايات المباني السكنية التي تشرف عليها الشركة إلى مكب النفايات خارج الإمارة،

والمساء يعود الصديقان إلى سكن العمال التابع للشركة ويتسامران في الليل عقب العودة من العمل، ويخرجان للتنزه في يوم الإجازة.

وصار كل واحد منهما يحكي للآخر همومه ومشاكله، وقد أخبر (ع.م) صديقه بأنه جمع مبلغاً من المال لبناء جزء من منزلهم لكي يتزوج فيه قريبته التي تنتظره منذ فترة، وقد تقدم لخطبتها ووعد والديها بإكمال الزواج عقب تجهيز بيت الزوجية، وبنهاية العام يكتمل المبلغ ويرسل الأموال لأخيه للبدء في البناء.

كما نصح (ع.م) صديقه بأن يدخر مبلغاً من المال لكي يتزوج هو أيضاً، وأخبره صديقه بأن أسرته في حاجه إلى المال، لأن عدد إخوته كبير، والراتب الذي يتقاضاه لا يكفيه ليفكر في شيء آخر، ويتمنى أن يمتلك مالاً ويرجع إلى وطنه ويشتري سيارة نقل يعمل عليها ويسد حاجة الأسرة.

ومضت الأيام واستطاع (ع.م) ادخار مبالغ مالية جيدة لديه، وكان يضع الأموال في خزانة ملابسه عند قدوم الليل حتى لا يشعر أحد بأن هناك أموالاً داخل الخزانة، ويتعرض للسرقة، والشخص الوحيد الذي يعلم بذلك هو صديقه، الذي بدأت الغيرة تدب في داخله بعد أن شعر بأن (ع.م) صديقه المقرب سيتزوج وينصلح حاله، أما هو فلا يستطيع ذلك بسبب أحواله المادية السيئة، وتحولت نظرته إليه إلى خبث وضغينة يضمرها في قلبه بينما يبتسم ويضحك معه، وصار يحلم بأن المبلغ المالي الموجود في الخزانة يمكن أن يحقق له حلمه، ويجعل أسرته الفقيرة تعيش حياة أفضل، ويرجع إلى وطنه بدلاً من الغربة وقساوتها.

وبدأ الصديق الغادر يفكر في طريقة يستولي بها على أموال صديقه (ع.م) وصار يراقبه عندما يضع الأموال في الخزانة، ولكن نظراً لوجود كاميرات مراقبة وحراس أمن يطوفون على الغرف، وجد صعوبة في سرقة الأموال، وبعد مرور أسبوع جاءته الفرصة حينما أخبره (ع.م) بأنه قرر أن يرسل المبالغ المالية التي يدخرها خوفاً من ضياعها، وطلب منه أن يذهب معه إلى الصرافة عقب انتهاء الدوام، وبالفعل ذهبا إلى العمل، وتحركت الشاحنة التي تحمل النفايات وبداخلها الصديقان وعند الوصول إلى مكب النفايات قاما بإفراغ النفايات، وطلب الصديق من (ع.م) أن يذهب معه إلى خلف المكب لأن لديه خبراً ساراً سيخبره به، وذهب معه بكل ثقة فهو الصديق الوفي الذي لا يخشى منه، ولا يمكن أن يخطر بباله أن يغدر به، وعند المكان المحدد باغت الصديق (ع.م) وأخرج سكيناً كان يحمله وراء ظهره وطعنه عدة طعنات قاتلة، أودت بحياته على الفور، وسرق الأموال من جيبه، وتركه مضرجاً بالدماء وركب الشاحنة دون أن ينتبه السائق إلى فقدان أحد العمال.

وعند العودة إلى الشركة واصل الصديق الغادر عمله إلى نهاية الدوام، وخرج جميع العمال لركوب الباص الذي يقلهم إلى المسكن، وبدأوا يسألون الصديق عن صديقه (ع.م) بعد أن لاحظوا عدم وجوده وأخبرهم بأنه استأذن وخرج مبكراً.

وعثرت الشرطة على جثة (ع.م) بعد بلاغ من إدارة مكب النفايات بالعثور على شخص مقتول وتم التحري في البلاغ، وكشفت كاميرات المراقبة وجود الصديق الغادر مع الضحية وخروجهما خلف المكب، وعلى الفور ألقي القبض عليه، واعترف بجريمته، وقضت المحكمة بإعدامه شنقاً حتى الموت ودفع الدية لأولياء الدم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"