عادي
تداعيات على المستهلكين والشركات معاً

ماذا يعني انعكاس عوائد السندات بالنسبة للاقتصاد الأمريكي؟

12:23 مساء
قراءة 4 دقائق
وول ستريت
دبي: هشام مدخنة


تموّل وزارة الخزانة الأمريكية التزامات الميزانية الحكومية الفيدرالية من خلال إصدار أشكال مختلفة من الديون. ويشمل سوق الخزانة الذي تبلغ قيمته 23 تريليون دولار، سندات ذات آجال استحقاق من شهر واحد إلى عام واحد، وسندات من سنتين إلى 10 سنوات، إضافة إلى سندات خزانة 20 و30 عاماً.
انعكاس المنحنى
انقلب منحنى عائد سندات الخزانة الأمريكية، الثلاثاء، للمرة الأولى منذ عام 2019، في إشارة تحذيرية واضحة إلى «وول ستريت» والاقتصاد الأوسع، حيث سعّر المستثمرون خطة رفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الوقت الذي يحاول فيه خفض التضخم من أعلى مستوياته في 40 عاماً. ونتيجة لذلك، يشعر الكثيرون بالقلق من ركود محتمل، خصوصاً بعد أن دفع مستثمرو السندات أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى النقطة التي أصبحت فيها العوائد على السندات الآجلة لعامين أعلى من نظيرتها ذات الأعوام العشرة.
وانعكست هذا الأسبوع أجزاء أخرى من منحنى العائد، بما في ذلك الفارق بين عوائد سندات الخزانة الأمريكية لمدة 5 سنوات و30 عاماً، للمرة الأولى أيضاً منذ عام 2006، وانتقلت إلى ما دون الصفر مع شراء المزيد من سندات الخزانة طويلة الأجل مقارنة بالسندات الحكومية ذات الأجل القصير، وفقاً لبيانات «رفينيتيف».
وهذه الظاهرة، التي تسمى «انعكاس منحنى العائد»، هي مقياس رئيسي يراقبه المستثمرون حيث تؤثر عائدات السندات في أسعار الأصول الأخرى، وتتغذى على عوائد البنوك، وتُعد مؤشراً صارخاً على صحة الاقتصاد، وبصرف النظر عن الإشارات الحمراء أو الخضراء التي تومض على الأسواق، فإن شكل منحنى العائد له تداعيات على المستهلكين والشركات، في آن واحد.
تراجعات بالجملة
تراجع العائد على سندات الخزانة لأجل 5 أعوام بمقدار 7 نقاط أساس إلى 2.495%، وانخفض العائد على السندات ذات الأجل 30 عاماً بنحو 6 نقاط أساس إلى 2.518%، في حين انخفض العائد على سندات الخزانة القياسية لأجل 10 أعوام بنحو 8 نقاط أساس إلى 2.4%، علماً بن العائدات تتحرك بشكل عكسي مع الأسعار، ونقطة أساس واحدة تساوي 0.01%.
ويشير المنحنى الحاد عادة إلى توقعات بنشاط اقتصادي أقوى، وتضخم أعلى، وأسعار فائدة أعلى. والمنحنى المستقر يشير إلى فقد المستثمرين الثقة بتوقعات نمو الاقتصاد. وتعتبر الانعكاسات في منحنى العوائد نذير ركود في نهاية المطاف، لكن الإشارة الآن غير واضحة، خصوصاً في ظل ترقب نتيجة المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا، وتأثير العلاقة المستقبلية المحتمل في السندات قصيرة وطويلة الأجل.
وقال مايكل شوماخر، مدير أسعار الفائدة في «ويلز فارجو»: «نعتقد أن الأمر مشوّه، لأن الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى قد اشترت الكثير من السندات ما أدى إلى انخفاض العائدات طويلة الأجل».
لماذا الانعكاس الآن؟
ارتفعت عوائد السندات الحكومية الأمريكية قصيرة الأجل بسرعة هذا العام، ما يعكس التوقعات بسلسلة من رفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في حين تحركت عائدات السندات الحكومية طويلة الأجل بوتيرة أبطأ وسط مخاوف من أن تشديد السياسة قد يضر بالاقتصاد، ونتيجة لذلك، كان شكل منحنى عائد الخزانة مستوياً بشكل عام، وفي بعض الحالات معكوساً.
واتسع الفارق بين العائد على أذون الخزانة لأجل 3 أشهر، والسندات لأجل 10 سنوات هذا الشهر، ما يمكن أن يكون مؤشراً على الانفراج الاقتصادي، والجمعة، وصل هذا المنحنى إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من خمس سنوات عند 196 نقطة أساس.
وبحسب دان بيلتون، محلل الدخل الثابت في «بي إم أو كابيتال»، فإنه إذا تكشفت السياسة كما يتوقع السوق، فإن منحنى 3 أشهر / 10 سنوات سيبدأ بالاستقرار مع تسعير المزيد من زيادات الأسعار في أذون الخزانة لأجل 3 أشهر.
وكانت آخر مرة انقلب فيها منحنى 3 أشهر / 10 سنوات في فبراير/ شباط 2020 وبعد شهر خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الإقراض لليلة واحدة إلى ما يقرب من الصفر، حيث تسببت جائحة فيروس كورونا بحدوث فوضى اقتصادية في جميع أنحاء العالم.
بدوره، قال بن إيمونز، العضو المنتدب لاستراتيجية الماكرو العالمية في «ميدلي جلوبال أدفايزرز»: «نحن أمام مشكلة فنية، فعائد أذون الخزانة لمدة 3 أشهر لا يزال أقل، ولا يعكس ارتفاع أسعار الفائدة في المستقبل. لكنه سيرتفع مع رفع الاحتياطي الفيدرالي للمعدلات».
يُذكر أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل بمقدار 0.25 نقطة مئوية، الأسبوع الماضي، وهي أول زيادة منذ أواخر عام 2018. وتم تسعير العقود الآجلة لأسعار الفائدة الأمريكية، الجمعة، بنسبة 75% تقريباً، لتشديد نصف نقطة مئوية في اجتماع السياسة النقدية في مايو/ أيار المقبل. وبالنسبة لعام 2022 بأكمله، يتوقع سوق العقود الآجلة نحو 200 نقطة أساس من حيث الزيادات التراكمية من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
ويُحذر بعض المستثمرين من أن منحنى العائد هو مجرد مؤشر واحد من بين العديد من المؤشرات التي يجب البحث عنها عند توقع الركود. وفي الواقع، ارتفعت أسواق الأسهم في الأسابيع الأخيرة، حيث قلص مؤشر «إس أند بي» خسارته منذ عام حتى تاريخه إلى نحو 3% بعد عمليات تصحيح مهمة الشهر الماضي. ومع ذلك، بالنسبة للعديد من المحترفين، أصبح المنحنى إشارة متبعة تقليدياً.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"