«العائدون»

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

في ملفات المخابرات المصرية وقائع كثيرة تصلح لأن تُحكى على الملأ، وكل حكاية تكون شاهداً حياً على ما يحصل في الخفاء، وما تخطط له التنظيمات الإرهابية، وكيفية كشفها، وتكون درساً يفرز الناس بشكل سريع وتلقائي: فريق يفهم الدرس ويتعظ منه، وفريق يعترض ويستنكر كل ما يرد في مضمونه من معلومات كي يزرع الشك في النفوس، وينفي عن نفسه ومجموعته أي تهمة فيظهرون بمظهر النعاج الوديعة والمظلومة، كما يفعل «الإخوان»، وكل من ينتمي إلى تنظيم إرهابي مع كل طلعة مسلسل يتناول حقيقة من مخزون جرائمهم. 

العام الماضي، تابعنا مسلسل «هجمة مرتدة» الذي واكب «الاختيار2» في تعرية حقائق الإرهابيين وكشف مخططاتهم، وهذا الموسم يأتي «العائدون» الذي يحمل توقيع مؤلف «هجمة مرتدة» نفسه، باهر دويدار، ليقدم حكايات أخرى من ملفات المخابرات المصرية عن التصدي للإرهاب، وتحديداً «داعش». 

يأخذنا المسلسل إلى عقر دار «الدواعش»، الشق العسكري والتنظيمي في أحد مقارهم في الخارج، حيث يتم التخطيط لعمليات إرهابية تفجيرية في مصر؛ في المقابل، ضباط وخبراء اتصال وعملاء سريون مصريون يتصدون لم بهدف حماية الوطن والقضاء على الإرهاب.

لا يتناول العمل فقط كيفية التصدي للتخطيط الإرهابي بتخطيط مخابراتي أمني يذهب إليهم، ولا يكتفي بانتظار وصولهم إلى مصر كي يبدأ بالتحرك، بل يقدم نماذج لعملاء تم تجنيدهم وزرعهم وسط الإرهابيين، ليقول إن هناك ألف رأفت الهجان، وأكثر، وكلهم نماذج مشرّفة ضحّت من أجل الوطن، منهم من كان شقيقه ينتمي «لداعش» فتعاون مع جهاز المخابرات المصرية لينتقم من الإرهابيين، وليساعد في الحد من استدراجهم للشباب وإغرائهم، ثم تحويلهم إلى قنابل يعدّونها للانفجار وسط الأبرياء، ومنهم التائه المعترض على سياسة بلده بلا رؤية واضحة.. 

التشويق في كتابة دويدار وإخراج المميز أحمد نادر جلال وأداء الممثلين أمير كرارة وأمينة خليل ومحمود عبد المغني وهاني رمزي والممثل السوري أحمد الأحمد بدور سيّاف، وكثرة الضيوف من النجوم (محمد فراج، محمد ممدوح وغيرهما..) كلها عوامل لا تؤدي إلا للنجاح والتميز وسط هذا الكم من الأعمال الدرامية. 

أمير كرارة يستعيد تألقه تماماً كما كان في الجزء الأول من «الاختيار»، محمد فراج خطف الكاميرا ليجدد التأكيد على أنه موهوب حتى النخاع، ممثل غير عادي، يترك بصمة وأثراً كبيراً ولو بعبور قصير ومَشاهد قليلة شارك فيها؛ كذلك استطاع المخرج أحمد نادر جلال خطف أنفاسنا بمشهد حرق داعش لأبي مصعب (محمد فراج)، مشهد صعب جعلته كاميرا المخرج البارع صادقاً وكأنه حقيقة تتجسد أمامنا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"