لحظة إهمال صغيرة

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

لم تعد لكورونا مواسم محددة، فالوباء يتمدد في العالم ثم ينحسر ثم يتمدد مجدداً دون أن نفهم الأسباب التي تقف فعلياً خلف هذا التغير في مساره، وها هو يقفز بأرقامه من جديد وكأنه يختار الأعياد والمناسبات الجميلة والإجازات التي ينتظرها الأهل والأحبة للتلاقي والاسترخاء. 
اعتدنا على أخذ التدابير، والدولة المستعدة دائماً والمتأهبة لأي طارئ تعرف كيف تتأقلم سريعاً مع الأوضاع وتتحرك وفق ما يقتضيه الظرف، والتحرك لا يكون فقط داخل المؤسسات الرسمية بل تحرك معها المجتمع ليكون على نفس درجة الوعي بما يحصل ويتحمل مسؤولية المشاركة في حماية كل فرد لنفسه وللمحيطين به. 
هذا ما تفعله الإمارات دائماً، وها هي تطوق موجة «كوفيد-19» المتجهة صعوداً في كل مكان في العالم بإعادة نشر التوعية بأهمية الالتزام بكافة التدابير والإجراءات الاحترازية، لاسيما في العيد حيث يكبر التفاعل والتواصل بين الناس. عدنا إلى ارتداء الكمامات طوال الوقت، ولا بد من التباعد بين المصلين وبين المهنئين بالعيد بعد الصلاة، ولا بد من «العيدية الإلكترونية» لتحل مكان العيدية الورقية التي ينتظرها الأطفال في العيد، ولا بد من اقتصار الزيارات على أهل البيت والأسرة أي المقربين جداً والتخلي عن زيارات الجيران والتصافح والقبلات والأحضان.. فلتكن معايدة من بعيد ومن القلب إلى القلب كي يبقى الجميع في مأمن من الإصابة بالفيروس، الذي مر على البشرية جمعاء تقريباً ولم يترك كائناً لم يذقه طعم مرارة أعراضه بمختلف درجاتها القوية والمتوسطة والخفيفة. 
منع التجمعات والمصافحة بجميع أشكالها قبل وبعد الصلاة، كان يشعرنا بأن العيد ناقص، والاكتفاء بالتحية والتهنئة عن بعد كان يوحي لنا بأن التحية باردة وعابرة والتهنئة لا تخرج من القلب، والاكتفاء بالمعايدة عبر الهاتف يخلق جفاء بين الأحبة.. لكن الاختبار الصعب الذي وضعنا فيه الوباء حين عرض كل أسرة لخطر خسارة أحد أفرادها، أو للخسارة الفعلية لعزيز وقريب، علّمنا كيف نفرح عن بُعد، ونحضن الأحبة والأهل عن بُعد، ونتبادل التهاني ونكمل الحياة بكل صخبها عن بُعد.. فالبُعد والكمامة التي تخفي معالم الوجوه، والتحية بالتلويح بلا تصافح، أهون وأفضل بكثير من عزلة مصاب وخوفه على أهل بيته من العدوى وقلقه من أن يتسبب بالأذى لأي أخ أو زميل أو عجوز أو كبير في السن أو مصاب بمرض مزمن، والندم في هذه الحالات بسبب لحظة إهمال صغيرة لا ينفع بل يوجع الضمير ولا يزول من القلب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"