تمكين الإماراتية.. رؤية قيادة واستراتيجية دولة

00:05 صباحا
قراءة 4 دقائق

د. نورة ناصر الكربي *

تَعزّز دور المرأة في الإمارات في الربع الأخير من القرن العشرين، واكتسب أبعاداً جديدة مع نشأة دولة الإمارات وتطورها، وكانت باكورة اهتمام القيادة الرشيدة بالمرأة، مقترنة باهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بإنسان هذه الأرض، فكانت المبادرات والمشاريع الداعمة والموجهة خصيصاً، لتطوير ابنة الإمارات، وبما يشمل مراحلها العمرية كافة.
 ولا ننسى ما قاله لحظة إعلان الاتحاد «لا شيء يسعدني أكثر من رؤية الإماراتية تأخذ دورها في المجتمع، وتحقق المكانة اللائقة بها. يجب ألا يقف شيء في وجه مسيرة تقدمها، للنساء الحق مثل الرجال في أن يتبوّأن أعلى المراكز، بما يتناسب مع قدراتهن ومؤهلاتهن».
وتجسدت مرحلة التمكين بفتح المجالات كافة أمام المشاركة الشعبية لأبنائه المواطنين وبناته المواطنات، بإعلان تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي، وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية، وليكون أكثر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطن، لتترسخ قيم المشاركة الحقة ونهج الشورى.
وتواصلت هذه العناية البالغة في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، إذ حظيت المرأة بكل أوجه التمكين والتشجيع، فقد أسهم في دعم مختلف قضايا المرأة، مدافعاً عن حقوقها وساعياً إلى تحقيق المساواة والتوازن بينها وبين الرجل، عبر تعزيز قوتها واقعياً على الأرض، وتوفير الحياة الكريمة لأبنائها، إدراكاً بأنها بحقّ جزء لا يتجزّأ من المجتمع الإماراتي المتماسك وعدّ مشاركتها في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أمراً ضرورياً لا يمكن التنازل عنه بأي حال من الأحوال. 
كما شجّع النساء على بلوغ مستويات تعليمية مرتفعة داخل الإمارات وخارجها، وغرس فيهنّ الطموح.
ومن أقواله الخالدة «إن ما أتيح للمرأة من فرص ليس منّة أو تفضلاً حكومياً، بل هي طبيعة الأشياء؛ فالإماراتية قبل أن تكون وزيرة ونائبة، كانت وما زالت أمّاً وربّة أسرة، وامرأة عاملة ومستثمرة، وطبيبة ومعلمة وشاعرة وأديبة، وفاعلة اجتماعية...». 
وفي مقام آخر «لقد حظيت المرأة خلال مسيرتنا بكل مساندة ودعم، وقد أثبتت التجربة أن الإماراتية على قدر المسؤولية في جميع المناصب التي تولتها، وإنني أدعو بناتي إلى التحلّي بالاندفاع والثقة اللذين رافقا المرأة، في ظل ما تحظى به من تشجيع وتأييد من القيادة السياسية، وبما يتلاءم مع متطلبات تفعيل المشاركة والتنمية السياسية في الدولة». 
ومن أهم القرارات التي صدرت في عهد الشيخ خليفة، رحمه الله، انتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني، وتعيين النصف من النساء، عبر مجالس محلية في كل إمارة، فتنتخب هذه المجالس نصف عدد ممثليها في المجلس، ويعين حاكم الإمارة النصف الآخر، لتعزيز فرصة مشاركة المواطنين ذكوراً وإناثاً في العمل الوطني العام، من أجل تمثيل المواطنين والاهتمام بهمومهم وقضاياهم.
ولا يفوتنا في هذا السياق، دور صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في هذه المسيرة، حيث أكد أنه أحد داعمي مساعي تمكين المرأة داخل الدولة أو أي مكان من العالم. ودعا سموّه المؤسسات في إمارة الشارقة، إلى توسيع مبادراتها، لتشمل كل المجتمعات التي تحتاج فيها المرأة إلى المساندة.
وهذا يعني أن مكانة المرأة ودورها في المجتمع الإماراتي شهدا ارتقاءً نوعياً، بما يواكب مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة؛ فقد آمنت دولة الإمارات بكفاءة المرأة وقدرتها وتميزها، وترجمت اعتزازها بها، عبر الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز مع المرأة، وإبرام تسع اتفاقيات دولية عن تنظيم ساعات العمل، وتساوي الأجر والامتيازات الأخرى، وسنّ التشريعات والقوانين التي توفر الحماية القانونية للمرأة.
وتمتلك دولة الإمارات أساسيات ومرتكزات وبرامج تهدف إلى تمكين المرأة، عبر الدستور والقوانين السارية، التي تؤكد مبدأين، الأول: المساواة بين الرجل والمرأة قاعدةً عامةً. 
والثاني: مراعاة الطبيعة الفطرية للمرأة في بعض التشريعات. إلى جانب مصادقة الدولة على عدد من الاتفاقيات الدولية، وخاصة اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز مع المرأة. 
وحصلت الدولة على المرتبة الأولى عالمياً في «مؤشر احترام المرأة».
وقد استفادت الإماراتية بدعم ورعاية من سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، من هذا الدعم الدستوري والسياسي والمجتمعي، مقرونة بجهود الاتحاد النسائي العام، وإنجازاته الناصعة بتعديل التشريعات، وتحسين أوضاع المرأة العاملة، ووضع البرامج والمشاريع القادرة على التأثير في السياسات والواقع. 
وقد أشاد التقرير العربي الموحد عن تنفيذ منهاج عمل «بيغين +15» بالإنجازات الكبيرة التي حققها الاتحاد في هذا المجال، وأن الواقع السياسي للإماراتية شهد مكاسب وإنجازات متميزة في إطار برنامج وخطط التمكين السياسي، وخير دليل على ما تقدم، ما نشره تقرير «الفجوة بين الجنسين 2022» الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، وحصول الإمارات على المركز الأول عالمياً في خمسة مؤشرات فرعية ضمن هذا التقرير: معدل التحاق الفتيات بالتعليم الابتدائي والثانوي والجامعي، وفي نسبة النوع الاجتماعي عند الولادة، وفي التمثيل البرلماني للمرأة.
* أستاذ مساعد - جامعة الشارقة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8fytb7

عن الكاتب

أستاذ مساعد - جامعة الشارقة

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"