ليبيا في حاجة إلى أحفاد للمختار

00:14 صباحا
قراءة 3 دقائق

سليمان جودة

يحزن المرء عندما يطالع الرسالة التي بعث بها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، إلى فتحي باشاغا، رئيس حكومة الاستقرار في ليبيا أيضاً. 

الرسالة حملها خالد المشري، رئيس مجلس الدولة الليبي، ويقول فيها الدبيبة إنه جاهز للحرب في العاصمة طرابلس التي يتحصن فيها. 

يحزن المرء ليس لأنه يقف مع طرف ضد طرف في هذا الصراع المستمر بين الطرفين منذ مارس الماضي، فالموقف الطبيعي في حال كهذا لا بد أن يكون مع ليبيا كبلد، ومع الليبيين كشعب، ومع الأراضي الليبية كلها كوطن للجميع دون تفرقة ولا تمييز. 

وسبب الحزن هو أن تصل العلاقة بين حكومتين في بلد واحد إلى هذا المستوى من التصعيد غير المبرر وغير المطلوب، وأن يصل الأمر بينهما إلى حد لا يكون معه حل سوى الحرب، التي إذا وقعت لن يكون لها وقود غير المواطنين، ممن أرهقتهم ظروف العيش على مدى ما يزيد على العقد الكامل من الزمان. 

ففي مرحلة ما بعد سقوط العقيد معمر القذافي خلال أجواء ما سُمي بالربيع العربي 2011، كان الأمل أن تلتقي القوى السياسية الليبية على أرضية واحدة، وأن يكون المعيار في كل عمل عام هو الولاء للبلد في مجمله، لا الولاء إلى جماعة، أو تيار، أو فئة. 

إن ليبيا بلد نفطي في الأساس، وعندها شواطئ على البحر المتوسط تصل إلى أكثر من 2000 كيلومتر، ولديها إمكانات غير عادية في إنتاج الطاقة المتجددة من الشمس أو الرياح، وهي مؤهلة بالتالي لأن يعيش أبناؤها على أرضها في هناء وسعادة، ومؤهلة لأن تكون عاملاً من عوامل الاستقرار في المنطقة وفي العالم بدلاً من أن تكون العكس. 

هل يصدق أحد أن ليبيا التي تستطيع إنتاج أكثر من مليون و200 ألف برميل بترول في اليوم الواحد، قد وصل بها الحال إلى أن تكون الغالبية من حقول نفطها مغلقة، وأن يصل إنتاجها إلى 600 ألف برميل في اليوم، وأحياناً ينزل إلى ما هو أقل؟ 

كانت الحجة في وقت من الأوقات هي ستيفاني ويليامز، المبعوثة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة، وكانت الأطراف السياسية الليبية تتهمها بأنها تسعى للوقيعة بين الليبيين، وأنها تؤجج الصراعات بين السياسيين وتشعلها.. وقد غادرت ويليامز مع بداية هذا الشهر، وأطلقت تصريحات بعد مغادرتها تتهم متهميها بأنهم أنانيون ولا يقدمون الصالح العام على الخاص في بلدهم. 

وأياً كان نصيب تصريحاتها من الدقة والصواب، فليست هذه هي القضية الآن، وإنما القضية أن يثبت الساسة الليبيون أياً كانت مواقعهم أن اتهاماتها غير صحيحة، وأنها اتهامات كانت في غير محلها، وأن صاحبة التصريحات كانت عقبة بالفعل، وأن الوضع في البلاد بعد مغادرتها، لن يكون على ما كان عليه عندما كانت موجودة وكانت تنشط في جولات مكوكية بين الأطراف المختلفة. 

هذه واحدة.. والثانية أن على الساسة الليبيين أنفسهم أن يثبتوا أن كلام رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري، كان في محله تماماً، عندما قال قبل أسابيع في افتتاح مؤتمر نظمته بلاده لدول الجوار الليبي، أن الحل في ليبيا هو «حل ليبي - ليبي» أولاً وعاشراً، قبل أن يكون حلاً في يد دول الجوار الست، أو يكون حلاً إقليمياً، أو حتى يكون حلاً دولياً في يد القوى الدولية. 

ليت الساسة في ليبيا يبادرون إلى ما يثبت أن تصريحات وليامز في غير محلها، وأن تقديرات لعمامرة في محلها، وأن للبطل عمر المختار أحفاداً يعيشون في القرن الحادي والعشرين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yf8xdc58

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"