عادي
خلال جلسة في «ندوة الثقافة والعلوم»

المشاركون يناقشون «محتوى شبكات التواصل.. التحديات الشبهات التجاوزات»

19:21 مساء
قراءة 5 دقائق

دبي: محمد ياسين

استعرض المشاركون في جلسة نقاشية نظمتها ندوة الثقافة والعلوم بعنوان «محتوى شبكات التواصل. التحديات، الشبهات، التجاوزات» واقع المجتمعات العربية في ظل التطورات المتسارعة لمواقع التواصل، وتأثيرها في شعوب المنطقة.

وناقش المشاركين سبل الوقاية من الخطط والرسائل الهدامة التي تبثّ إلى فئات معينة، لدعم قضايا لا تتثق مع ثقافة وعادات ودين مجتمعنا، مؤكدين أن الترابط الأسري وتحفيز الأبناء على التفكير الصحيح، هو السبيل للوقاية من تلك الخطط والأفكار الشاذة.

شارك في الجلسة الدكتور حبيب الملا، القانوني وصاحب الخبرة العريقة في المجالات القضائية والبرلمانية والتشريعية، والدكتورة عائشة النعيمي، أستاذة مشاركة في كلية الاتصال الجماهيري جامعة الإمارات، والباحث الروائي عبدالله النعيمي، الناشط في مواقع التواصل. وأدارت الجلسة الكاتبة عائشة سلطان، رئيسة اللجنة الثقافية في الندوة، وحضرها علي الهاملي، نائب رئيس مجلس الإدارة، والدكتور عبد الرزاق الفارس، والدكتور محمد مراد عبدالله، وعمر غباش، ومحمود نور، ونخبة من المهتمين والمعنيين.

حراك اجتماعي

وفي مستهل الجلسة قالت عائشة سلطان: إن ما تضج به شبكات التواصل من حوارات وصراعات وقضايا شكلت موضوعاً جدلياً لم يهدأ منذ ظهورها، وتمثل حراكاً اجتماعياً طبيعياً ضمت سياقات حتمية حدثت في العالم وعبرت عن نفسها بأشكال متعددة.

وأكدت أن بعضهم يرى أن ما يحدث ليس سوى حلقة من حلقات تطور المجتمعات الإنسانية، بينما يراه آخرون انفجاراً معرفياً وتقنياً أسيء استخدامه ووظّف للإضرار بمجتمعات كثيرة، ويهدد التماسك الأسري ومنظومات القيم والأخلاق. وتساءلت هل هناك خوف من أو شكّ أو ريبة في شبكات التواصل بشكل عام، وخاصة ما يقال عن أن المجتمعات العربية في وسط هذا الكم من محتوى شبكات التواصل أكثر استهلاكاً وليس إنتاجاً، فهل هذا يقلل من جهد المدونين والناشطين العرب على هذه الشبكات؟

وأضافت: لماذا يظن بعضهم، بأن ما يحدث على شبكات التواصل سلبي ومضر، ألا يمثل هذا خوفاً من التغيير، رغم أن التغيير أمر واقع، وأن الشباب يعيشون يومهم وحياتهم على شبكات التواصل والمواقع كل بحسب قناعاته وأفكاره بعيداً عن الوصايا، ما يؤكد انسيابية التفكير واختلاف الأفكار بين الأجيال.

وقال الدكتور حبيب الملا: إن الإحصاءات تدل على مدى قوة وتأثير المساحة التي تشغلها مواقع التواصل في العالم، وبحسب إحصائية عام 2021 يتضح أن هناك نحو 4.5 مليار، يستخدمون وسائل التواصل في العالم، أي أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية، وفي السعودية فقط نحو 40 مليون مشترك، و40% من سكان شمال إفريقيا لديهم وسائل تواصل، و52% من سكان شبه الجزيرة العربية ودول الخليج، أما في مصر فهناك 49 مليوناً يستخدمون الفيس بوك.

أكثر انفتاحا

وأشار إلى أنه في السابق كان من يستخدم منصات الإعلام لا بدّ أن يكون دارساً للإعلام، وله خبرة، وكانت قنوات الإعلام محدودة، ولكن الاختلاف اليوم أصبح لكل شخص صحيفة وقناة إعلامية، فأصبح المجال أكثر انفتاحاً، ولأحوال المجتمعات العربية التي تعيش حالة من الاحتقان الشديد اجتماعياً أو اقتصادياً أو سياسياً ما أفرز زيادة في وسائل التواصل، وزيادة في الموضوعات المطروحة الطائفية أو العرقية والتراتبية الاجتماعية وصراعات وردات فعل أكثر عنفاً، عكس ما كنا نشاهده في وسائل الإعلام التقليدية.

يحكمنا القانون

وعلق، على اللغط الحاصل عن فئة معينة في المجتمعات الغربية خصوصاً أن هناك فرقاً بين أن تكون المشكلة أو القضية موجودة في المجتمع، وأن تشكل دعوى للقبول بها في مجتمعنا المحافظ، وفي هذه الحالة يكون المعيار هو القانون الذي يمثل انعكاس لرغبة وإرادة المجتمع، ويحدد ضوابط لمجتمعنا العربي ومن يخالفها يشذ عن القانون، فالحرية ليست مطلقة هناك قانون يحكمها وقد يختلف من مجتمع لمجتمع ولابد من الالتزام بلوائحه.

وأكد الدكتور الملا، صعوبة عمل رقابة على منصات التواصل، فالمنصات هي مرآة تعكس الوضع الموجود في المجتمع، وأن المشكلة هي محاولة البعض توجيه المجتمع لتوجهات معينة.

ولفتت الدكتورة النعيمي،إلى أنه قبل الحديث عن شبكات التواصل، لا بدّ من تناول بعض المصطلحات مثل الحريات التي هي حق الفرد في طرح وممارسة الفعل باستقلالية تامة، ولكن في المقابل حينما تكون الحرية بلا مشروع ثقافي تتحول إلى فوضى وتفتقد للرؤية ومراعاة المصلحة العامة. والمصطلح الآخر التغيير الذي يمثل حالة الثبات الوحيدة، ولكن كيف يكون تغييراً إيجابياً يحافظ على ثوابت المجتمع وهويته، فحين يتعارض التغيير مع المصلحة العامة للأفراد يجب أن تكون هناك وقفة للتحليل وتعديل المسار.

التركيبة السكنية

وأكدت أن مجتمع الإمارات تأثر بشبكات التواصل، وهناك مظاهر كثيرة للتغيير الإيجابي والسلبي وخاصة لدى شريحة الشباب الذين تبنوا أفكاراً وقضايا لا تتسق وخصوصية المجتمع ولا تعبر عن هويته، وأن ما حدث نتيجة لفلسفة التعليم التي يراها بعضهم غير متسقة وخصوصية المجتمع الإماراتي بالتحديد ما يتعلق باللغة والعلوم الاجتماعية والإنسانية، وهناك شرائح مجتمعية من الشباب تحتاج لمزيد من الاهتمام. وخاصة خلل التركيبة السكانية للأجنبي غير العربي وتداعياتها على بنية المجتمع أيضاً وتناولها كثير من مثقفي وأبناء الإمارات منذ الثمانينيات.

قذف وتنمّر

وذكر عبدالله النعيمي، أن وسائل التواصل، أجابت عن سؤال قديم وهو هل يحكمنا القانون أم الأخلاق؟ فطوال عقود مضت كونت صورة نمطية أن مجتمعنا يتسم بالتصالح والهدوء ويميل للمسالمة، وتشكلت تلك السمات تلقائياً في الأذهان، ولكن بعد عام 2011 والانفتاح على عالم التواصل، اختلت تلك الصورة بعض الشيء فأصبح لكل فرد قناته وإعلامه وأخباره الخاصة دون محاولة لتحسين الصورة، وبذلك كشفت ما كان مختبئاً في الداخل وخاصة أن بعضهم يظهر بأسماء وهمية ومستعارة ويقذف ويتنمّر على الآخرين ولا يحكمه قانون أو أخلاق.

واضاف أن ابن خلدون، قال: إن المجتمعات لا تبقى بالصورة نفسها، من دون أن يحدث لها تغيير، فلا بدّ من مؤثرات لإحداث التغيير، وكانت وسائل التواصل، هي المؤثر الأكثر قوة وفاعلية، كذلك انكسار حاجز اللغة، وأصبح هناك من يحدث بلغات عدة، فتدفقت المعلومات من كل ثقافات العالم وزاد الانفتاح، ما أدى إلى تسارع عملية التحول في المجتمعات. وأصبح تأثير الإعلام الجديد هو الأكبر والأسرع والأخطر.

وأشار إلى أن المؤثرين ذوي الصوت العالي غير الواعي بسبب انحدار لغة الرأي والحوار لأن لديهم فكر مضاد ينشط في الخفاء، ولكن المؤثرين ذوي الصوت العميق الناضج والواعي هم الأكثر تأثيراً.

ولفت إلى أن المحتوى الأكثر تأثيراً في المجتمع السعودي والمجتمع المصري بسبب طبيعة تلك المجتمعات وكثافتها السكانية وعمق تجربتها المجتمعية، وأن الرفاهية وتكريس النظرة المادية أحياناً لا تنتج محتوى حقيقي وفاعل.

قال الدكتور حبيب الملا: إن هناك أخطة لدعم فئة معينة وبثّ أفكارها في مجتمعنا، إن خط دفعانا الأول هو الدين والترابط الأسري والمجتمعي لحمايتنا من تلك الفئة الضالة التي خسف البشرية بسبب وجود تلك الفئة.

وأضاف أن أنتشار مقطع فيديو يؤيد تلك الفئة بعلم او دون علم من كانوا فيها هو أمر غير مقبول ومحاربته واجب. وقال إن انفصال شراكتي مع مكنزي جاء بسبب انزعاج الأخير من موقفي من تلك الفيديو، وما يدعو له من دعم الشذوذ عبر منصاتنا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr3fuetm

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"