الشارقة: علاء الدين محمود
انفتح ملتقى الشارقة للخط في نسخته العاشرة الجارية حالياً، على الكثير من التجارب والممارسات الخطيّة التي تنشد التفرد والسمو الإبداعي والجمالي، تماهياً وانسجاماً مع شعار الملتقى «ارتقاء»، وضمن فعاليته وأنشطته، شهدت جمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية، معرض «امتنان»، ضمن أعمال المعرض العام للملتقى، وهو مساحة للوفاء لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث قدم عدد من الفنانين لوحات وأعمالاً فنية تحمل مقولاته وحِكَمه، كما شارك فنانون وخطاطون آخرون بلوحات تحمل أشعاراً مهداة إلى سموه.
تحمل الأعمال في معرض «امتنان» معاني الشكر لصاحب السمو حاكم الشارقة، الذي جعل من الشارقة الإمارة الباسمة، عاصمة للخط العربي، كما هي عاصمة للثقافة والكِتاب، وكذلك كقبلة للخطاطين، وتشير الأعمال إلى المجهودات الكبيرة التي بذلها سموه في بعث فن الخط، بعد أن كاد يندثر، من خلال توجيهاته بتنظيم الملتقى وتأسيس مراكز تعليم الإبداع الخطي، ومشروع كتاتيب الذي علّم المئات من المواطنين والمقيمين، إضافة إلى اقتنائه، وتشجيعه على اقتناء الأعمال الخطية، فسموه هو من جعل الخطاط حول العالم يعود إلى إبداعه ليصنع أعمالاً تزيين الكثير من الأمكنة.
منابع العز
الفنانة رقية محمد علي قدمت عملين بوحي من قصيدتين من أشعار صاحب السمو حاكم الشارقة، وهما: «سمو الروح»، و«منابع العز»، حيث أنجزتهما الفنانة برؤية إبداعية خطية متفردة من خلال حبر على ورق «مقهر» وزخرفة من ذهب.
ورقية هي مبدعة إماراتية، وعضو جمعية الإمارات لفن الخط العربي والزخرفة الإسلامية، شاركت في العديد من المعارض وحصلت على جائزة العويس للإبداع في عام 2009، وشاركت أيضاً في معرض «حروف إماراتية»، وحصلت على الجائزة الأولى.
الخطاطة شيخة محبوب جمعة قدمت عملاً خطياً يحمل مقولة من مقولات صاحب السمو حاكم الشارقة، التي يقول فيها: «القيم والأخلاق والتربية طوق نجاة الأمة»، أنجزته على شكل حبر على ورق «مقهر»، والمقولة تحمل الكثير من القيم السامية التي تحض على أهمية التربية والأخلاق النبيلة في رفعة الأمة.
وتتقن الفنانة شيخة خطوط الرقعة والديواني إضافة للديواني الجلي، وقدمت العديد من المشاركات داخل الدولة وخارجها، إضافة إلى إبداعها في مجال الرسم.
رسالة حق
عبد الشكور تهلك هو من الخطاطين الإماراتيين المخضرمين، قدم في المعرض لوحات تظهر التناسق الجمالي، كانت أبرزها لوحة عبارة من أقوال صاحب السمو حاكم الشارقة: «سأوصل الحق لصاحبه في بيته، حتى وإن لم يطلبه مني»، وهي عبارة عن حبر على ورق «مقهر»، وبدا واضحاً في هذه اللوحة اعتناء تهلك بجماليات فن الخط العربي، مقروناً بفن الزخرفة التي جاءت في هذه اللوحة مذهبة في إطار من اللون الأحمر مع حرصه على تقديم زخرفة تراعي قواعد هذا الفن من خلال التوازن، وأيضاً التماثل والتساوي، حيث عمل الفنان على توزيع الكتل بصورة تبرز التوازن في مساحة الرسم، ووحداتها وأحجامها، وكذلك في مستوى الفراغات البينية والمتقابلة التي تشكل بنية اللوحة ومعمارها.
ويمارس عبد الشكور هواية فن الخط العربي، واقتناء الأعمال والتحف الفنية من لوحات خطية وزخرفة، ومجموعات من الأقلام الخاصة، والمسكوكات والطوابع والعملات.
جوهرة الثقافة
ثلاثة أعمال خطية قدمها الفنان عمران البلوشي، يؤكد من خلالها توظيف الخط في الاعتزاز بنصائح وتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة، ودعمه المتواصل للمثقفين والمبدعين، حيث يغلب على الأعمال المعروضة في هذا المجال الإعلاء من أطوال الحروف وسموّها للتعبير عن قوّة الثقافة والكتابة من منظور سموه ورؤيته لدور المثقف ورسالته النبيلة في الحياة.
ومن أبرز مشاركات البلوشي لوحة تحمل مقولة لصاحب السمو حاكم الشارقة، وهي: «الكتاب جوهرة الثقافة والمعرفة والعلم»، وهي من الأقوال التي تحضّ على المعرفة وأهمية القراءة وتبيّن مكانة الكتاب كوسيلة للتعلم ورافعة لنهضة الأمم، ولعل معظم مشاركات البلوشي تعكس شغفه بالخطوط العربية القديمة وتاريخها وتطورها، لا سيما الكوفي، والكوفي المشرقي بأنواعه، فهو يسعى إلى تقديم أعمال تحاكي الطابع القديم بقوالب جديدة وبحلّة حديثة، حيث إن البلوشي يرى أهمية تقديم الأعمال الخطية في ثوب جديد، فالتجديد هو ضرورة فنية وإبداعية، مع الحفاظ على هوية الخط، كما لفت إلى أن الفنون البصرية اليوم قد تطورت لأن العصر نفسه قد تغير، وذلك يفرض على الفنان أن يقدم تلك الخطوط بطريقة تواكب روح العصر والازدهار الذي تشهده الفنون البصرية بصورة عامة، ولعل أعمال البلوشي تؤكد وقوفه إلى جانب الحداثة باعتبار أن التجديد يمثل نقلة نوعية للخطوط وفي الوقت نفسه، لابد من الحفاظ على أصول القديم لأنه يمثل التاريخ والتراث.
حكمة
أما الفنانة الإماراتية فاطمة الظنحاني، فشاركت بلوحات نوعت من خلالها بين خطوط عدة، مثل المحقق والثلث، ولها لوحة بخط الديواني الجلي، وهي تهتم بموضوعاتها، مثل: العلم والوطن والحكمة، كما شاركت بلوحات تستند إلى آيات قرآنية وأبيات من الشعر.
ومن أبرز الأعمال التي شاركت بها الظنحاني، لوحة تحمل بيت شعر كتبه الأمين العام لمجمع اللغة العربية في الشارقة البروفيسور أمحمد الصافي مستغانمي، إهداء إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، يقول البيت: «إلى قاسمي ذي علوم وحكمة/ سلطان خير لا تعد مآثره».
وفاطمة الظنحاني عضو في جمعيتي الإمارات لفن الخط العربي، والفنون التشكيلية، وحصلت على جائزة العويس للإبداع في عام 2017، حيث فازت بالمركز الأول في الخط الديواني الجلي، وهي صاحبة حضور مميز في فعاليات ومعارض الخط العربي داخل وخارج الدولة.
وتتميز الظنحاني بكونها صاحبة ممارسات فنية وإبداعية متفردة في مجال الخط، وتحمل أعمالها دعوة إلى ضرورة الابتكار والتطور في المجال الفني، حيث إن أعمالها تضم لوحات على النمط القديم الكلاسيكي، وأخرى بطرق مبتكرة وحديثة، فهي تعمل دائماً على الابتكار والبحث عن تجارب جديدة.
صلاح الأمم
قدمت الفنانة الإماراتية فاطمة سالمين الظاهري، عملاً خطياً لافتاً بورق «مقهر» وحبر وذهب، مشغول بمهارة عالية ويعكس قدرة الخطاطة على تطويع الحروف، وهو العمل الذي يحمل مقولة صاحب السمو حاكم الشارقة: «صلاح الأمم لا يكون إلا بصلاح الأسرة»، وهي المقولة التي تحمل قيماً رفيعة، وتنشد نهضة الأمم عبر التربية والأخلاق الفاضلة.
وتمتلك سالمين أسلوباً إبداعياً مميزاً وتجربة ثرّة عكستها أعمالها ذات البعد التكنيكي والبصري الخاص، وتقنياتها المتفردة التي تشير إلى فنانة ذات بصمة خاصة.
برزت فاطمة سالمين في الدورة ال24 من جائزة العويس للإبداع، وحصلت على المركز الأول في «خط الثلث» عن فئة الشباب، ومن أهم المعارض التي شاركت فيها ملتقى الشارقة للخط العربي عام 2016 «حروف إماراتية»، ومعرض تجليات الحرف عام 2016 ومعرض ملتقى الثاني لخطاطي دول مجلس التعاون في الكويت عام 2016.
قوة المعرفة
الفنانة فاطمة محمد عبد الرحيم، قدمت عملاً خطياً عبارة عن حبر على ورق «مقهر» بعنوان «قوة المعرفة»، يحمل مقولة صاحب السمو حاكم الشارقة: «إن البطون إذا جاعت أكلت الجِيَف، كذلك العقول إذا جاعت أكلت عفونة الأفكار، فلابد أن نملأ هذه العقول بالفكر النافع، وأحسن فكر نافع هو الإيمان بالله»، والمقولة تحتشد بالقيم الإيمانية السامية والرفيعة، كما تؤكد أهمية العلم والمعرفة.
