عادي

مستشفيات ألمانيا «تغرق» تحت سيل الأطفال المرضى

19:38 مساء
قراءة 3 دقائق

برلين أ.ف.ب

عندما نقلت ديبورا زيلز ابنها الرضيع أندرياس إلى مستشفى في برلين، بسبب مرض تنفسي خطير، كانت صدمتها كبيرة، إذ «لم يكن هناك مكان» له.. وقد اضطرت الفرق الطبية إلى البحث بالمستشفيات الأخرى في العاصمة الألمانية وولاية براندنبورغ المجاورة لإيجاد سرير للطفل البالغ ثلاثة عشر يوماً.

وتقول الأم البالغة 33 عاماً: «أخيراً، بعد تمضية ليلة في قسم الحوادث والطوارئ، استطعنا البقاء هنا».

ويرقد ابنها، الذي انخفض وزنه في وقت ما إلى ما دون وزنه عند الولادة البالغ 3,1 كيلوغرام، قبل أن يتعافى حالياً في قسم العناية المركزة.

ويصارع الطفل مرض التهاب القصيبات، في ظل موجة شتوية تشهدها ألمانيا حالياً من حالات التهاب الصدر عند الرضّع، ما يضع المستشفيات المكتظة أصلاً تحت ضغط إضافي.

وبعد عامين من جائحة «كوفيد-19» التي دفعت إلى اتخاذ تدابير وقائية، بينها فرض وضع الكمامات التي تحمي صغار السن في البلاد من التعرض لفيروسات الجهاز التنفسي، تشهد دول أوروبية عدة زيادة في الإصابات بالتهاب القصيبات.

وكان الوضع سيئاً بشكل خاص عام 2022 الذي تعرّض خلاله الأطفال حديثو الولادة والرضّع لأول مرة للفيروس المخلوي التنفسي (RSV) الذي يسبب عادة التهاب القصيبات. ويكافح فريق رعاية الأطفال بمستشفى القديس يوسف في برلين، حيث كان الطفل يُعالَج، من أجل التعامل بالصورة اللازمة مع الوضع، فيما عدد الموظفين أقل من أي وقت مضى.

وتقول رئيسة قسم طب الأطفال وحديثي الولادة في المستشفى بياتريكس شميدت: «نحن نغرق» تحت سيل المرضى.

وأشارت إلى أن عوامل عدة تضافرت للتسبب في المشكلة، متحدثة عن «عدد هائل من الأطفال المرضى ومقدمي الرعاية المصابين، كل ذلك بالتزامن مع النقص المزمن في الموظفين».

«الأطفال يدفعون الثمن»

وفي حي تمبلهوف قرب وسط برلين، يضم مستشفى القديس يوسف عادة 80 سريراً للأطفال المرضى. لكن بسبب نقص الموظفين، يمكن استخدام 51 فقط منها حالياً. حتى في وحدة العناية المركزة، كان لا بد من الاستغناء عن أسرّة، فيما كل الأسرّة الثمانية عشر الباقية مشغولة.

كما الحال في حالة أندرياس، يجد الأطباء في كثير من الأحيان أنفسهم من دون أسرّة متاحة للمرضى الجدد، ويتعين عليهم الاتصال بمستشفيات أخرى.

حتى أنه كان لا بد من نقل الكثير من الأطفال المرضى بطائرة هليكوبتر إلى مناطق أبعد، مثل ولاية مكلنبورغ-ويست بوميرانيا في شمال شرق البلاد، وولاية ساكسونيا السفلى الساحلية.

وبحسب أرقام صادرة عن معهد روبرت كوخ الصحي، أصيب 9,5 مليون شخص في ألمانيا الأسبوع الماضي بنوع من أمراض الجهاز التنفسي، من جميع الفئات العمرية، في بلد يبلغ عدد سكانه 84 مليون نسمة. والرقم أعلى بكثير من ذلك الذي سُجل خلال الفترة نفسها من عام 2021، وهو أعلى مما كان عليه في ذروة وباء الإنفلونزا في موسم 2017-2018. وترى شميدت أن تدابير عصر النفقات تقف وراء العديد من هذه المشاكل.

وتقول الطبيبة البالغة 63 عاماً: «على مدى سنوات، اتُخذت تدابير تقشفية على صعيد نظامنا الصحي. والأطفال هم أول من يدفع الثمن».

تدني الأجور ونقص الاستثمار

يوجد حالياً 18 ألف سرير بمستشفيات الأطفال في ألمانيا، انخفاضاً من 25 ألف سرير في عام 1995، وفق وكالة الإحصاء الفدرالية.

وتقول شميدت: إن ألمانيا، مع تسارع شيخوخة السكان فيها وتسجيلها معدلات خصوبة أطفالها أدنى من الكثير من جيرانها الأوروبيين، استثمرت القليل في رعاية الأطفال. وتلفت إلى أن الأطفال «لا ينتخبون ولا نكسب المال من علاجهم».

ويقول منتقدو السياسات الصحية في البلاد: إن إصلاحات الرعاية الصحية التي تهدف إلى خفض التكاليف أضرت بشكل خاص برعاية الأطفال، بينما تكافح المهن الطبية لجذب وافدين جدد إلى القطاع. وتوضح شميدت التي تستعد لترك منصبها أن «الكثير من أطباء الأطفال سيتقاعدون في السنوات المقبلة».

وتلفت إلى أن جيل الشباب يريد الجمع بين العمل والأسرة، وهو تحد في مهنة تتطلب غالباً ساعات طويلة وفي أوقات غير متوقعة.

وفي بلد غني مثل ألمانيا، غالباً ما تكون رواتب مقدمي الرعاية أقل من المطلوب لاستقطاب وافدين جدد إلى المهنة.

وتقول شميدت: «في رأيي، هم يتقاضون رواتب متدنية»، إذ «إنهم يعملون كثيراً، في الليل وفي عطلات نهاية الأسبوع».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2cxvuzdj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"