عادي

عبدالواحد نور الذي سقط

02:20 صباحا
قراءة 3 دقائق
حصيلة السودانيين الذين تسللوا إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة طالبين اللجوء السياسي في الكيان الصهيوني تقدر بأكثر من 3 آلاف شخص استقبلتهم جماعات من الفلاشا ذات الأصول الإثيوبية والإريترية وبعضهم من أصول سودانية. هذه الجماعات التي تعمل تحت امرة إسرائيل قاموا بتهيئة أوضاع المتسللين من دارفور ويقومون حالياً بعمليات التدريب العسكرية لهؤلاء الفارين كما يلقون الرعاية الكاملة من السلطات الإسرائيلية بأفضل ما يكون لجعلهم رهينة عندها ربما يتم استغلالهم في تنفيذ عمليات إرهابية ضد المصالح الوطنية في السودان أو بهدف تحقيق إسرائيل لحلمها الكبير بالسيطرة على منابع النيل والفرات.

المهم في أصل هذه القضية الشائكة أن زعيم حركة تحرير دارفور عبدالواحد محمد نور هو الآخر مد يده إلى إسرائيل زعيماً لحركة التمرد وهيأوا له الفرصة بأن أتاحوا له فتح مكتب للحركة في إسرائيل بحجة رعاية هؤلاء الفارين إلى الجحيم. ولعل موقف أنصار نور من تصرفاته غير المدروسة قد يغير من وضعه غير المتزن لزعيم كان يمثل قبيلة الفور، وهي من أكبر القبائل المعروفة في ولايات دارفور، وبذلك يلقى عبدالواحد الضربة القاضية بعد أن وجه له من قبل مني أركوي مناوي ضربته الأولى بانشقاقه عنه كفصيل له ثقله في الحركة ممثلاً عن قبيلة الزغاوة التي تعد من أكبر القبائل ذات الأصول الإفريقية في دارفور وتشاد بعدما تصالح مناوي منفرداً مع الحكومة السودانية في اتفاق أبوجا، وحالياً وبعد تورطه مع الكيان الصهيوني لم يجد عبدالواحد محمد نور مفراً من أزمته الحالية إلا الرضوخ أمام سيل الاتهامات الموجهة إليه من أنصاره وأتباعه وعشيرته في دارفور، وقد اتهموه بالخيانة رغم تصريحاته البالية التي أعلنها مراراً بحجته الواهية أنه لم يجد مناصاً من فتح مكتب للحركة في إسرائيل لتقديم الرعاية للهاربين من أهله لكن حجته لم تكن مقنعة لأهل دارفور الذين يرون حقيقة إسرائيل وخططها في التوسع الاستعماري بالمنطقة، وأعتقد أن شجاعة الدارفوريين ومواجهتهم لزعيمهم الزائف نابعة عن أصالة حقيقية رغم المشكلات التي يواجهونها والممثلة في قضايا التهميش.

وبالتالي فإن قضية دارفور كما هو ثابت تؤكد للجميع أن أجندتها السياسية كانت ولازالت خالية من أية أجندة خارجية على الأقل من جانب أبناء دارفور المخلصين وإلا كان أهل دارفور التفوا حول زعيم حركة التمرد وهتفوا بحياته جراء محاولاته الرخيصة في التطبيع مع الكيان الصهيوني، من هنا أجد أن الدرس الكبير الذي لا بد أن يفهمه عبدالواحد محمد نور أن عشيرته حينما أيدته من قبل لإعلان التمرد على الوضع المزري في دارفور كان التأكيد من باب اخضاع الحكومة السودانية للنظر في أوضاع هذا الإقليم مترامي الأطراف والذي يحتل مساحة شاسعة من الأراضي تصل إلى 510 آلاف من الكيلومترات، ومحرومة من أدنى الخدمات الأساسية، ولم يلق نور التأييد من جماهير دارفور حينما كشف عن قناع الخيانة والمتاجرة بقضيتهم عند الصهاينة مهما كانت حججه ومبرراته هذه التي لم تقنع الدارفوريين. وأعتقد أن نور المقيم حالياً في باريس يمر بلحظات عصيبة لم يمر بها طيلة السنوات الخمس من عمر قضية دارفور التي تم تصعيدها دولياً بلا داع، بعدما كانت تلك القضية تعالج من قبل بين العشائر وزعماء الإدارة الأهلية. ويقيني أن نور يحاول أن يرتب أوراقه التي تبعثرت في دارفور وباريس وإسرائيل للملمة شتاته وها هو الآن يحاول أن يهدئ من الوضع والهجوم الذي يلقاه دوماً بمد يده لحكومة الخرطوم، وأن تتاح له الفرصة من جديد للجلوس على طاولة المفاوضات من أجل المصالحة، أعتقد أن الحكومة قد توافق على المفاوضات من مصدر القوة، وهنا لا أنصح نور بأن يتخلى عن زعامة الحركة حتى لا يجلس على طاولة المفاوضات بوضعه المنكسر، وأصابع الاتهام تشير إليه بالخيانة والتطبيع مع الكيان الصهيوني، بل أرى أن تجتمع قيادات الصف الثاني في فصيل هذه الحركة ويقرروا في رأي جماعي على استبعاد نور من الزعامة حتى تحفظ الحركة ماء الوجه وتصعيد من يخلفه لتكون كفة المفاوضات قوية بين الجانبين، والمهم في الأمر أن يضع قادة التمرد مصلحة جماهير دارفور كأولوية، ولتعلن دارفور وبقوة رفضها لغزل إسرائيل الرخيص.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"